الأربعاء، 22 سبتمبر 2021

تقرير ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي)

تقرير ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي) للشيخ الاستاذ عبد الجليل البن سعد حفظه الله 

سؤال الأول : ما هي مناهج البحث التاريخي المختلفة ؟

الجواب : أتصور حسب قرائتي أن هناك ثلاث أشكال من الناس يتناولون التاريخ  ونسميه علم التاريخ وهم ( كاتب التاريخ -قارئ التاريخ - باحث في التاريخ ) ويصعب التزاوج بينهم إلا بمقدار ما يتفقون عليه . 

١-كاتب التاريخ: أما يكتبه على خلفية الموضوعية أو على خلفية الذاتية أو يكتب بين الذاتية والموضوعية.

٢-قارئ التاريخ: هو الذي لا شأن له في البحث ولا في كتابة التاريخ ولكن يضع على عينيه نظارته الخاصة أي أنه يتناول التاريخ حسب خلفيته الثقافية وبيئته المعرفية. مثلاً لو أن هناك قارئ منتمي للمنطقية الوضعية سيقرأ التاريخ ويفسره وفقاً وطبقاً على المنطقية الوضعية . كذلك لوقرأها حسب الحتمية التاريخية كماركس سيترجم التاريخ وفق هذه الثقافة وهكذا بقية القراء..

وهذه مشكلة فحين يريد موقف من قضية تاريخية في صفحات النت وهو لا يفرق بين القارئ والباحث للتاريخ يقع الخلط فتكون النتائج ليست في محلها ولذا على القارئ أن يضع نفسه في المربع الذي يتناسب مع توجهه. 

 

٣-باحث في التاريخ: وهنا تتجلى صعوبتان وهي الولادة الفكرية ونزع الروح لإنهائها 

الأولى الولادة الفكرية: قضايا تاريخية يصعب الحكم عليها لتعدد طرقها وتحتاج إلى حسم فيها كي ترتع في العقول والأفهام.. 

الثانية نزع الروح: بمعنى هناك قضايا تاريخية شاخت وهرمت من وهنها الفكري وتحتاج التخلص منها من جسد الأمة. 

💡البحث التاريخي أقرب حقيقة له هو عملية تحديث للإنسان لكنه تحدث قهقراني أي أن الإنسان يتحدث بالماضي كعلم الأنثروبولوجيا وعلم الجيلوجيا حيث يتبع رواسب وآثر يحاول يعطي قراءة كاملة للإنسان أو يكمل قراءة الإنسان ولذا ذكر أحد العلماء أن البحث التاريخي ليس بحثاً تجريباً يحتاج إلى اختبار ومعمل مخبري بل هو أشبه بالعلم الجيلوجي بحيث يبحث في الماضي ليحدد هوية الحاضر  . 

فمن غير الدعاوى اليوم كن في البحث التاريخي كن تاريخياً حيث قول البعض لا تقوم بتحليل التاريخ لأنك إذا حللت خرجت من كونك تاريخياً وصرت فيلسوفاً 

لأن الأكاديميين اليوم يقولون في جامعاتهم لكي تبحث في التاريخ وتفهم أبعاده تحتاج مساعدات منها علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وعلم اللغة وعلم السكان ولذا نستغرب حين نريد أدخال الفيلسوف أو المتكلم كمساعد يرفضون ذلك لماذا؟!


السؤال الثاني : 

في الواقع التاريخي يختلف فهمه بين طائفتين السنة والشيعة عيد الغدير نموذجاً فالشيعة تفهمه تنصيب من قبل الله والسنة  ترفض الفكرة ويقول لا يعدوا أن يكون بعنوان النصرة والمحبة دون إلزام المسلمين لإتباعه ؟

الجواب : السؤال يتحدث عن الأيدلوجية بحيث كل طرف يتهم الأخر في فهم الواقع التاريخي بناءاً على أيدلوجيا خاصة لكل طرف . فالسني يتهم الشيعي عنه مؤدلج على النص من قبل الله والشيعي يتهم السنة أن فهمه مؤدلج وكل طرف يدعي أنه على حق والآخر على باطل وهذا الأمر ينسحب على الأدب بين البصريين والكوفيين وكذلك في الفقه . 

فهل يمكن فحص وتحديد الأدلجة؟ 

الجواب: نعم يمكن فحص ذلك ولا يحتاج علاجها لمزيد عناء كيف ؟ 

لأن الأدلجة لها علامات نشطة وواضحة مضمونة الشهادة والإدانة مثال قضية فدك او الغدير كلها تاريخية وهي ليست مختصة بمذهب دون آخر بل هو واقع محسوس بين الطرفين فقضية الغدير كتب القوم مليئة من الشواهد الذي ينكرها جاحد في كتب السنة فحين نراه لا يستجب نعرف أنه مؤدلج . 


السؤال الثالث : 

هل النظرة العقائدية تؤثر على توجيه النص التاريخي مثل قضية عبس وتولى فالتفسير الشيعي يرى أنه يستحيل أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وآله لنظرته العقائدية أن النبي الأعظم على خلق عظيم والتفسير السني يرى أنها نزلت فيه فما هو تعليقكم ؟


الجواب: نقول لك من هو المفسر؟ وهل مات المفسر أم مازال حي ؟ 

لقد أنتهى دور المفسر في القرن الثالث والرابع الهجري وكان دورهم في التفسير أنه يفسر الآيات القرآنية بالمأثور من الروايات أو بمعناها اللغوي وآخرهم العلامة الطبرسي في كتابة مجمع البيان قدس أما المفسرون اليوم مثل العلامة الطباطبائي وغيرهم نقول هؤلاء اليوم هم باحثون من حيث أنهم علماء وفقهاء ومتكلمين وفلاسفة والعرفان ويصطلح عليه بالفارسي ( ملا و أخوند )  فلا يبحث في علوم القرآن إلا من لديه قدم راسخ في الفلاسفة والفقه والعرفان وعلم الكلام و الأصول وكلها متمثلة في مراجع الطائفة ثم الأمثل فالأمثل من العلماء 

