الأحد، 21 مارس 2021

حوارية رقم ( ٦٣ ) هل الامام الحسين (ع) انتصر بواقعة كربلاء المقدسة اذا كان منتصرًا لماذا البكاء عليه لأكثر من ١٤٠٠سنة؟

 حوارية رقم ( ٦٣ ) هل الامام الحسين (ع) انتصر بواقعة كربلاء المقدسة اذا كان منتصرًا لماذا البكاء عليه لأكثر من ١٤٠٠سنة؟

سوال: -

هل الامام الحسين (ع) انتصر بواقعة كربلاءالمقدسة

اذا كان منتصرًا لماذا البكاء عليه لأكثر من 1400سنة؟

أليس من المفترض أن تفرحوا لنصره بدلاً من البكاء والحزن؟


👇🏼👇🏼👇🏼👇🏼

الجواب بسمه تعالى

مفردة البكاء تحمل جملة من الدلالات و المعاني فهناك بكاء من خشية الله وهناك بكاء من خوف وهناك بكاء فرح مثل ماقيل هذه دموع الفرح وهناك بكاء للألم والحزن والفقر وظلم  وغيره من المعاني المجازية التي تلامس المشاعر وتغسل الروح وتعالج النفس من الاضطرابات ونوبات القلق والإكتئاب وإعلان وإظهار ظلامة وقعت على الشخص وووو

إذاً البكاء كمفردة ليس عيباً ولا محصور بمعنى خاص كما توهمت

أما لماذا نبكي على الإمام الحسين عليه السلام رغم إنتصاره 

نقول : نحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكل فعل أو قول أو تقرير منه عليه السلام هو حجة و نتخذه سنة نرجو منه الثواب من الله سبحانه وقد ثبت بالدليل القاطع عند الفريقين أن رسول الله صلى الله عليه وآله بكا على الحسين عليه السلام بل ونَحَبَ بشده عليه . فعن عبد الله بن يحيى عن أبيه وكان على مطهرة على قال خرجنا مع علي إلى صفين فلما حاذانا نينوى نادى صبرا أبا عبد الله بشاطئ الفرات فقلت يا أمير المؤمنين ما قولك صبرا أبا عبد الله قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعيناه تفيضان فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما لعينيك تفيضان دموعاً أغضبك أحد قال بل قام من عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطئ الفرات فقال هل لك أن أشمك من تربته قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم تملك عيناي أن فاضتا.(١) وثبت لنا بالأدلة الروائية من أهل البيت عليهم السلام استحباب البكاء على الإمام الحسين عليه السلام والحث عليه وما يناله البكائون على الإمام من الأجر والثواب

كماروي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا، وقالت: يا أبت متى يكون ذلك؟ قال: في زمان خال مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها وقالت: يا أبت فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟.

فقال النبي: يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة. (٢)

إذاً من الناحية الشرعية لنا طريق وسبب يجعلنا نبكي عليه

أما من الجهة العقلية

أي إنسان يتعرض لظلم من يمتلك ضمير حي وروح سليمة يتأثر ويتألم على من وقع عليه الظلم فكيف إذا وقع الظلم على سيد شباب أهل الجنة يكون من باب أولى

من الجهة النفسية تمر بالإنسان حالات قد تؤدي بحياته للهلاك كما في قضايا الإنتحار المنتشرة في بلاد غير المسلمين  لا يوجد نماذج وصلوا إلى أعلى درجات الظلم والألم إلا أن ذلك لم يخرجهم عن شكر المنعم والرضا بقضاءه والتسليم له كما جرى للإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه ورغم ذلك كانت عبارات التسليم و الرضا تسيل منهم فقد رُوي عن الحسين عليه السلام أنه قال ( هوّن مانزل بي أنه بعين الله) (٣)

ورُوي عن فخر المخدرات زينب عليها السلام (اللهم تقبل منا هذا القربان إن كان هذا مايرضيك فخذ حتى ترضى) وقالت حين أراد أحد المتشمتين أن يوذيها فيما جرى على أخيها ( ما رأيتُ إلا جميلاً هؤلاء قوم كتب عليهم القتل برزوا إلى مضاجعهم)(٤)

 وغيرها من العبارات التي تولد طاقه هائلة وإرادة حديدية لمواجهة أصعب الظروف في هذه الحياة بسبب وجود هذه النماذج والقدوات في حياة الإنسان

خلاصة الجواب : نبكي على الإمام الحسين عليه السلام لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكاه ولأن البكاء له دلالات معنوية ومضامين عالية وعلاج نفسي لكثير من الأمراض ولأنه أمر عقلائي وفطري لمن وقع عليه الظلم وإعلان لافت ومهم لمن يريد الحق ويعرف من هو الظالم ومن هو المظلوم وبالتالي تصحيح مسار الأمة من خلال هذا الإعلان الذي يوقظ ضمائر الأمة ويجدد علاقتها بالله سبحانه فيرجو منه الثواب ويخشى الغفلة والندامة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والحمدلله لله رب العالمين

✍️زاهر حسين العبدالله  ٦ / ٨ / ١٤٤٢ هجري

للمزيد على قناة التلقرام 

https://t.me/zaher000

المصادر 

(1) كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٢٩٢ - ٢٩٣

(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٥ - الصفحة ٤٦. 

