الأحد، 30 أبريل 2023

تناغم رجل الدين والمثقف

 تناغم رجل الدين والمثقف 

قال تعالى ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ125النحل

مقدمة:

من هذه الآية الشريفة أريد أن أنبه نفسي وإياكم أن هناك محاولات تريد فصل مفهوم المثقف عن رجل الدين، وهي مستفيدة لوجود حالة عدائية بين هذين المصطلحين، ولكن هناك عنصر مشترك ذو خط رفيع ومفصلي جداً يتبناه كلا الطرفين ولكن يختلف في الأسلوب والطريقة، وهو أن معظم رجال الدين مثقفون، لأن طبيعة درسهم الحوزوي طبيعة تبعث على كثرة المطالعة والبحث والترصد وفك العقد وإخراج النتائج، وهذا أيضا معظم ما يدعيه المثقف لنفسه كما هو لسان حال بعضهم حيث يقول: منهجنا هو البحث والمطالعة في الكتب، ونملك الإمكانية أن ننهض بالمجتمع خطوات مهمة نحو الرقي والتقدم الفكري الذي تحتاجه المرحلة في الزمان والمكان المناسب. ومن خلال تتبع طويل مع أخواني الكتاب في القروبات والمنتديات والأجهزة الذكية من خلال برامج التواصل الاجتماعي وجدت حالة مشوشة بين هذين المفهومين، وأردت أن أعرف منشأ هذه المشكلة ثم كشف ملابساتها، ثم أعرج على ما وصلت له من بحث أسأل الله أن يكون مفيدا لأخواني المؤمنين وفق النقاط التالية:

1 - معنى كلمة مثقف ورجل دين؟

2 - منشأ المشكلة بين رجل الدين والمثقف.

3 - هموم مشتركة بين رجل الدين والمثقف.

4 - تناغم وتكامل رجل الدين والمثقف.

5 - الخاتمة.

معنى كلمة مثقف ورجل دين.

الثقافة: كلمة واسعة المعنى اُختلف في تعريفها عند المفكرين والكتاب حتى لم يحصر لها تعريفا جامعا شاملا ينطوي تحتها، وأخذت أبعادا مختلفة، وأتصور أن التعريف المناسب للثقافة هو كل علم يرفع الجهل، ويُرغب في مواصلة المطالعة في العلوم المختلفة لا لأجل الكم بل لأجل الكيف، وله أدبيات منها التعدد وقبول الآخر واحترام خيارات الأخر ونقد الآخر بما يقف عند حدود الأدب العلمي المبني على حسن الظن واختيار الألفاظ الراقية في التعبير والغاية منه خدمة المجتمع جنبا إلى جنب مع من يحمل راية الإصلاح في مجتمعه.

أما رجل الدين: فهو في المعظم ذلك الشخص الذي اختار الطريق الصعب المسلك رفيع الجوهر المحفوف بأشواك الجوع والفقر والغربة عن الأوطان كي يأتي يوما يضع ما تعلمه على بساط الرحمة والرأفة لمجتمعه مصداقا لقوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ التوبة.

منشأ مشكلة رجل الدين والمثقف.

لنبدأ بالمثقفوهو ذلك الشاب في المعظم الذي أحب القراءة في مختلف العلوم دون تخصص في علم دون أخر وجذبه الاختلاف في الرؤى والسجالات العلمية والثقافية، وأُغرم بعبارات العصر الحديث من عبارات التفخيم أمثال النخب الشبابية الطبقة المثقفة وأصحاب القلم، واستهوته الكتب الفلسفية ومصطلحاتها الرنانة من التيارات المختلفة تحت مسميات الحداثة والتنوير واللبرالية والطوبائية والسفسطائية وغيرها. فوجد فيها ما يعالج قضايا داخل مجتمعهم ويرفع الجهل عنهم، فذهب مسرعا ليمارس دور التوعية والإرشاد، ويضع بصمات الثقافة في عقول الشباب حرصاً منه أن اليوم يحتاج لطاقات فكرية تتناسب مع طبيعة المرحلة، وأن رجل الدين تقليدي في الطرح، وليس له القدرة أن ينهض بوعي مجتمعه في هذا الزمن الذي امتازبالثورات العلمية الهائلة، وخصوصا حين يذهبون إلى بعض رجال الدين فيسفهونهم ويحتقرونهم، فتكون ردة فعل عند المثقف فتكون عنده حالة من إثبات الذات بأن ينتقد هذا، ويضرب ذك بسوط قلمه ولسانه في المنتديات المختلفة في أواسط مجتمعه، ويدعمه في حراكه هذا لما يجده من تجاذبات بين بعض رجال الدين أنفسهم. والنتيجة أن وجد المثقف نفسه أمام خيار إثبات الذات والغاية في وجهة نظره هو تنوير عقول الشباب والمجتمع بلغة مختلفة عما كان تقليداً، ويكون حضوره حضورا فاعلا، وأن المجتمع أعطى مساحة واسعة لرجال الدين، والآن جاء دور المثقف كي نرفع المستوى الثقافي والفكري في المجتمع.