💡وهذا يزيل شبهة أن العلماء والمراجع لا يوجد عندهم تفسير للقرآن الكريم كيف لا يكون عندهم والقرآن الكريم وديعة عندهم في كل أبواب العلم التي يخضونها كل يوم فتجاوزنا عصر التفسير إلى عصر القرآنيات اليوم وأصبح القرآن الكريم حق للجميع فهناك سلوكيات في البحث تسمى محاصرة مثل هات لي آية في القرآن تذكر علياً بالاسم؟

أو أثبت لي أن هذه الزيارة صحيحة سنداً من أولها لأخرها؟ 

وهذه الهندسة العصبية النفسية كانت موجودة عند السلفية وانتقلت في العقدين الأخرين إلى بعض أبنائنا في المذهب للأسف الشديد وهذا السلوك ليس منطق بحث 

والصحيح هو أن تقول أثبت لي وجود أهل البيت عليهم السلام في القرآن بأي وسيلة كانت ؟ أو أثبت لي سند هذه الزيارة سنداً حتى لو أدى الإثبات أن أخذ كل مقطع لوحده من الزيارة وأجد له طريق اسنادي يصححه. 

نأتي إلى رواية عبس وتولى .. هل هي مبهمة مستورة أو واضحة ؟ الجواب أنها مبهمة وهناك قاعدة عامة تبين منهج القرآن الكريم وهي : نزل القرآن الكريم إياك أعني فاسمعني يا جاره ولذا في آية عبس وتولى جاءت عامة بعنوان إياك أعني فاسمعي يا جاره لأن القرآن الكريم جاء محكم ومتشابه فإذا علمنا أن عبس وتولى متشابه نعمل أليات وأدوات كشف المتشابه منه 


السؤال الرابع :

 كيف نتعامل مع ذهاب عقيل أبن أبي طالب إلى معاوية ؟ 

الجواب : لا بد أن نعرف متى ذهب عقيل ابن أبي طالب حسب النقل التاريخي فهل ذهب بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام أم في حياته فإذا سلمنا أن في حياته لنرى ما هو الحوار الذي دار بينه وبين معاوية وهناك نص تاريخي يقول حينما جاء عقيل أبن أبي طالب لمعاوية أبن أبي سفيان تقول الرواية ( فأتى معاوية، فأعطاه مئة ألف، ثم قال: اصعد على المنبر، فاذكر ما أولاك علي وما أوليتك، قال: فصعد المنبر فحمد الله، ثم 

قال: أيها الناس إني أخبركم أني أردت عليا على دينه، فاختار دينه علي، وأردت معاوية على دينه فاختارني على دينه ) عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - الصفحة ٩٤


. وهناك نقل أخر أنه أستأذن عقيل أبن أبي طالب من أخيه ليذهب لمعاوية 

قال: فإني آت معاوية. فأذن له، فأتى معاوية، فقال له: يا أبا يزيد كيف تركت عليا وأصحابه؟

قال: كأنهم أصحاب محمد إلا أني لم أر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم، وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه إلا أني لم أر أبا سفيان فيكم.... 

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - الصفحة ٩٥


السؤال الخامس :

 إذا مررنا على بعض صفحات التاريخ نجد أن هناك مواقف بين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام غير منسجمين وكأنما هناك اختلاف بينهما في التشخيص في الموضوعات الخارجية وهذا يصادم مطلب عقدي عندنا وهي العصمة فقد نقل لنا التاريخ في كتاب معرفة الرجال للشيخ الطوسي قدس في باب قيس أبن عبادة القصة باختصار أن معاوية طلب من الإمام الحسن عليه السلام أن يقدم مع أخيه الحسين عليهما السلام وأهل بيته وأصحابه فطلب معاوية من الإمام الحسن عليه السلام البيعة فبايع ثم طلب من الحسين عليه السلام فبايع ثم طلب من سعد أبن عبادة البيعة فنظر سعد إلى الإمام الحسين عليه السلام فقال له الإمام الحسين عليه السلام أنه إمامي ... فما تعليقكم ؟ 

 ‏

الجواب : كأنك تريد أن تقول أن لايوجد توافق بين الإمامين الحسنين عليهما السلام في هذا النقل التاريخي وهنا نعلق في ذيل هذه الرواية على رجال الكشي قبل الولوج للجواب 

ونقول : أن البحث عن النص التاريخي شيء وأن البحث عن المنهجية في البحث التاريخي شيء آخر  ولذا لن يكون الجواب بما يفهمه القارئ ولا على لسان الكاتب ولكن سيكون الجواب نيابة عن الباحث في تناول مثل هذه السرد التاريخي 

فنقول: هل هذه القصة متواترة  حد الاستفاضة وهل يمكن فهما ببساطه أم تحتاج لطريقة معقدة وهل ستحرج المتكلم وتجرح العقيدة وأنه لا يوجد لها وجه آخر لتفسيرها؟ 

١-فنقول حسب النص التاريخي أن محمد أبن بشير دخل على الحسن الزكي عليه السلام بعد المهادنة مع معاوية فقال له (السلام عليك يا مذل المؤمنين ـ يقصد الإمام الزكي عليه السلام ـ فأجابه الإمام الحسين عليه السلام فنفى هذه الصفة عن أخيه الحسن عليه السلام .. والمفاجئ أن هذا النص في كتاب الكشي أيضاً 