(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٥ - الصفحة ١١٦


الجمعة، 19 مارس 2021

حوارية (٦٣)أسباب غيبة الإمام الحجة عليه السلام

 💎 حوارية رقم (٦٣) ماهي أسباب غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه؟


✋السائل : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا سمحت ما هي أسباب غيبة الإمام الحجة عليه السلام وهل ستطول مدة الغياب ؟


✋الجواب : بسمه تعالى 

هناك مقدمة مهمة قبل الجواب عن هذا السؤال العميق أريد أن أسألك عدة أسئلة كي أبني إجابتي على ما عندك من مسلّمات .


✋السائل : تفضل يا أستاذ .


👈الجواب : هل تعتقد أن الله عادل لا يضع الشيء إلا في موضعه وهو المدبر للأمور وخالقها في نظم دقيق لا يختلف شيء عن شيء ؟ 


✋السائل : نعم أعتقد أن الله سبحانه عادل حكيم لا يفعل شيئا إلا بنظام دقيق ومحسوب كما قال تعالى ﴿إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر: ٤٩].


👈الجواب : جميل جداً سؤالي الثاني : هل تعتقد أن الله سبحانه يظلم عباده بحيث لا يدلهم على طريق الهداية ويساهم في ضلالهم وضياعهم ؟

 

✋السائل : أعوذ بالله من ذلك وأستغفر الله العظيم بل الله سبحانه أجل من أن يكون ظالماً لعباده أو يغويهم عن هدايته كيف! وقد قال في كتابه العزيز ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَساءَ فَعَلَيها وَما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ﴾[فصلت: ٤٦].

 وقال ﴿قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ فَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ﴾[الأنعام: ١٤٩] .


👈الجواب : ممتاز جوابك .

طيب هل ترتيب الأنبياء عليهم السلام إلى نبينا الخاتم كان بتقدير من الله سبحانه وتدبيره وكذا عترته الطاهرة حتى مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام ؟ 


✋السائل : نعم هو كذلك ولعلي فهمت قصدك أن من أسباب غيبة الإمام الحجة عليه السلام أن الله رسم خطة لأنبيائه عليهم السلام لهداية البشر تبدأ من من نبي الله آدم وتنتهي إلى النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم العترة الطاهرة آخرهم مهديهم عليهم صلوات الله وسلامه عليه .


✋الجواب :أحسنتم الفهم. بعد أجوبتك الجميلة ندخل في جواب سؤالك المهم وهو أسباب غيبة الإمام المهدي عليه السلام ؟

تعددت أجوبة العلماء على جواب هذا السؤال الجوهري وقسموا أجوبتهم إلى أسباب تاريخية وسياسية وعقلية وعقائدية وسأذكر لك خلاصة ما عرفته منهم .


أولاً : 

أن لله الأمر كله وهو العالم  بأسباب غيبة الإمام عليه السلام جوهرها وعينها وينبغي لنا التسليم المطلق بما أراده الله سبحانه وتعالى فقد شاء الله أن يغيب الإمام عليه السلام غيبتين صغرى وكبرى كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): للقائم غيبتان: إحداهما طويلة، والأخرى قصيرة، فالأولى يعلم بمكانه فيها خاصة من شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها [إلا] خاصة مواليه في دينه) (١)

 وعلينا أن لا نعترض على ما أراده الله سبحانه وتعالى . وعلينا مطلق الطاعة والتسليم لله ولرسوله والرضا بما قضى الله ورسوله فنفوز بمن أنعم الله عليهم. كما قال تعالى 

﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقًا﴾[النساء: ٦٩]


ثانياً :

 المتتبع إلى سيرة الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم يجد هناك سلسلة في التكامل الإنساني فإن الله سبحانه ربط الأسباب بمسبباتها ولكي يصل الإنسان لِنضج كامل في المعرفة يحتاج كثيراً من  العقبات والامتحانات والظروف والأزمنة محفوفة بالمحن والأحداث. فسيرة الأنبياء السابقين مع قومهم ساهمت في  تطور ونضج العقل وتسارع وتكامل في المعرفة فما يحتاجه العقل من معرفه سابقاً غير ما يحتاجه الإنسان اليوم فالإيمان بالله سبحانه سابقاً يحتاج لوقت طويل كما هو حال قوم نبي الله نوح عليه السلام بخلاف زمن نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله حيث أصبح الإيمان بالله أسهل وانظج وأمتن وأسرع.  فكانت جوهر حركة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هي ترسيخ العقائد ورسم خطوط التسليم بقضاء الله وقدره وتعزيز مكارم الأخلاق ويبين معالم حكمة الله سبحانه من خلال قصص القرآن الكريم فقد ذكر لنا القرآن الكريم كيف أن نبي الله عيسى عليه السلام كان نبيا وهو في المهد قال تعالى ﴿قالَ إِنّي عَبدُ اللَّهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا﴾[مريم: ٣٠]

 ‏وكذا يحي أوتي الحكم صبيا كما في قوله تعالى 

 ﴿يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا﴾[مريم: ١٢]

 ‏فهذه الشواهد تُسهل الأمر على العقل أن يُسلّم بالإمام الحجة عليه السلام .

 

ثالثاً : 

الامتحان والاختبار وسنة الابتلاء ليميّز الله تعالى الخبيث من الطيب والصالح من المفسد ومن يثبت على الحق ومن ينحرف عنه ويلتزم أوامر الله سبحانه وتعالى ويجتنب نواهيه .

كما قال تعالى ﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا آمَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ﴾[العنكبوت: ٢].

