السبت، 14 أغسطس 2021

محاضرات الشيخ عبد الجليل لشهر محرم ١٤٤٣ هـ الليلة الرابعة

 الليلة الرابعة:

 استعداد الإنسان للإنحراف هل يجعله أمينا على الأخلاق؟


يقول الإمام الحسين ع مخاطباً ( لقد خشيت عليكم ايها المتمنون على الله ان تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محقورة..) 

م:أهل البيت في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ٣٢٩


نقطة الإرتكاز في حديث هذه الليلة : المرجعية البديلة للأخلاق مع من يدعي ضرورة تحويل المركزية إلى المجتمع للإنسانية 

لمعالجة هذا الموضوع نحتاج إلى 

البند الأول : تجذر الإنحراف وما هي حقيقته وماذا يساوي من الصور 

البند الثاني : العلامات السلبية للإنحراف ومحددات الإنحراف 

البند الثالث : حجم المأساة مع الإخفاق المجتمع الأخلاقي 

البند الرابع : الدلالة الانثروبلووجيا 

البند الخامس : الإنقلاب 

البند السادس : الانحراف الناعم ( المضمر ) المراوغ 


البند الأول : 

تجذر الانحراف وما هي حقيقته وماذا يساوي من الصور 

الانحراف قد يصل إلى الجذر وقد يمتد الجذر له امتداد آخر  هذه الصورة نطبقها على الانحراف 

فقد يصل الإنحراف للدهماء من الناس أي وجهاء والقوم وعليتهم فإذا وصل لمن خلفهم وأتباعهم تصل إلى امتداد في الجذور 

وبتعبير آخر قد يكون الانحراف متحّيز وقد يكون  غير متحيز 

المتحيّز يكون لطبقة من الناس بخلاف غير المتحيز الذي يكون الانحراف عام للناس جميعاً 


البند الثاني :

 العلامات السلبية للإنحراف ومحددات الإنحراف 

نقدم رؤيا خاصة لأبن رشد وهو أكثر شخصية عالمية دارت حوله أطاريح جامعية ودارسات وقدم لنا ابن رشد رؤيا تحت عدة نقاط :


١-نقص الفطرة: وأحتمل أن يكون أنبوءه فلسفية أو لها أصل أستقاها دلالاتها من رواية هنا اوهناك 

يقول البعض يولد ناقص الفطرة ولا نوافقه على ذلك لأنه يصادم مسلمات الإسلام لأنه قد يتغير إذا الإنسان تام الفطرة 


٢-ويولد البعض فطرته سليمة ولكن ناقص الفكرة  ولكن حين يكبر  يكون له سوء نظره فيها وهذا المسألة في خصوص الفرد وكلامنا اليوم عن المجتمع أحياناً نرى هناك سن قوانين ومدارس اللانحراف حينها كيف يواجه هذا الانحراف 


٣-غلبة الشهوة على العقل و تحمل قسمين 

شهوة شرهية وعادتاً تكون في شهوة البطن 

شهوة شبقية وعادتاً تكون في الأمور الجنسية 

وأحياناً تجد المجتمع يعين على الانحراف في تحليل الحرام لغرض أخر دنيوي فبعض الزوجات تعلم بإنحراف زوجها في السفر وهي راضية بذلك بل قد تعطي زوجها المال ليقوم بالفواحش ولا يطلب الحلال هو أن يعدد في الزواج بتبرير أن الفواحش تنسى مع الأيام بينما التعدد الحلال لا ينسى. 


٤-فقدان المعلم المرشد وهو الهادي وليس الذي يعلم بالبيان فقط  بل هو هادي لغيره مثل حب الناس للمرجعية أو حب الاسرة للأب. 


٥- هو اللاشي الذي يجمع السلبيات الأربع السابقة مجتمعة هذا المجتمع لا ترجوا منه عافية فهو ميت ولا يعود للحياة .



البند الثالث : 

حجم المأساة مع الإخفاق المجتمع الأخلاقي هل نتيجته الإخفاق مع الفرد ؟ 

الجواب لا بل المجتمع نفسه وقد بين القرآن الكريم في كثير من المواضع انحراف المجتمع وأنه أكثر خطراً من الانحراف عند الفرد فحين يتحدث عن الكيان الاجتماعي تجده يحشد الآيات الكثيرة مثل قوم نبي الله نوح وقوم نبي الله لوط وقوم نبي الله صالح عليهم السلام كيف أنهم معاندون في الانحراف. 

وهناك أمر أخر في الانحراف الاجتماعي يذكر حيث يذكر بداية الإنحراف ولا يذكر نهاية هذا الانحراف إلا بعض المجتمعات الذين صب عليهم العذاب صباً كقوم نبي الله لوط و قم نبي الله صالح عليهما السلام 

في المقابل تجد  الانحراف الفردي له بداية وله نهاية مثل فرعون هلك على يد نبي الله موسى ع والنمرود على يد نبي الله إبراهيم وغيرهم .

ومواضع انحراف الفرد في القرآن الكريم قليلة ومحدودة. 


الخلاصة : أن انحراف المجتمع يصعب احتوائه أو يكاد يستحيل إصلاحه عكس الانحراف الفردي يمكن احتوائه واصلاحه 


البند الرابع : 

الدلالة ( الانثروبلووجيا ) وهي رصد العادات والتقاليد العريقة عند الانسان والمجتمع المحيط به. 