أما بعض رجال الدين فبعضهم يتحركون بمحور الحلال والحرام وإسقاط التكليف لرفع الجهل عن مجتمعه، ويحاولون جاهدينً أن يكون لهم مشروعا متكاملا من المحاضرات الإرشادية والبرامج الإسلامية كي يحصنوا مجتمعهم من ظلمات الجهل، وهم كثيرون ولكن هناك بعضهم يخطئ أحياناً في الأسلوب فينفر منه بعض الشباب نتيجة لأسلوبه الشديد أو الجاف أحيانا، وأحيانا يعزوا ما يفعلونه إلى أن بعض الأفكار الجديدة اليوم هي لعب على الذقون ومكشوفة لتمييع الشباب وتغريرهم فينتفض غيره على ذلك، فتخرج انفعالات تنفر بعض الكتاب والمثقفين عن ساحته، أو يرفض بعض البرامج التي دأب عليها الشباب في مجتمعه، لأنه يراها لا تخدم المجتمع في جوهره، ويريد أشياء أهم من ذلك تقام دون مراعاة شعور هؤلاء الشباب الذين بنوا هذا الصرح الاجتماعي بأموالهم وصحتهم وجهدهم، فيريد أخذ دور الإصلاح بأسلوب يزعج بالنسبة لهم، فينفرون منه مع العلم أن الغرض من شدته وحرصه هو ميزان الأولوية في نشر العلوم التي تزكي النفس، وتأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة ودخول الجنة برضوان الله سبحانه وأهل بيته .

هموم مشتركة بين رجل الدين والمثقف:

1 - خدمة المجتمع وذلك بنشر العلوم المفيدة والصحيحة بغرض رفع الجهل ووضع بذور العلم في عقول المجتمع.

2 - ممارسة دور في خدمة الساحة المعرفية ببصمات تكون خالدة تبقى صدقه جارية بعد وفاته.

3 - الرغبة في العلم والانفتاح على الثقافات المختلفة وأخذ المفيد منها وترك الضار منها.

4 - الاستفادة من تجارب غيرهم الذين فتحوا آفاق متعددة للمعارف العامة المتمثلة في الحوارات والأدبيات والمنتديات.

5 - الكتابة والتأليف ثم نشر تلك الأفكار ليكون لها ثمار تنوير العقول.

كما أنّ رجل الدين يعتقد أن ما يمارسه من توعية مجتمعه هو تكليف على عاتقه، ولذا يسلك طرق التعليم التي تعلمها من الحواضر العلمية «كالمنطق - اللغة - التفسير - الفقه - الأصول - الفلسفة - البحث في العلوم ذات العلاقة» فيرى هذا المنهج بابا للدخول في أي علم يراه طريق مأمون، لأنه يتبع منهج علمي وعقلائي. أما بعض رجال الثقافة لا يوجد عندهم منهج علمي متسلسل يعسر على صاحبه الخطأ، ولو سألنا المثقف مثلا، وقلنا في أي قضية يعطي رأيا معينا تجده يعلق ما توصل له من بحث على مشكلة وقعت له شخصية مع رجل دين ولدت عنده حالة البحث وإثبات الذات، وقد يكون الرجل المثقف صاحب نظر ثاقب يحيط بالمسألة من كل جوانبها، ويعطي للتخصص الحق في عرض رأيه، ويستفيد من أقوال المتخصصين، فيكون منهجه منهجا منظما ومتسلسلا يفضي في النهاية إلى فائدة مرجوة، وليس الهدف منه إسقاط أحد، بل هو تكامل مع الخط الديني إن لم يكن متناغما معه.

تناغم وتكامل رجل الدين والمثقف.