فغيبة الإمام الحجة عليه السلام فيها غربلة لمن يسّلم بقضاء الله وقدره ويصبر على بلائه ويستعد بأعماله الصالحة في غيبة الإمام عليه السلام وهذه السُنّة جرت في الأمم السابقة حيث إن من يصبر على طاعة الله سبحانه ويسّلم بأمره يكون هو الفائز بكرامته كما هو حال الذين آمنوا  بنبي الله نوح عليه السلام حيث لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله سبحانه فنجي من تَبِعه من الهلكة وغرق من خالفه. كذلك الذين صبروا مع نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ففتح الله على يده بِقاع الدنيا والذين صبروا مع الحسين عليه السلام ففازوا بأن خَلُدت أسماؤهم ونحن اليوم كذلك فمن يصبر على فراق حبيبه وهو الحجة عليه السلام ويستعد ويمهد لظهوره هو الفائز وقد حذّرت كثير من الروايات من ينكر الإمام في آخر الزمان مثل رواية 

في باب صعوبة التمسك بالدين في غيبة الإمام الحجة عليه السلام - روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - قال لأصحابه -: إنكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا ولم يروني...

لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيح الدجى، ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة ... وعنه (صلى الله عليه وآله): سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا:

- ‏يا رسول الله، نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ونزل فينا القرآن؟! فقال: إنكم لو تحملوا لما حملوا، لم تصبروا صبرهم) (٢) 

وكذلك ماروي (... من يقوم معه - الإمام الصادق (عليه السلام): مع القائم (عليه السلام) من العرب شئ يسير، فقيل له: إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير؟! قال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير.) (٣)

 وتبشر من يثبت منهم .

فقد روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): إذا قام قائمنا أذهب الله عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا، ويكونون حكام الأرض وسنامها. (٤)

رابعاً : 

كانت لغيبة الإمام عليه السلام غاية وهدف وهو أن  يمهد للناس  بالتواصل مع نوابه الخاصين الأربعة وأن يحفظ دمه وتدوم رسالته كما رفع الله تعالى  نبيه عيسى عليه السلام لغاية وهي أن يخرج آخر الزمان فيكون ناصرا لمولانا الحجة عليه السلام وكذلك حين أخفى الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله عمن أرادوا قتله ليلة الهجرة وأخفاه عن المترصدين له في الغار. فنصت بعض الروايات أن الأرض لا تخلوا من حجة إما ظاهراً أو غائباً مستورا. فقد سُؤل يوماً أمير المؤمنين عليه السلام هل تخلوا الأرض من حجة على الناس؟ 

فقال ع : اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه، إما ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته..) (٥)

خامساً :

 غاب كي تنضج عقول البشرية وتعتمد على ذاتها في تحصيل المعرفة والتعمق في علوم أهل البيت عليهم السلام وليعرفوا قدر إمامهم في غيبته فلطالما كان الإمام حاضراً بين أيدي الناس فلم يعرفوا قيمته فكان من الضروري غياب هذه النعمة العظيمة كي تشعر الأمة بتقصيرها وتلجأ لله سبحانه وتعالى لرفع هذه الغمة عن هذه الأمة . هذا بعض الأسباب التي فهتها من علمائنا حفظهم الله تعالى وما قرأت من كتبهم. 

 ‏

✋السائل : يكفي يا أستاذ جزاك الله خيرا وجعلك الله من أنصار الإمام الحجة عليه السلام

طيب وهل ستطول مدته؟ 

👈الجواب : احسنتم اما بخصوص طول المدة هو أمر لا يعلمه إلا الله والرسخون في العلم إنما علينا الإستعداد والتهيؤ في أي لحظة كما هو مفاد بعض الروايات مثل

(... فقلت له يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردت شهادات العدل واستخف الناس بالدماء، وارتكاب الزناء، وأكل الربا، واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه، وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا. فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا وأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " ثم يقول: أنا بقية الله في أرضه فإذا اجتمع إليه العقد، وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزو جل، من صنم وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به. (٦)


✋السائل : رحم الله والديك وجزاك الله خير 


👈الجواب : ورحم الله والديك وجزاك الله خير الجزاء على تفضلك علي والحمد لله رب العالمين

 

✍️زاهر حسين العبدالله

٣ / ٨ / ١٤٤٢ هجري


المصادر

١- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١٨٠. 

٢- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١٨٠. 

٣- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١٨٦. 

٤- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١٨٧.

٥ - ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١١٨.

٦ - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ١٩٢. 


الاثنين، 15 مارس 2021

حوارية رقم (٦٢) يقول شخص إسمه كريم من العراق أنه أكتشف أن القرآن ليس من الله ومحمد - صلى الله عليه وآله- ليس بنبي والإسلام كذبة كبرى!