هناك انحرفات متكررة في المجتمعات لماذا؟ 

نقول : هذا الإنزلاق والإخفاق طبيعة متكررة ونستطيع أن نغتنم منها دلالة فكرية وهي ضرورة وجود الإمامة أو لا أقل تؤمن لعدم عبثية وجود الإمامة لتصلح هذه الإخفاقات 

مثال : أنت حين تفتح روضة للأطفال وطبيعة الأطفال يحتاجون رعاية على الدوام من قبل مربيات فاضلات يقوّمن سلوك الأطفال فهذا أمر إيجابي . 

لنسقط ذلك على المجتمع حينما نقرأ المجمتع عبر تاريخه تجده غالباً يكون في الانحدار أكثر من الصلاح ولذا دائما يحتاج هذا المجتمع لوجود الهادي والمصلح والإمامة في قيادة هذا المجتمع. 

وهنا نجمل ما وصلنا إليه في نقاط مايلي : 

 

أ- الانثروبلووجيا تعني مراقبة حياة الإنسان وهي رصد العادات والتقاليد الشبه مستمرة عبر تاريخ الفرد والمجتمع طيلة سنين طويلة مع وجود تكرار في حالات مختلفة رغم تباعد الزمن. 


ب-الكلام سابقاً عن الإمامة كان لاهوتياً  والأن أصبح مفتوح فأصبح اثبات الإمامة يتحرك في أكثر من اتجاه علمي فهناك دليل اننثربولجي والدليل الاجتماعي والدليل السسيلوجي وغير ذلك. 


ج-قد تقول هذا لا يكفي في اثبات الامامة نقول نعم مرة تقول نظرية ضرورة الإمامة ومرة تقول عدم عبثية الإمامة فكلامنا عن الثاني وهو عدم عبثية نظرية الإمامة بعد أن عرفنا أن تاريخ البشرية دائماً يحتاج لوجود المصلح الأمين على رعاية مصالح الناس . 


البند الخامس : الانقلاب 

الانقلاب هو : التحول أو التغير  السريع فمرة يكون هناك انقلاب صعودي وهناك انقلاب نزولي ولأننا نتكلم عن الأخلاق نقول هناك انقلاب كمالي وانقلاب انحطاطي 

فانقلاب كمالي حينما أستجاب الناس لتعاليم والقيم الأخلاقية التي دعى إليها النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في بداية الدعوة وعملوا بها حباً وكرامه رغم ما كانوا عليه من جاهلية وعصبية 

وهناك صورة انقلاب عكس الأولى تماماً مع النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكن بعد وفاته انقلبت انقلاب انحطاطي حيث صورها القرآن الكريم بقوله 

 { وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }ال عمران 

ففي صور من الانقلاب الكمالي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول البعض 

أغرب انقلاب في تاريخ البشرية حصل مع النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم 

حيث قلب صورة الانحراف المجتمع إلى صورة أفضل مما كانوا عليه بأن غير المفاهيم المغلوطة إلى مفاهيم قيمية فكان من صورها 

ألف بين قلوبهم وحرم عليهم الخمر والفواحش وكانوا يسمعون له طائعين راغبين فيما أمر ومنتهين عمى نهى بل وصل الأمر أن تشكل خط فدائي في الإسلام يفدي بروحه لأجل سلامة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم 

مثل عمر ابن الجموع كان شديد العرج ويريد أن يقاتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في معركة أحد رغم أنه قد سقط عنه الجهاد ورغم ذلك أصر أن يقاتل رغم طلب أولاده التضحية بدل عنه ولم يسمع لكلامهم  حتى ذهبوا به إلى النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله فقال لهم دعوه إن له أمر لا بد بالغه وفعلاً استشهد في معركة أحد 

وكذلك فضيل ذهب كرسول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لقريش فصلبوه على خشبة وقالوا له هل تتمنى يكون على هذه الخشبة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهم بقلب حديد لا أريد من النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يفديني بشوكة فضلاً عن نفسه المقدسة 

وكذلك تلك المرأة العظيمة التي لها نصيب من الفداء 

فهناك امرأة قالوا لها أستشهد أبوك وزوجك وأخوك في معركة التي خاضوها مع نبي الرحمة فقالت لهم وكيف رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا له سالم فوقفت عليه وقالت بقلب صادق كل وجود بعدك جلل. بالمقابل 

هناك نموذج انقلاب انحطاطي 

مجرد ما يذهب القائد يعود الانحطاط الأخلاقي والقيمي وذلك نتيجة الطغيان

 فتُكون الأسباب الخمسة الذي ذكرها أبن رشد الأنفة الذكر. 

 ‏

الخلاصة: الانقلاب الكمالي فرقه عن الانحطاطي أن الكمالي هو 

الأنقلاب الكمالي يكون زمنه محدود وقصير 

والإنقلاب الانحطاطي يكون طويل الأمد ومستمر كما يقول الصحابي أنس حينما 

قال : لم أرى شيئاً مما كان في عهد رسول الله صلى عليه وآله وسلم. 


البند السادس: 

الانحراف الناعم (مضمر) أو مراوغة الانحراف 

تجد هناك من الناس يحبون أهل الصلاح بطبيعتهم ولكن يكرهون المُصلح الذي يريد ترتيب أفكار الناس وتقويم سلوكهم وتقدمهم في الأمم 

مثال : الشيخ أبو المجد الأصفهاني كان رجل عالم وفلتة زمانه وهذا كتب رسالة للشيخ حسين كاشف الغطاء يشتكي من بعض أقرانه لأنه كان يقرأ الثقافة الأوربية في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر للرد عليهم والدفاع عن الدين ولكن أقرانه هذا السلوك منه لم يعجبهم فحاربوه وشوهوا صورته رغم أنه مصلح . وهناك مصلحين نجحوا بعد طول سنين مثل النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وكذلك الحسين عليه السلام .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...