بعد النظرة العامة التي وقفت عندها أخي القارئ والمشتركات التي وجدتها ربما لمست معي أن رجل الدين قد يكون مثقفا، وهو الغالب باعتبار منهجه في الحواضر العلمية يدعوه لذلك، ولكن لكل قاعدة شواذ، وكذلك المثقف قد يكن رجل دين، ولذا تجد نماذج في العالم الشيعي التي جمعت بين المنهجين النظرية الأكاديمية وكذا الحوزوية ولعل أول من وضع بذورها عميد المنبر الحسيني الدكتور أحمد الوائلي رحمه الله، ثم سار على نهجه الكثير من الطلبة، وكذا العكس من المثقفين، فأصبح هناك تناغما ملفتا في أواسطنا الشبابية يعيش حالة من التوازن والتكامل بين هذين المسلكين المندكين في بعضهما، وليس ثمة فرق جوهري ملموس سوى الملابس، وأما الجوهر فهو واحد.

الخاتمة:

لعل البعض يقول هذه مثالية زائفة فما نراه اليوم من تجاذبات واختلافات يظهر عكس ذلك، وأقول لإخواني الأحبة ربينا مع شديد الأسف على قاعدة سيئة جدا، وأصبحت شعارا لنا وهي «الشر يعم والخير يخص»، وهذه معضلة فكرية في النسيج الاجتماعي إذ دائما ننظر للنقطة السوداء في الورقة البيضاء، وكلامي لا ينكر وجود هذه الشواذ في مجتمعنا الغالي، بل أحببت أن أقلب ميزان النظر عند الأحبة، وأقول لهم وفق تتبع في الساحة الثقافية والدينية هناك تناغم كبير بين رجل الدين والمثقف الواعي الصادق الحريص على رفعة مذهبه والكلام للطرفين.

(٥) حوار رقم (٤٩) غسل الأدمغة



(٥) حوار رقم (٤٩) غسل الأدمغة

 

السائل : 

س : كيف تغسل الأدمغه وتُغير مبادئها التي كانت مبنية على القرآن الكريم والعترة الطاهرة؟ 

الجواب :

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)[1] 

 

مقدمة مهمة :

أخي العزيز! مالم تكن واقفاً على أرض صلبه في اعتقادك وفقهك وفهمك وأخلاقك ستأخذك أمواج الحياة بتوجهاتها وتياراتها وافكارها، ولذلك تحتاج إلى ضمان من الحق سبحانه وتعالى كي لا تضل بعدها أبداً، وقد نطق بها رسول الله صلى الله عليه وآله في مقدم الكلام، فنحتاج لثابت لنعرف المتغير ونحتاج للأصل لنعرف الفرع ونحتاج العام لنعرف الخاص ونحتاج المطلق كي نعرف المقيد.... إلخ. 

أخي العزيز! تعددت وسائل الإعلام واختلفت طرقها حتى بات العقل يتلقى آلاف المعلومات دون فرز أو إحصاء أو تدقيق، فأصبح العقل مثل الحفرة التي لا يُعرف نهاية لقرارها، فبدأت الناس تلقي مخلفاتها سواء كانت ضارة أو نافعة.

وهناك طرق في غسل الأدمغة ممنهجة ومعده لتؤدلج العقل وتتحكم في ردود فعله 

منها :

1- اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يُصدقك الناس وتصدق نفسك أيضاً بالرغم إنك صاحب الكذبة الأولى، لماذا؟ لأن انتشارها يلبي أغراضك ويحقق أهدافك فلا تكشف القناع عنها لتقاطُعها مع المصالح الشخصية، وهذا مبدأ يستخدم في عدة مجالات في


الحياة،  فـ(الغاية تبرر الوسيلة)، فأي شيئ يحقق ذاتك حتى لو عارض القيم والمبادئ والاخلاق بل لو عارض رضوان الله سبحانه ستقوم به مهما كلفك من هلاك نفسك في الدنيا والآخرة.

 

2- هناك مُستقبلات في الدماغ لا تأخذ طريقها إلا بالتكرار والضرب على وتر الأماني والتحلق بتيجان الخيال والوهم، فتكرارها يُحوّلها فكرك إلى واقع داخلك فتصدقها وتعتقد بوجودها في الخارج. لكن حقيقتها هي خيالك فقط وفقط، مثل الطباع والعادات التي يمارسها الإنسان وليس لها أي مبرر شرعي أو منشأ قُرآني أو روائي وإنما بنات افكارك هي من جعلته ضرورة لايمكنك التخلص منها.