حوارية رقم (٦٢) يقول شخص إسمه كريم من العراق أنه أكتشف أن القرآن ليس من الله ومحمد - صلى الله عليه وآله- ليس بنبي والإسلام كذبة كبرى!
السائل :
السلام عليكم ورحمة الله ما تعليقك على مقطع لرجل عراقي إسمه كريم  يدّعي أنه درس الشريعة في الحوزة ودرس الإسلام بكل تفاصيله وساهم في كتابة الدستور العراقي  وكان من المصرين لجعل القرآن الكريم المصدر الوحيد للتشريع، وعاش لفترة زمنية تحت معاناة من سجن وتعذيب ثم أصبح عضواً  سياسي في حزب الدعوة فقرر أن يعيد قراءته للقرآن الكريم والبحث عن الثغرات التي أُثيرت حوله فبحث خلال سنتين ونصف في إعادة القرآن والحديث وراسل كثير من مشايخ ومراجع الشيعة ولم يجد جوابا شافيا لها ووافيا. فترك المذهب الشيعي وبحث في الفكر السني الذي نحن أغلقناه( كما يدّعي) لأننا نكفرهم وهم يكفروننا ولم نقرأ للبخاري والترميذي وابن ماجه هؤلاء كتّاب الحديث لأننا عندنا علماؤنا من الشيخ المفيد والطوسي والطبرسي وغيرهم وبعد البحث والتقصي بعد سنتين ونصف توصل الى أن القرآن ليس من الله ومحمد - صلى الله عليه وآله - ليس بنبي والإسلام كذبة كبرى.
فتركت الإسلام.. وجئت أمريكا ثلاث سنوات أبحث عن الله بحيث أقول أين الله؟ بعد قراءتي للأسلام فقدم لي الإسلام أن الله ماكر ومضل ومضر ويغوي يعطي شرور نفس الصفات الشيطانية.
فما تعليقك على هذا الكلام؟
نقول له بسمه تعالى
أولاً : أنه قرأ الإسلام بكل تفاصيله هذا مدّعى يحتاج دليل قطعي ودون اثباته خرط القتاد إذ أن جل علماؤنا الأبرار يقرون أن هذا الدين عميق لا يمكن إدراكه بكل تفاصيله إلا من اختص الله بهم واختارهم خلفاء على أرضه وهم محمد وآل محمد ولذا روي عن النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق) (١) وروي عن الإمام أبي جعفر عليه السلام  (ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الامر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا)(٢)
وروي عن جابر قال قال أبو جعفر عليه السلام(قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فإقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهالك أن يحدّث أحدكم بشئ منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والانكار هو الكفر. )(٣)

ولن أقف طويلاً عند شرح هذه الأحاديث التي خلاصتها أن الإنسان لا يمكن أن يقف كما ادّعى الرجل على الإسلام بكل تفاصيله فهذه مبالغة منه إذا أحسنا الظن فيه .
ثم أنك لست أفضل حالاً من غيرك ممن غيّر مسار الحق  حيث علمه وإيمانه ومعرفته. مثل بلعم أبن باعورة وقد ذكره القرآن الكريم وكان لديه الإسم الأعظم الذي يقول للشيء كن فيكون ورغم ذلك أنحرف عن الطريق وهلك إلى جهنم وبئس المصير وجزماً أنه لن ولم يصل إلى ما وصل إليه من معرفة وعلم وكذلك علي أبن حمزة البطائني الذي كان وكيلاً للإمام الكاظم عليه السلام وانحرف من أجل حفنة دراهم فالسيرة للشخص لا تحصنه معرفياً أو دينيا أو تزكيه بأنه لا يكذب ولا تعصمه من الزلل..
 
ثانياً : أنه أعاد قراءة القرآن الكريم خلال سنتين ونصف وكانت له تساؤلات في تفسير بعض الآيات فراسل مراجع ومشايخ الشيعة فلم يجد جواباً شافياً ووافياً لها ليس مبرر له في ترك الإسلام لمجرد عدم الحصول على جواب يتلاءم و هواه أو وفق قناعاته.
كما أننا نحتمل أنه بحث أو توقع إجابه تلاعب أفكاره وهواه فلم يجيبوه بما يرجو، أو نحتمل أنه لم يبحث عن الرجل المناسب للسؤال المناسب أما ادعاءه أنه راسل المراجع ولم يجيبوه فمحل نظر وتأمل لأن كلامه يحتاج لدليل قاطع . حيث أنه ادّعى أنه درس الشريعة فهل كان من الصعب التوصل لمراجع الشيعة ثم لِم لَم يذكرهم بأسمائهم .
ثالثاً :أنه أدّعى أننا لا نقرأ كتب السنة فهذا كذب محض والواقع يكذبه بل أكثر من ذلك علماؤنا يهتمون بقراءة كل من يخالفونهم في العقيدة والمذهب والدين وحتى الفكر اللاديني والملحد ونناقش أدلتها العقلية والنقلية ولا تكاد تخلوا مكتبة لأقل طالب علم من الصحاح الستة لعلماء السنة بل هناك من درس على أيدي علماء السنة فبرع في علومهم ثم درّسها مثل الشيخ المفيد  وهذا دليل يكذّب كونه درس العلوم الشرعية إذ أن ما نقلناه من البديهيات في المذهب، والكتب تشهد بذلك من الفقه المقارن وكتب المناظرات من قبيل ليال بيشاور والمراجعات وأجود المناظرات وغيرها والمذاهب الفلسفية وكتب الإلحاد وجهود العلماء في هذا الميدان كالشمس لا يغطيها غربال
أما كِذبته المفضوحة أننا نكّفر المسلمين فهذا يخالف ما أعلنه مراجع الطائفة ومنهم المرجع الأعلى السيد السيستاني مد الله في عمره الشريف حيث قال المسلمين من المذاهب الإسلامية مسلمون واقعا وباطناً.. و كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله عصم ماله وعرضه ودمه وله ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين
رابعاً : الاعتقاد ببشرية القران شبه طرحها المستشرقين واشبعت بحث وتحليلاً ونقضاً ولم تصمد أمام الأدلة العقلية فضلاً عن الشرعية كما بحثها السيد مير محمدي زرندي في بحوثه تحت عنوان  بحوث في تاريخ القرآن وعلومه - الصفحة ١٨٦ .
أما كون أن القرآن الكريم بشري نشير لهذا الدليل التاريخي والبدهي حيث أن النبي الأعظم بعث في قوم هم فحول الفصاحة والبلاغة ولو كان القرآن بشري كما يدّعى لتناوله سادة قريش واعتبروه عيباً فاضحاً لمعجزة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الخالدة بل وتناوله المستشرقون بكل زهو لوجود أدلة في ضعف القرآن الكريم ولكن هذا لم يحصل ونذكر هنا شاهد يوثق ذلك
الوليد أبن عتبة من سادة قريش ومن اغناها مالاً ومن فحول العرب في الفصاحة والبلاغة حين سمع القرآن الكريم قال كلام عجيب يشهد للقرآن أنه ليس قول بشر  
روي عن ابن عباس قال: ((جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه لأن لا تأتي محمداً ولتعرض لما قاله.
قال (الوليد): قد علمت قريش إني من أكثرها مالاً. قال (أبو جهل): فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك كاره له. قال (الوليد): وماذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته....)(٤)
نكتفي بهذا الشاهد ولمن يرد المزيد فليراجع الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم للسيد الخوئي قدس سره في كتابه البيان وغيره .
خامساً : أما قولك وبعد البحث والتقصي بعد سنتين ونصف أن القرآن ليس من الله ومحمد صلى الله عليه وآله ليس بنبي والإسلام كذبة كبرى
فنقول : أن بحث بُني على مقدمات خاطئة فأفرز نتائج باطلة وأما الإستهزاء على مقدسات المسلمين في الحج والكعبة المشرفة وترك الإسلام لا يعطي  الحق أن يُنال من مقدسات المسلمين وهذا خلاف الأخلاق الإنسانية فضلاً عن أي ديانة يعتنقها أحد . فقد كُفل حق الاختيار للإنسان .