٢-وينقل كتاب بعد مقتل الحسين للسيد بحر العلوم حينما كاتبه أهل الكوفة في عهد معاوية ويحثون النصرة بعد استشهاد الحسن الزكي عليه السلام والمكاتبة استمرت قرابة العشرون عام فكان يرد على كتابات أهل الكوفة الإمام الحسين عليه السلام ( إن بيني وبين معاوية عقد وعهد ) ولم يعبر بالبيعة 

٣-وينقل كتاب الكشي في نفس الصفحة أن قيس حينما قال له قم وبايع فالتفت الإمام الحسن عليه السلام فقال له هل بايعته فلاذ الإمام الحسن الزكي عليه السلام بالصمت ففهم قيس أنه لم يبايع فهدده معاوية إن لم يبايع فقام الإمام الحسن عليه السلام من مكانه وهمس في إذن قيس فقبل قيس منه وذهب وبايع . 

٤-حينما دفن الإمام الحسين عليه السلام أخاه الحسن الزكي عليه السلام فوقف مؤبناً لأخيه مادحاً له وما قام به من رد الفتنة ورد كيد الأعداء عليهم والمواقف البطولية والإصلاحية للإمام الحسن الزكي . 


💡الخلاصة : هناك من يقول لو أخذنا اشكالك في نقل الرواية التي سقتها أنه إمامي تفهم أن الإمام الحسن الزكي عليه السلام غير معصوم ولكن مفترض الطاعة والحال بعد البحث في النصوص التاريخية كشف لنا الأمر أنه هناك توافق ورضا بين الحسنين عليهما السلام هذا إذا وقفت على الموضوع كباحث وهنا المفارقة .

💡ملاحظة مهمة هنا : أن معاوية كتب سناريوهات للأحداث ضد أهل البيت عليهم السلام أم لا ؟ الجواب من يقرأ التاريخ يجد ذلك واضحاً من سيرته نعم فعل ذلك فحين رأى الناس تتحدث عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام فامنعوا الناس عن الحديث عن أبي تراب وحدثوا الناس عن مناقب فلان وفلان وفلان من الصحابة وقسم من هذا الموضوع نقله أبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة رغم أنه كتب ضد الشيعة والرد على الشريف المرتضي على كتابه الإمامة ورغم ذلك فيه لنا خير كثير . من محاولات معاوية أنه نقل أكاذيب على لسان الحسن الزكي عليه السلام أنه ضد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وأنه عثماني الهوى ويستشهد برواية مكذوبة على لسان أمير المؤمنين عليه السلام أنه يوماً مر بولده الإمام الحسن عليه السلام وهو يتوضأ فقال له أبيه أسبغ الوضوء يا حسن فقال ( الذي يسبغ الوضوء قتلتموه ) يعني عثمان . 

وعليه علينا البحث عن كل هذه المحاولات في تشويه أهل البيت النبوي من نصوص تاريخية وهل مصادرها من عندنا فقط أم نقلت من مصادرهم وشهادات مؤرخين ولذا تستغرب من البعض يقول لماذا تنتقون الروايات التي تنزه الإمام الحسن الزكي عليه السلام في حال أنه هو من يقوم بهذا الدور في الانتقائية . 


السؤال السادس : 

في النصوص التاريخية فيما يتعلق بالعصمة في الموضوعات الخارجية للمعصوم هل تتأثر بالعقيدة في رتبة سابقة أم متأخرة ؟ وكيفية التعاطي السليم لهذه المفردات ؟ 


الجواب : 

هل السائل يقصد الموضوعات الخارجية في تصرف المعصوم المتعلقة بالأمور الخاصة في دائرة المعصوم أم بالموضوعات التي تختص بالموضوعات العامة التي تمس كل الناس أم الموضوعات الخارجية التي تختص بأمور مصيرية أم موضوعات جزئية؟ 

ماهي فكرة إمام ومأموم ؟ هو أن يكون المأموم متكأً إتكاءاً تاماً على معرفة الصواب والخطأ من الإمام وهذا ما يقول له مجمل الفقهاء عندنا . أليس من التغرير بالجهل على الناس حينما يتخذ الإمام أمر خاصاً بمصير الناس ويقول لهم هذا رأي الخاص وليس عن الله سبحانه فلو نادى الإمام المعصوم بالجهاد هل هذا عن الله أم عن نفسه وهذا نستكثره على الفقيه فضلاً عن المعصوم ذاته ولذا كل سيرة أهل البيت عليهم السلام إذا رأيت مواقفهم لم يقل أحد فيهم هذا تشخيصي الخاص ورأي الخاص .. 


السؤال السابع : 

يقوم المنبر الحسيني بدور مهم في توجيه الناس ولذا كيف نحافظ على هذا المنبر من أن لا ينحرف من أن تسرد فيه القصص التاريخية الغير موثقة ؟


الجواب : للحفاظ على المنبر يجب على الخطباء المتصدين علينا أخذ السرد التاريخي من أقوال علمائنا من الفقهاء والمراجع ولكن هذا لم يحصل في بعض الأحيان ولذا انحسرت هذه المنهجية للأسف الشديد في الحوزات العلمية فالسيرة العلمية تراعي كثير من المفردات مثل ( في الرواية – أو في الأثر – نقل – وفي الخبر – وفي بعض المنقولات – وفي المشهور ) لو عُرّفت هذه المفردات للناس وثقفة بها  لأرتاح الناس في الاستماع للمحاضرة ومقدار تلقيهم لها 

لنأخذةة مفردة النقل في مصاب فاجعة الطف مثلاً  : نقول ما هو الطريق للوصول للنقل وهل هي محصورة في المقاتل أو هي متناثرة في جملة من المصادر مثل موضوع عطش العباس عليه السلام حيث نقل لنا من يصور عطش فلم نجد له شاهد في المقاتل وإنما وجدناه عن أحفاد العباس عليه السلام نقله في قصيدة له وكذلك تجد بعض الأحداث في كتاب الأدعية 

بحيث إذا بحثت عن قضية تاريخية في فاجعة الطف في المصادر المنتظمة في المقاتل والمغازي والسيرة وهناك مصادر تجدها في المتناثرة من الدعاء والنهج والقصائد وتحمل نوع من الأهمية. ولا ندعي اعتبارها ولكن تحمل أهمية مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد أبن أبي بكر أنه أبني من صلب أبي بكر وكذلك لأبنه محمد أبن الحنفية حين يقول له أحمل يا بني أنت أبني حقا ويستغرب البعض ثم يقول الحسنين أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا كله في المتناثرات. 