سادساً : أما قوله بعد قراءتي للإسلام فظهر لي الإسلام أن الله ماكر ومضل ومضر ويغوي يعطي شرور نفس الصفات الشيطانية .
لعل هذه الأسئلة التي لم يجد لها تفسير يتناسب مع هواه فربط عقله القاصر فعل البشر بفعل الحق سبحانه وأخذت الألفاظ المشتركة في الآيات المتشابهة التي أمرنا الله في تفسيرها نرجع لأهل البيت عليهم السلام لأنهم عِدل القرآن الكريم لأن للقرآن الكريم وجوه وبطون وفيه المحكم والمتشابهة والخاص والعام والمطلق والمقيد وكلها تحتاج لخبير متصل بالسماء وهم محمد وآل محمد - صلوات الله وسلامه عليهم -
 كما قال تعالى
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ  فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ  وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا  وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب}٧ آل عمران .
فالراسخون هنا هم أهل البيت عليهم السلام. نكتفي بهذا التعليق .
ونذكر مثال على ما يتشابه على الإنسان من ألفاظ مشتركة من قبيل كلمة المكر في قوله تعالى
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ  وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ  وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ(٣٠)} الأنفال . جاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي في بيان معنى هذه الآية
(وقال في الامرين: ومكروا مكراً ومكرنا مكراً، وقال بعضهم: من مكر الله إمهال العبد وتمكينه من اعراض الدنيا، ولذلك قال أمير المؤمنين سلام الله عليه: من وسع عليه دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله. انتهى.)(٥)
السائل : ماهي أبرز أسباب انحراف الإنسان عن الطريق المستقيم ؟
الجواب : هناك عدة أسباب بظني القاصر تدفع الإنسان للإنحراف أو الإشتباه على أقل تقدير  
١- هناك من هو متدين عن تقليد أعمى مجرد طقوس وحركات يحفظها ويقلدها دون وعي وإدراك وتفكر ويعلق دينه على أفعال الرجال فإذا وجد الرجال بإسم الدين يخالفون الله ورسوله فتكون له صدمه من الدين ذاته فينقلب بشكل حاد على كل ما كان يقوم به من سلوك ديني
ولذا ورد في الرواية عن الإمام علي (عليه السلام): إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله(٦)
٢- هناك من تجره نزواته وشهواته إلى أن يرى المحرمات والواجبات الشرعية اغلالاً تقيد حريته ولذا لا يمكن التخلص من هذا الاحساس إلا بترك الدين بكاملة فيتركه فيتخذ إلهه هواه
٣- العجب والإعتداد بالذات وتعظيم الأنا والدخول في تخصصات لا ناقة له فيها ولا جمل لمجرد إنها لا تدخل مزاجه ولا يقبلها عقله القاصر فيقدم ذاته على ما أراده الله سبحانه وتعالى فيهلك في الأنا فيكون مثل ابليس حين قال أنا خير منه، وقول فرعون أنا ربكم الأعلى وغيرهم من المتكبرين كما روي عن الثمالي قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: (إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقايس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلّم لنا سلِم ومن اهتدى بنا هُدي، ومن دان بالقياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم )(٧)
٤- حب الدنيا رأس كل خطيئه لعل المال سبب مهم في تغير الضمائر وتغيير المواقف.

٢٧ / ٧ / ١٤٤٢ هجري
للمزيد قناة التلقرام
https://t.me/zaher000
المصادر:
(١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٨ – ص٢١٨
(٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ١٨٢
(٣) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٤٠١
(٤) البيان في تفسير القرآن - السيد الخوئي - الصفحة ٥٧
(٥) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٦٦
(٦) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٦٥٨
(٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٣

الاثنين، 8 مارس 2021

حوارية رقم (٦١) إذا كان الإنسان مخيراً ألا ينبغي أن أبحث في جميع الديانات ثم أختار أيهم أفضل عن قناعة ؟

 💎حوارية رقم (٦١) إذا كان الإنسان مخيراً ألا ينبغي أن أبحث في جميع الديانات ثم أختار أيهم أفضل عن قناعة ؟

السائل: السلام عليكم أستاذي أبا سجاد.

سؤال يراودني أرجو أن تتقبله بصدر رحب وهو إذا كان الإنسان مختارا ألا ينبغي أن أبحث عن جميع الديانات ثم أختار أيهم أفضل عن قناعة؟

الجواب: سؤال جوهري ومهم وحساس بُنيَّ الغالي ونحتاج أن نناقش مع بعضٍ الأسئلة معك ونرى جوابها منك كي نحلل سؤالك ويكون الجواب ضمناً في طياته.

أولاً : هل الاختيار هنا بمعنى اتباع المنهج التجريبي في التحصيل على المعلومة المتبع في أغلب جامعات العالم حيث يعمد الباحث إلى دراسة حالة معينة ثم يعطي قاعدة كلية؟ وبمعنى أدق نقول :

إن مفهوم المنهج التجريبي :هو عبارة عن طريقة منهجية يستخدمها الباحث لدراسة وقائع خارجية، وتفسيرها، والتحكم فيها، والتَّنبُّؤ بما هو مُستقبلي.

 ومن بين أدوات البحث العلمي المُستخدمة في المنهج التجريبي أداة المُشاهدة والمُلاحظة. كما عرفه المختصون .

فهل بحثك عن الأديان سيكون كدراستك الجامعية نفسها؟

السائل : تقصد أن أحدد السؤال هكذا :

 لماذا هناك ديانات مختلفة في العالم ثم أحدد كم ديانة موجودة ثم أقوم بدراستها جميعاً وأبحث عن نقاط قوة كل دين بناءاً على التحليل العقلي والسرد التاريخي الموثق والمتفق عليه ثم تبرز لي النتائج التي سأصل إليها في نهاية البحث ؟

 

الجواب : نعم ولكن هل يسع العمر أن تبدأ من الصفر لتبحث في جميع الديانات بهذا التفصيل الدقيق أم سيكون بحثك مبنيا على من سبقك من العلماء الذي أجهدوا أنفسهم ليختصروا عليك عناء البحث من جديد فماذا تختار ؟

 

السائل : أكيد سأبني بحثي على من سبقني في البحث كي أعمد إلى تكميل دراستهم وما توقف عليه غيري من الباحثين لأكمل تلك الجهود المبذولة .

 

الجواب : جميل إذن ، نحن أمام قضية كبيرة جداً وواسعة الأصول والفروع وهو البحث في جميع الديانات ثم الخروج بأفضل النتائج حسب نظر الباحث ولا نريد أن نعمق البحث أكثر ويتشعب الجواب ونفصل الكثير ولكن إشارات ندعها للمتابع يلاحقها إذا أراد مزيد من التعمق في الموضوع وهي :

المعلومات القبلية – وتجارب الآخرين سواء من بحث في الأديان أو الذين أسلموا بعد أن كانوا مسيحيين وغيرهم – والمشتركات بين الأطراف المتشابهة في عينة البحث – وتشابه نتائج الباحثين – والفطرة – والتجارب الشخصية وتأثيرها على الباحث – والتربية وأثرها في سير البحث وغير هذه كلها عميقة جداً لمن يريد الإبحار في نقاش هذا السؤال الكبير ...

 نعود للجواب. إذن ماهو الطريق الأقصر في جواب سؤالك هذا؟

السائل: منك نتعلم أستاذي الكريم

الجواب: للبحث عن قضية الأديان وأيها أفضل  فإننا نبحث في أربع جهات :

الجهة الأولى: العقل ودوره في المعرفة والحصول على اليقين.

الجهة الثانية: ما أكثر الديانات انتشاراً في العالم؟

الجهة الثالثة: ماهي مشتركات تلك الديانات الواضحة للباحثين؟

الجهة الرابعة: مفردات تمايز الديانات عن بعضها بالنسبة للعقل والتوحيد وتواتر الكتب المنزلة وتدوينها.

السائل : ماذا تقصد بدور العقل في المعرفة وتحصيل اليقين ؟

الجواب : كل البشر يقرون بدور العقل في تحصيل المعرفة ثم الوصول لليقين أو في أقل تقدير أن يحصل على الاطمئنان الموجب لليقين في أدنى مراتبه فكل إنسان يدرك ذاته فلا يحتاج أن يثبت لأحد أنه موجود ليقينه التام بوجودها بين يديه ولذا هنا يسأل نفسه سؤالاً جوهريا في منظومة العلة والمعلول لماذا وجدت في هذه الحياة ؟ هل لوجودي غاية مرجوة ؟ وهل هناك مستقبل ينتظرني؟ وهل هناك جزاء وعقاب؟

 هذا التساؤل نبهت عليه روايات أهل البيت عليهم السلام .

فقد روي عن مولانا سيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) أنه قالَ : (رحم الله امرأ عرف من أين وفي أين وإلى أين) فإن قوله: (من أين) إشارة إلى حال النفس قبل عالم الجسم.(١)

وهي مرسلة ولكنها يقرها العقلاء بما هم عقلاء.