السؤال التاسع :

ما هي مدارس البحث التاريخية في المدرسة الشيعية ؟

الجواب : توجد مدرسة واحدة وتتلخص في أنها تتابع كل قضية تاريخية في جميع المصادر التاريخية وبذل وغاية الوسع لعمل التوفيق بين المصادر هكذا مسلك أكثر المؤرخين المعاصرين مثل الشيخ جعفر السبحاني والريشهري والسيد جعفر مرتضى العاملي ولكن أين تقع المفارقة بينهم تقع في التحليل والرؤيا لوجود الاجتهاد في الساحة التاريخية . السيد جعفر مرتضى العاملي يجعل في كل قضية تاريخية مفاتيح للبحث مثل الكلام والعقيدة والفلسفة والفقيه والمفسر  فيها تحليل وقراءة وهذا تجاوز عن المألوف . 

والحمد لله رب العالمين 


قراءة تحليلية للندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي)

قراءة تحليلية في ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي) للحوار المثمر لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد حفظه الله 

ملخص ما استفدته من الندوة 


١-أن هناك فرقا واسعا بين أن تكون كاتبا للتاريخ أو قارئا له أو باحثا فيه والظاهر حسب متابعتي المتواضعة لساحة الشباب أننا نقرأ في التاريخ أو نسمع به ولسنا باحثين فيه ولذا نحتاج للتوقف عند القضايا التاريخية التي تشكل علامة استفهام لنا ونعرضها على الباحث فهو أعرف منا في تحليلها ومعرفة حيثياتها.


٢-فهمت أن هناك في التاريخ قسمين الأول التاريخ المنتظم الموجود في كتب السير والمقاتل والمغازي والثاني التاريخ المتناثر في القصائد والأدعية والزيارات والأدب والكلام عن المفقود . وإن هذا يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة في نفي أي حدث تاريخي لعدم وجود مصدر نرجع إليه لأنك لبست نظارة القارئ وليس الباحث .


٣-أن البحث في التاريخ هو عملية تحديث ذاتي للإنسان من خلال أحفورات علمية يكتشفها الباحث من خلال الرواسب الفكرية والعقدية والتاريخية ثم يعيد صياغتها أو يستفيد من ثمارها لبناء ذاته من جديد .


٤-فهمت أن المفسرين للقرآن الكريم هم الذين يفسرون القرآن بما لديهم من نصوص في كلام أهل البيت عليهم السلام أو ما أوضحته اللغة في بيانها لمفردات القرآن وكان آخرهم الطبرسي في مجمع البيان أما المفسرون اليوم فيطلق عليهم الباحثون في علوم القرآن الكريم بحيث يكون القرآن وديعة عند مختلف علومهم في الفقه والأصول والتفسير والكلام واللغة وغيرها فاتسع بهم مفهوم التفسير للقرآن الكريم من أمثال العلامة الطباطبائي صاحب الميزان وغيرهم . 


٥-فهمت أن فهم التاريخ يمر بصعوبات منها الأدلجة ومنها الذاتية ومنها الموضوعية ومنها ما يجمع ومنها ما يفرق فحين تتناول أي قضية تاريخية خصوصاً إذا وقعت بين مدرستين السنة والشيعة فلا تتحرك فيها بالذاتية أو الأيدلوجية أو العقدية بل تحرك في فلك الموضوعية من حيث النصوص والتاريخية ومقارنتها ببعضها وما الاتفاق فيها و ما مورد الاختلاف وهذا لا يقوم به القارئ ولا الكاتب وإنما هي وظيفة الباحث . 


٦-فهمت أن تحليل الموقف التاريخي يمر بمراحل مهمة جداً خصوصاً إذا أحاطت هذا النص سيناريوهات وحملات تشويه منظمة ولذا عليك بمراعاة الزمن التاريخي الذي حدثت فيه الحادثة وماهي خطط الأعداء فيه لتعرف أبعاده وحيثياته. مثل بعض الأحداث التي تخفى على القارئ من الخلاف الظاهري بين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام والذي يفك تعارضه وعدم الركون إليه الباحث في علوم التاريخ 


٧-أن مواقف بعض الشخصيات من ذوي الرحم من المعصومين تطالهم سهام التشويه أيضاً كعقيل أبن أبي طالب من أنه بايع معاوية وخلع أخاه أمير المؤمنين عليه السلام فالباحث حين يغربل التاريخ يجد حملات التشويه غرزت أنيابها في هذه الشخصية خصوصاً إذا عرفت كلمات عقيل بن أبي طالب ضد أعداء أخيه . 


٨-فهمت أن العصمة شاملة للمعصوم في مختلف نواحي حياته خصوصاً إذا تعلق الموضوع بمصير الناس وحفظ دمائهم وأعراضهم وأنها متصلة بالسماء ولم يعهد أن إماما معصوما قدّر للناس أمورا من عند نفسه أو نسب الجهاد لنفسه وإنما نداؤه لله وفي الله وفي سبيل الله سبحانه وإن لم يفعل ذلك فإنه يعد تغريراً للناس بالجهل

وهذا مالا يقبل لفقهاء الشيعة فضلاً عن أهل بيت النبوة سلام الله عليهم .