 إذن لابد لكل واحد منا من أن يفكر في سبب وجوده في هذه الحياة ولا أحتاج أن أقف عند هذه النقطه طويلاً لأنه دليل لبي لا يحتاج مزيد برهان.  ‏

السائل: ما هي أكثر الديانات إنتشاراً في العالم؟ وماهي مشتركات تلك الديانات الواضحة للباحثين؟

الجواب: الجهة الثانية والثالثة: ما هي أكثر الديانات انتشاراً في العالم؟  أكثر الديانات انتشاراً هي النصرانية والإسلام ثم تأتي بقية الديانات مثل اليهودية و البوذية و المجوسية وغيرها من الديانات والباحث يتأمل السير التاريخي لهؤلاء الديانات وتعلق الناس بها يجد أن هناك مفردات مهمة وأساسية تجمع هؤلاء الديانات وأولها الاعتقاد بأن الله سبحانه هو خالق هذا الوجود والمدبر له وهو على كل شيء قدير كما يقرون أن له أنبياء ورسلا ليُبينوا للناس ما أُنزل إليهم وأن لكل نبي أوصياء أو حواريين وهم امتداد طبيعي لتلك الرسل كما يعتقدون أن إثبات نبوة أنبيائهم متوقف على معاجز خارقة للعادة ولا يحدها الزمان والمكان فيقف الناس مبهورين لعجزهم عن رد تلك المعاجز كنجاة نبي الله إبراهيم عليه السلام من نار النمرود وعصا نبي الله موسى عليه السلام وإحياء الموتى كنبي الله عيسى عليه السلام أما المعجزة العظمى لنبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكانت في القرآن الكريم حيث الفصاحة والبلاغة في أعلى مراتبهما وعلم الأولين والآخرين فكل نبي أتى بما لم يستطع الخلق أن يأتوا بمثله كل في زمانه. كما يقرون في كتبهم أن هناك يوم معاد ترد الناس فيه  للفزع الأكبر فيحاسب جميعهم فإما إلى النار أو إلى  الجنة كما يقرون بأن كل الرسل كانت تدعو لمكارم الأخلاق وتؤكد على الفضيلة والقيم الإنسانية وتنبذ الظلم و القهر والخداع والاستبداد وغيرها من الخصال الذميمة  ولكن يفترقون في جملة من الأمور وعلى الباحث أن يقف هنا عند جهود العلماء السابقين الذين ناقشوا الديانات وعرفوا خاصها من عامها وقوتها من ضعفها ولأننا لسنا في مقام تحقيق لنسرد الأدلة لإثبات ذلك فنحن في مقام حوارية نختصر المقام في الرجوع إلى جملة من الباحثين الذين تناولوا هذه الافتراقات بشيء من التفصيل الدقيق . مثل

• الهدى إلى دين المصطفى.

• الرحلة المدرسية.

كلاهما للشيخ محمد جواد البلاغي، وهو أستاذ السيد الخوئي في الكلام والتفسير،

ومن كبار علمائنا المختصين بالأديان.

وكذلك الكاتب عبد الرزاق محمود الأسود في كتابه مدخل إلى دراسة الأديان.

السائل : لماذا أقف على جهود العلماء في بحثي إذ من حقي أن أبحث بنفسي عن نقاط الخلاف ؟

الجواب : بني الغالي لا يوجد مانع عقلي يمنعك من البحث بنفسك لكن هل عمرك يسع بأن تبحث كل شيء من الصفر وهل يقر لك العقلاء و العلماء  ألا تعتمد مثلا في رسالة الماجستير والدكتوراة  على ما وصله إليه الباحثون المعتبرون في التخصص كي تكمل مشوارهم بحيث تكون بدايتك في البحث هي نهاية بحث من سبقك من الباحثين .

السائل: نعم هو كذلك .

الجواب: نعم يابني لكن هناك مشكلة أزيدها على إشكالك وهي أن معظم الأبحاث التجربية تكون ضمن الاستقراء الناقص وليس الاستقراء التام.

السائل: لحظة أستاذي ماذا تقصد بالاستقراء الناقص والاستقراء التام.

الجواب: في مجال المنهج التجريبي والذي ذكرنا سابقاً تعريفا له يقف الباحث عند شريحة في التجربة فإذا وصل ونجح في تبرير سلوك علة مع معلولها بنى قاعدة كلية على كل مايشبه مواد تلك التجربة.

مثال :

العالم الذي قال إن الحديد يتمدد بالحرارة فهذا النوع من النتائج جاء نتيجة استقراء ناقص إذ ليس من المعلوم بل من المجزوم به أنه لم يعمل التجربة على جميع حديد العالم كله ولكن قام بتجربة شريحة تصل إلى الآلاف وأعطى نتيجة كلية مفادها أن كل حديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة وهكذا بقية حقول التجربة.

السائل: وما علاقة ذلك ببحثنا عن الديانات؟

الجواب: إن بحثك عن الديانات بكل تفاصيلها لا يسعك وإنما ستأخذ ما يثبت قوته وحجته وبرهانه من جهود العلماء والباحثين الذين قبلك ثم تبني قاعدة كليه في بحثك.

السائل: طيب ماهي نقاط الافتراق بين الإسلام وغيره من الديانات؟

الجواب: أهم نقاط الافتراق العقل والتوحيد والتواتر في الكتب المنزلة

فالمسيحية مثلاً لا تقبل نتائج العقل بالكلية ولذا قامت عليها الثورة الفرنسية التي كان لها عدة أدوار في تحجيم دور الكنيسة في حياة الناس نختصر منها ما نقل وهو :