٩-فهمت أن التاريخ يحتاج لمنهج جديد لقراءته بصورة شمولية وهذا ما عمد إليه بعض أعلام الطائفة في موسوعاتهم التاريخية في السيرة .


٨-الخلاصة : تعلمت من الشيخ الأستاذ حفظه الله أن العالم بزمانه لا تلتبس عليه اللوابس وأنه حريص في كل شيء في تناول المفردات الدينية صغرت أم كبرت وعليه أن يكون صاحب ذكاء خاص وبيان خاص وتورع خاص في تناول أي مفردة من مفردات الدين وإنما تحتاج لمعرفة في كل ذلك كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام :

" يا كميل، ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة " 


ولا تكون المعرفة تامة إلا بإدراك القضايا وفهمها، دركا صحيحا وفهما كاملا، بدراسات حقة ميدانية وتحقيقية، والتي يبتني صرحها الشامخ على ضوء البراهين الساطعة والاستدلالات العقلية اللامعة، والحجج العملية الواضحة.

انظر : الأسرار الفاطمية للشيخ محمد فاضل المسعودي ص١١. أنتهى

💡الخاتمة 

وهذا يعطي حجماً واقعياَ لعقل الإنسان القارئ أو الكاتب ولا يتجاوز حدود الباحث إلا إذا كان مؤهلاً لتحمل تحليل التاريخ وإعطاء الأحكام فيه.

✍️زاهر حسين العبدالله
https://t.me/zaher000
لمشاهدة الندوة كاملة
https://youtu.be/hU5eK2IsAD0
لتقرير الندوة كاملة على الرابط


الأحد، 19 سبتمبر 2021

قراءة تحليلية متواضعة لكتاب المرجعية وقضايا أخرى

 

قراءة تحليلية متواضعة لكتاب المرجعية وقضايا أخرى
مقدمة :

بعد قرائتي المتواضعة لكتاب المرجعية الدينية وقضايا أخرى للمرجع العظيم السيد محمد السعيد الحكيم قدس سره
فقد استفدت جملة من الفوائد وشعرت بعزة أننا نمتلك طاقات فكرية ضخمه ملمة بقضايا الساحة وهموم الفكر والثقافة وفوق ذلك هي متواضعة للتصدي للأسئلة الحساسة التي تشكل هاجساً عند شباب اليوم وتفتح ما هو غامض وهذا الأمر الذي راهن الأعداء بأن يضربوا المرجعية الحكيمة من الداخل بأقلام شبابها ومثقفيهم ليحاربوها بالوكالة عنهم.. من خلال عدة أسئلة تلامس عمق المرجعية وفي تصرفاتها في الداخل والخارج
ولكن كما عودتنا سيرة أهل البيت عليهم السلام وماربوا عليه تلاميذهم من العلماء الأبرار أن يتلقوا أسئلة شبابنا بروح الحلم والعلم والإستعاب والاهتمام والتدرج المعقول والمدروس والخبرة الطويلة و الحكمة في التعامل مع هذه الطبقة الشبابية المؤمنة
وتتركز الأسئلة حول دور المرجعية ونشاطها في المجتمع على مستوى الأديان من الملل والنحل والداخل والخارج في البيت الإسلامي والبيت الشيعي ومفهوم الوحدة والتعامل مع الثوابت في المذهب وعلاقتها مع المذاهب الإسلامية كل ذلك أجابها سماحة المرجع قدس بلغة عصرية واضحة المعالم سلسة العبارات على قلب الشباب مريحة في الأسلوب مختصرة في الجواب شافية لفضول السؤال وافرة المعلومة وغنية القيمة وقوية الحجة بالدليل والبرهان فاستلهمت منها عظمة المذهب وقوة حجته على ممر تاريخها الجهادي والحديث يطول، ولكن نكتفي بهذه المقدمة من جمال ما شعرت به من قرائتي لهذا الكتاب النفيس والنافع للشباب فكانت المرجعية مصدقاً حقيقياً لتجلي هذا الحديث الشريف الوارد في كتاب الإحتجاج: بإسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى.(١)

💡خلاصة ما استفدته أنه :
١- أجاب سماحة السيد محمد السعيد الحكيم قدس سره على تساؤلات حساسة جدا حول دور المرجعية الدينية في زمن الغيبة

٢- أجاب على هواجس تشكل تشويش على قدرات المرجعية في أدارت الأزمات مثل سيطرة الحواشي على قرار المرجعية.

٣-كشفت المرجعية عن مدى عمق معرفتها للمشاكل المعرفية والفكرية والثقافية ومعالجتها بالطرق الصحيحة وفق منظور أهل البيت عليهم السلام.

٤-أعادة الثقة بالنفس واعطتها دافعاً معنوياً حيث زادت الثقة بعلمائها وأنهم جديرين حقاً ليقفوا سداً منيعا لسد هجمات الأعداء أياً كانت أسلحتهم.

٥ -تواضع السيد حفظه الله بوابة للقيم والمبادئ يستظل بها مثقفين اليوم ويبين مدى قصور عقل الشباب المتحمس ويكسر غروره المعرفي أمام جبل الحلم والعلم.

٦- أخيراً انصح الجميع وخصوصاً الشباب بقراءة هذا الكتاب النفيس جداً جداً الذي يكشف اللثام عن كثير من القضايا الهامة في دور المرجعية في زمن الغيبة..

والشكر بعد الله سبحانه وتعالى إلى من دلني على هذا الكتاب إلى سماحة الشيخ الجليل العامل بعلمه علي العبود حفظه الله ورعاه على هذه الهدية التي علمتني حجمي ومقامي الصغير أمام عظمة مراجعنا العظام رحم الله الماضيين منهم وحفظ الباقين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعترة الطاهرين..
✍️زاهر حسين العبدالله
https://t.me/zaher000
المصادر
(١)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٢

الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

ماهي ثمرات حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

 

💎ماهي ثمرات حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام؟
قال تعالى
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كذلك يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(١٠٣)}آل عمران

هذه الآية المباركة لخصت لنا سيرة الإمام الحسن عليه السلام وما سيأتي من الروايات الأحاديث حيث كثرة الفتن في زمانه عند معسكره وكثرة الهرج والمرج في رعيته وقد رأى بعين الله سبحانه أن بيضة الإسلام تهدد بتفرق هذه الأمة ويخوض الناس في دماء بعضهم دون بصيرة ووعي من أمرهم  فرأى أن المخرج الوحيد لهذه الأزمة أن يسير بسيرة جده المصطفى صلى الله عليه وآله في صلح الحديبية وسيرة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام حينما
قال ( لما عزموا على بيعة عثمان:
(لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة، التماسا لأجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه)(١)
فالمدار كان على الحفاظ على بيضة الإسلام وحقن دماء المؤمنين وحفظ الأعراض فقام يوما خطيباً ليكمل المسيرة المحمدية وليمهّد الطريق لأخيه الإمام الحسين عليه السلام بعد أن بلّغ أقصى درجات الحجة على إيمان الناس واختبارهم بحيث لا عذر لأحد بعد أن يكون الحق كالشمس في رائعة النهار عند ثورة أخيه الحسين عليه السلام حيث
وقف وقال : أما بعد فاني والله لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلق لله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا. ... (٢)

فلو تأملنا خطاب الإمام الحسن الزكي عليه السلام بعين القلب لوجدنا أمورا عقدية في علم الإمامة بالغة الأهمية لا يعرفها إلا من أيقن بمنصب الإمامة التي نص عليها الله سبحانه لهم وخصها بهم عليهم السلام وتتركز في..
قوله عليه السلام: (وأنا أنصح خلق لله لخلقه) ، هنا يكشف أنه الوحيد الأعرف بصالح رعيته دون غيره رغم ما يحتمله من سوء الظن به من قراره الذي سيتخذه ،
وحين يقول: (ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة) ينبه أنه أعلم منهم بمصلحة الأمة لأنه متصل أمره بالسماء حيث عقب

فقال: ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم ... أي أنا أنظر بعين الله في أمركم فلا تختاروا ما يضركم ..

الحديث له دلالات عميقة في العقيدة ولكن يكفي ما ذكر على سبيل الإشارة..
وهنا نستلهم عدة فوائد مهمة لكل ذي بصيرة في سيرة الإمام الحسن عليه السلام من خلال الآية الكريمة في صدر المقال وما رافقه من أدلة من العترة الطاهرة .
والفوائد هي  :
١-إذا دار الأمر بين الحق الخاص للإمام نفسه مقابل حفظ الكيان الإسلامي سيكون المقدم هو الحفاظ على الكيان الإسلامي ووحدته وقوته والبقاء على جوهره بين الناس. وهذا عينه ما فعله النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وتبعهم المجتبى عليه السلام فآثر الحفاظ على وحدة الأمة وعدم ابتلائها بحروب غير واضحة بشكل جلي في أبصارهم لعظم مكر أعدائه وتلبسهم بالإسلام وشدة خدعهم لضعاف المسلمين وعدم تورعهم عن القتل والهتك وسفك الدماء .

٢-إذا دار الأمر بين أن يحافظ على الخُلّص من حملة الدين والعقيدة وبقائهم ينشرون قيم السماء وتعاليم رسول الله وعترته عليهم السلام بين الناس أو أن يضحي بهم في حرب يفقد هؤلاء الحملة المؤتمنين على ضعفاء المسلمين فتقدم حياتهم في سبيل الحفاظ على راية الإسلام خفاقة.

٣-قد لزم الأمر أن يعلن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام رأيه الصريح  في تقييمه للنظام الذي صالحه لينزع ظلال النفاق والشقاق التي نشرها بين أتباعه ويكشف زيف خططه ضد الإسلام والمسلين فلا يكون لأحد عذر في اتباعه بعد ذلك .
تجد ذلك في خطبه مثل
حينما قام معاوية خطيباً بين قومه في رواية عن سعيد بن سويد قال:صلى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة، فخطب ثم قال: إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك، إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك، وأنتم كارهون.
قال: فكان عبد الرحمن بن شريك إذا حدث بذلك يقول: هذا والله هو التهتك.(٣)

وإذا رأيت كلمات الإمام الحسن عليه السلام الصريحة في تقييم معاوية والمراسلات التي جرت بينهما مثل :
قال معاوية للحسن بن علي (عليه السلام):أنا أخير منك يا حسن، قال: وكيف ذاك يا ابن هند قال: لأن الناس قد أجمعوا علي ولم يجمعوا عليك، قال: هيهات هيهات لشر ما علوت يا ابن آكلة الأكباد المجتمعون عليك رجلان بين مطيع ومكره فالطائع لك عاص لله والمكره معذور بكتاب الله وحاش لله أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك ولكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل.(٤)

💡الخلاصة :
إن سيرة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وضعت الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها فعرّف الناس الحق ومن أهله وعرّف الباطل ومن أهله أضف إلى أنها جسدت الفضائل والقيم والأخلاق المحمدية والكرم والسماحة والمحبة في قلوب المؤمنين في شخصية مولانا الزكي عليه السلام كما جسدها مولانا الإمام السجاد عليه السلام حينما
قال : أيها الناس أعطينا ستا وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة .. (٥)