مر خمسمئة عام على ثورة الفكر الديني في أوروبا التي قادها الراهب «مارتن لوثر» بتعليق الرسائل الخمس والتسعين على باب كنيسة «ويتنبورغ» عام 1517، لتبدأ في أوروبا الثورة على التدخل الديني لبابا الفاتيكان في السياسية والسيطرة على الفكر والفن والإبداع. وكان هذا الراهب، الذي درس القانون، قد بدأ رحلة مع الذات بهدف التقرب إلى الله، واعتقاداً منه بأن الله محبة كما نادى السيد المسيح في تعاليمه، فإنه لم يفهم فلسفة البابا في روما وراء التعصب والتشنج والعنف المصاحب لسلوك الكنيسة. وعندما درس اللاهوت بعدما أصبح كاهناً فإنه وجد الدرب الذي تسير عليه الكنيسة يخرج عن تعاليم السيد المسيح والمنطق اللاهوتي خاصة مع انتشار ظاهرة بيع صكوك الغفران التي أمر بها البابا لتمويل بناء الكنيسة البطرسية في روما، فالذي يملك الغفران هو الله سبحانه ولا دخل لرجال الدين في هذا الأمر سوى أن يفتحوا الطريق أمام العامة لكيفية الوصول للغفران الذي هو تجربة فردية، فالبابا ليس وكيل الله في الأرض، كما أنه انتقد بشدة الفساد البابوي وانكباب البابوات على الحياة الدنيا بما لا يتناسب والتعاليم الإلهية.

أما اليهودية فإنهم ادعوا أنهم شعب الله المختار وأن كل مايوجد في هذه الأرض خاضع لإرادتهم كما يذكر أحد الباحثين . يقول : فروع اليهودية تعتبر اليهود "الشعب المختار" بمعنى أن لديهم دورا خاصا "للحفاظ على ما كشفه الله"، أو "تأكيد إنسانيتنا المشتركة".وينعكس هذا الموقف، على سبيل المثال، في بيان سياسة اليهودية الإصلاحية الذي ينص على أن اليهود يتحملون مسؤولية "التعاون مع جميع الرجال في إقامة ملكوت الله، والأخوة الشاملة، والعدل، والحقيقة والسلام على الأرض".بعض العلمانيين والنقاد المنتمين إلى أديان أخرى يدعون أن المفهوم ينطوي على المحاباة أو التفوق،كما هو حال بعض النقاد اليهود، مثل باروخ سبينوزا. ويجد العديد من اليهود أن مفهوم الاختلاط إشكالي أو مفارقة تاريخية، وأدت هذه المخاوف إلى تشكيل اليهودية المعاد بناؤها، والذي رفض مؤسسها، مورديخاي كابلان، مفهوم اليهود كأشخاص مختارين،...

التوحيد في الديانات

وكذلك مفردة التوحيد فإن المسيحية تعتقد أن النبي عيسى عليه السلام إله وأنه ثالث ثلاثة كما يقرؤون في صلواتهم: الله والمسيح وروح القدس.

 وأما اليهود فقد أوغلوا في التجسيم لله سبحانه حيث أثبتوا الجهة والشكل وغيرها مما يحد الخالق في نظرهم وسار عليها بعض المسلمين من خلال كعب الأحبار الذي أسلم ونشر هذا النوع من التجسيم في التراث الإسلامي.

التواتر في الكتابين المنزلين التوارة الأنجيل اللذين تكونا من العهدين القديمين والجديدين واللذين في أغلب ماذكر كتبا على يد غيرهم بسنين عديدة ومما يشكك الإنسان في ثبوتها وصولها  إلى أكثر من مئتي إنجيل.

ممايدفع الباحث إلى التشكيك في مدى صدقها بل يميل كثيراً أن يد التحريف طالتها.

أما القرآن الكريم فإنه منسجم مع الفطرة والعقل ويدعو للتفكر والتأمل والتدبر والعلم ومن حيث التواتر لا يشك مسلم في تواتر القرآن الكريم سواء كان لفظيت أو مدونا وهذا ماعليه مشهور علماء المسلمين وهناك بعض الآيات تدلل على أهمية العقل ودوره وتحفز على استعماله

وتربطه بحياته العامه مثل قوله تعالى :﴿وَمَن نُعَمِّرهُ نُنَكِّسهُ فِي الخَلقِ أَفَلا يَعقِلونَ﴾[يس: ٦٨] وقوله تعالى : ﴿وَهُوَ الَّذي مَدَّ الأَرضَ وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ وَأَنهارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فيها زَوجَينِ اثنَينِ يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾[الرعد: ٣] وقوله تعالى ﴿ثُمَّ كُلي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخرُجُ مِن بُطونِها شَرابٌ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾[النحل: ٦٩]

وكلها تدعو لإعمال العقل والفكر ولايوجد أبواب مغلقه أمام السؤال في الفكر الإسلامي وخصوصا مذهب أهل البيت عليهم السلام وهذا ماتؤكد عليه الروايات الشريفة. ونكتفي برواية في فضل العلم وطلبه فعن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه

 قال: سمعت أمير المؤمنين يقول: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم، وضمنه وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه. (٢)

السائل: رحم الله والديك كان حوارا جميلا واستفدت منه.

الجواب: الشكر لله أولا أن وفقني لخدمتك ثم لك أن تفضلت علي بسؤالك والحمدلله لله رب العالمين.

٢٢ / ٧ / ١٤٤٢ هجري

للمزيد قناة التلقرام

https://t.me/zaher000

المصادر

(١) رواها الفيض الكاشاني مرسلة في الوافي: ج١/ ص١١٦/ ح٢٦.

()     الكافي - الشيخ الكليني  ج ١ ص ٣٠.

حوارية (121) لا أريد أن أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم)

  ❇️حوارية (121) لا أريد أن  أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم) وأكفر ببعض؟  ☝️السائل : نمر اليوم بعدة مشاكل في الحياة ومنها المجاملة التي نصل ...