فالسلام عليك يامولاي وابن مولاي يا أبا محمد الزكي عليك صلوات والله ورحمته وبركاته حين ولدت وحين استشهدت وحين تبعث حيا ورزقنا الله في الدنيا زيارتك وفي الآخرة شفاعتك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

✍️زاهر حسين العبدالله
https://t.me/zaher000
المصادر :
(١) حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه لمحمد محمديان  ج ٣ ص ٢٥١.
(٢) بحار الأنوار للعلامة المجلسي  ج ٤٤ ص ٤٧
(٣) المصدر السابق  ج ٤٤ ص ٥٣.
(٤) موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ص ١٦٠.
(٥) بحار الأنوار للعلامة المجلسي  ج ٤٥ ص ١٣٨.

الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

حوارية رقم (٦٨) لماذا تعظمون المراجع السيد محمد سعيد الحكيم قدس نموذجاً ..

💎حوارية (٦٨) لماذا تعظمون المراجع مثل السيد محمد الحكيم قدس نموذجاً.. 

 

👈السائل: أخي الكريم لماذا تعظمون المراجع 

 

أولاً: عندنا عدم إقامة العزاء ومجلس الفاتحة لأن المرجعية أمرت بذلك لوجود الوباء فهل نظرت أنها لم تلتزم بما تدعو الناس إليه.

ثانياً: كيف تصف المرجع الديني بنائب الأمام..

ثالثا: أثبت ذلك أن تستطيع واعتبرني ظال.

 

الجواب بسمه تعالى :

🕯أولاً: لم أفهم سؤالك من أنتم حين تقول عندنا عدم إقامة العزاء ومجلس الفاتحة

لأن الأصل في الأشياء الإباحة مالم يأتي نص قرآني أو نبوي يصرح بخلاف ذلك

أما التجمعات التي لا تراعي الاحترازات الصحية وأيدت المرجعية رأي القطاع الصحي في أمرها للحد من الوباء والحفاظ على سلامة الناس فهي مشروطة أخي الكريم .

 فلو فرضنا الكل اخذ اللقاحات ثم تجمعوا فهل هناك مانع ثم لو فرضنا أن هناك أناس لا تلتزم بالاحترازات فما ذنب المرجعية في عدم التزام الناس بأقوالها فوظيفتها الشرعية توجيه الناس أبوياً والناس بخيارهم يختارون ما يريدون. ثم آلا ترى أن الله سبحانه يُحرم الغيبة والنميمة والكذب والنظرة الحرم ورغم هذا تجد كثير من الناس لا يلتزم بتلك النواهي فهل نعاتب الله سبحانه في أن العباد خالفوا نهيه فهل هذا منطق يحتج به. 

 

🕯ثانياً : كيف تصف المرجع الديني بنائب الأمام..

الجواب : استفدنا هذا المعنى من أقوال الإمام الحجة عليه السلام  حينما قال في كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) عن محمد بن محمد بن عصام عن محمد بن يعقوب، عن إسحاق بن يعقوب قال:

سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك - إلى أن قال: - وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله)(١)

وراة الحديث أجلى مصداق لهم هم الفقهاء العلماء وأقربهم المراجع العظام الذين بذلوا غاية الوسع في العلم والتعلم منذو نعومة اظفارهم فلم يلعبوا ولم يتمتعوا ولم يلتذوا بنعيم الدنيا الفانية مِثْلنا بل أثروا العلم على العيش الرغيد والزهد والصبر على الجوع على الركون للراحة في متع الحياة وسهر الليالي في البحث والتحقيق على الكسل والركون للنوم وتورعوا عن الحرام كبيره وصغيره حتى شهد لهم القاصي والداني بالفضل والرفعة والبعد عن الدنيا كما نص الإمام الحجة عليه السلام (.. فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه.. )(٢)

وإن كان هذا الحديث ضعيف من حيث السند إلا أنه صادق الدلالة ويبين الحديث الأول وشارح لمحتواه وهو أن العلماء هم حجة في زمن الغيبة على الناس ليأخذوا معالم دينهم وهذا مطلب ينسجم مع سيرة العقلاء في رجوع غير المختص إلى المختص وبذلك يكون هو نائب الإمام الحجة عليه السلام في غيبة الإمام لأنه دليل ومرشد للناس على حلال الله وحرامه ومستحبة ومكروه ومباحه .

فالنيابة العامة هنا أمر طبيعي لأنهم أهل التخصص في العلوم الشرعية والعاقل من يرجع في أي شان في الحياة إلى أهل التخصص ولا يذهب حيث يريد بهواه أن شاء الله تعالى اجبتك والسلام واشكر لطفك على السؤال

 

👈السائل : أخي الكريم

الرواية المنسوبة للأمام عن طريق الحجة المعصوم والتي بدايتها وأما الحوادث الواقعة .....

لماذا تبتر الرواية ولا تكملها فيها دلالة واضحة على أن رواة الحديث ليس المراجع المجتهدين ...راجع الرواية كامله لطفا وليس أمراً.. وشكرا لردودكم

 

الجواب :

عجيب كنت تسأل تريد تفهم والآن تقول لماذا تبتر الرواية وأن المراد ليس هم المجتهدين؟! ورغم ذلك بخدمتكم سأرسل أدلتي على كلامي بالمصادر مثل كتاب بحار الأنوار  (باب مواعظ القائم عليه السلام وحكمه)

مما كتبه عليه السلام جوابا لإسحاق بن يعقوب إلى العمري - رحمه الله - أما ظهور الفرج فإنه إلى الله وكذب الوقاتون، وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله... ألتفت هنا ـ

هذا الجزء من كلامه أرواحنا فداه عام لكل زمان ومكان إن كانت عندك دراية في علم الحديث حيث الإمام يعطي إطلاق عام قبل أن يجيب على السؤال ثم يعطي التشخيص لسؤال السائل وهذا الأسلوب له شبيه في القرآن الكريم في قصة نبي الله يوسف عليه السلام حين سألاه السجنين عن تأويل رؤياهما في أن أحدهما يعصر خمراً والآخر تأكل الطير من رأسه فلم يجبهما مباشرة وإنما أعطاهم قواعد التوحيد لكي يعطيهم أن ما سيقوله هو فيض من الله سبحانه ثم أول رؤياهما كذلك مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام فمنهجه وأسلوبه قرآني فهو يعطي القاعدة في التعامل مع الحوادث الواقعة في الحياة ثم يبين الحكم الشرعي المشخص في الخارج

تعال نكمل الحديث بعد أن أعطى القاعدة العامة وهي-

أما في الحوادث الواقعة بمعنى اي حادث جديد من شبهة أو لبس أو قضية في غيابي ارجعوا إلى المختصين الذين تعلموا علومنا ووعوا أحكامنا وعرفوا قواعد كلامنا ثم فرّعوا فيها حسب مقتضيات الحال والزمان ثم بلّغوا الناس بأمانة وحرص وتقوى وخوف من أن يفتوا بغير علم لكيلا يدخلون نار جهنم التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. 

 

👈السائل: لحظة قبل أن تكمل من كلفهم بتعليم الناس هل يوجد نص يحث العلماء على تعليم الناس ؟

 

الجواب: نعم يا أخي فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم { وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ(١١)}  التوبة. الآية توجب كفائياً التفقه في الدين للتصدي لأجوبة المؤمنون في مسائلهم لأن الله سبحانه خصهم بدرجات من العلم 

وهنا يعلق الشيخ محمد العبد الله على تساءل السائل 

فيقول : هنا انقل لك ما في تفسير الميزان في

 قوله تعالى: «يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ‌» لا ريب في أن لازم رفعه تعالی درجة عبد من عباده مزيد قربه منه تعالی، و هذا قرينة عقلية علی أن المراد بهؤلاء الذين أوتوا العلم العلماء من المؤمنين فتدل الآية علی انقسام المؤمنين إلی طائفتين:

‏مؤمن و مؤمن عالم، و المؤمن العالم أفضل و قد قال تعالی: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ(٩)} الزمر. و يتبين بذلك أن ما ذكر من رفع الدرجات في الآية مخصوص بالذين أوتوا العلم و يبقی لسائر المؤمنين من الرفع  درجة واحدة و يكون التقدير يرفع الله الذين آمنوا منكم درجة و يرفع الذين أوتوا العلم منكم درجات . و في الآية من تعظيم أمر العلماء و رفع قدرهم مما لا يخفی على كل عاقل . أنتهى. 

وكذلك الروايات تحث على ذلك أيضاً 

فقد روي عيون أخبار الرضا (ع): ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الهروي

 قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبد أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا .. )(٣) 

ملخص الكلام : للشيخ حسين الحاجي في تساءل السائل 

يقول : فالذي يتعامل مع الروايات يفقهها وبسبر غورها سندا ومتناً ودلالةً هم الفقهاء المتخصصون أولو العلم والنظر ، وليس غير المختص.. 

 

ثم إن  الرواية لاتُفهم  بمعزل عن سائر الروايات الأخرى ذات الصلة  ، بل لابد من ضم الروايات بعضها إلى بعض وارجاع متشابهها إلى محكمها ، والمطلق منها إلى المقيد ، والعام إلى الخاص .وهذه هي وظيفة و مهمة الفقهاء الذين افنوا أعمارهم الشريفة في البحث والتحقيق  والاستتباط. أنتهى 

نعود لتكملة تحليل الحديث (..وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكل فإنما يأكل النيران... ) (٤) . هنا بدأ يشخص السؤال ويجيب على محتواه المراد ..

ولكيلا أفرع في توضيح الواضحات لجنابكم الكريم

أن كل حديث مطلق جاءنا نبحث هل له مقيد أو له شاهد آخر يبينه أو ماهي الظروف المحيطة به وهذ الفن له تخصص وهذا لا يفك رموزه إلا المختصين من العلماء المحققين المتبحرين في دارية الحديث وأقرب الناس لهذا المقام هم مراجع الدين لتفرغهم الكامل لهذا العلم هذا واحد من الأحاديث... التي تحتاج لمزيد بحث وتفصيل.

 

👈السائل : 

ثالثا: أثبت ذلك أن تستطيع واعتبرني ظال.

 

الجواب : 

 

حاشاك من ذلك أخي الكريم وإنما نحن في صدد تذكير بعضنا لبعض فما يغيب عني تدلني عليه وكذا العكس لكن في حدود التخصص و العلم المدروس والممنهج وأرجوا الله سبحانه أني قد أفدتك في ذلك و الحمد لله رب العالمين .

 

👈السائل : 

شكر الله سعيك .. وشكرا لردودكم

الجواب : 

الشكر لله سبحانه أخي الكريم واشكر حسن ظنك والسلام عليكم ورحمة الله .

 

✍️زاهر حسين العبدالله

https://t.me/zaher000

المصادر

(١) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤٠. 

(٢) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣١. 

(٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٠ .

(٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ٣٨٠ .

 

  

حوارية (121) لا أريد أن أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم)

  ❇️حوارية (121) لا أريد أن  أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم) وأكفر ببعض؟  ☝️السائل : نمر اليوم بعدة مشاكل في الحياة ومنها المجاملة التي نصل ...