 مثال: استعمال الدخان، فصاحبه يقرّ أنه مضر ويتمنى الخلاص منه، لكنه بالمقابل يقول لا أستطيع تركه فيتعلق بخيوط الوهم الذي نسجه في داخله، وهناك صور تشابهها مثل حب الرياسة وحب الشهوة وحب النساء وحب الثروة والمال وحب الراحة وحب الكلام في كل شيء. كل ذلك تدغدغ روح الأنا الأنانية وحب الذات والظهور لأنها لم توافق في طلبها ما أرادته مدرسة اهل البيت عليهم السلام في منهجها قرآني أو الروائي الذي  يُؤخذ من أهله وقد تسأل من هم أهله؟ 

أجلى مصاديق أهله اليوم هم مراجع التقليد حفظهم الله وإذا لم تتبعهم ستضل الطريق وتتبع هواك فتستلمك أمواج الشبهات، فلا تعرف الحق لتتبعه ولا تعرف الباطل فتجتنبه فتتعلق بالدنيا فيصدق عليك (حب الدنيا رأس كل خطيئه). 

وقد روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): ما من عمل بعد معرفة الله جل وعز ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله) أفضل من بغض الدنيا... فتشعب من ذلك: حب النساء، وحب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الراحة، وحب الكلام، وحب العلو، والثروة،


فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة)[2] .

 

3- غسل الدماغ بالثناء على من لا يستحق الثناء ووضعه في صورة القدوة والملاك رغم كل إخطائه الظاهرة التي لا يختلف عليها عاقل، ينبض بالفطرة السليمة فتجده يغمض عينيه لأنه من قبيلته أو قريبة أو خاصته أو تورط معه في مشروعة فلا يستطيع الرجوع إلى اعتقاده بأن في الرجوع خسارة لكل شيء دنيوي حتى لو كان الثمن هو خسرانه في الآخرة.

 

🔷علاج المشكلة:

ولكشف هذه الامور مبكراً قبل أن تتغلغل في أعماق فكرنا نحتاج مايلي: 

1-ممن آخذ معالم ديني؟ 

المراجع العظام أفضل طريق ناجح حتي يومنا الحاضر، والتاريخ حافل بإنجازاته في ذلك الميدان وإلى يومنا الحاضر. 

 

2-طلب العلم الحقيقى وليس المزيف، والعلم لا يأتي بالسمع فقط بل بالقراءة والمتابعة والتحقيق والسعي في طلب العلم بعيداً عن القبلية والحزبية والتمسك بالذات الثقة المطلقة بقرارتها وإن كانت خاطئة. 


 


3-لا تضع سمعك ولا نظرك لأي أحد مالم تتوثق من علمه وصدقه وورعه وتقواه ورأي أهل الخبرة فيه إذا لم يكن في السلك الحوزوي كما روي عن السجاد عليه السلام (هلك من ليس له حكيماً يرشده) . 

 

4-لا يكون الكلام سابق العلم فتعلم ثم تعلم ثم تعلم ثم تكلم.

 

فهذا كافٍ لتوضيح فكرة غسل الأدمغة، ولأن الموضوع شائك ومتفرع وله شعب كثيرة. 

٤ / ٣ / ١٤٤١ هجري



[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٦

[2] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ٨٩٦



الأربعاء، 26 أبريل 2023

حوارية (٩١)لماذا أذهب إلى المساجد..؟

 

💎حوارية (٩١) لن اذهب المساجد و الحسينيات لأني سمعت ان كثير من المتدينين يفعلون العبادات ورغم ذلك لا يخافون الله في حقوق الناس ولا يتورعون عن أذية الناس؟
فكيف نرد على مثل هذا استاذي الكريم

✋الجواب بسمه تعالى
هناك خلط كبير جداً يقع فيه بعضنا ويسمى في المنطق بالمغالطة
بحيث يبرر الإنسان ترك مستحب عبادي لأجل نماذج سيئة رأها أو سمع بها أو تجارب شخصية كشفت له زيف من  يتمسك بظواهر العبادات ويقع في الذنوب الكبيرة والنفاق حسب ما وصل له من نتيجة ظالمة اتهم فيها جميع من يعتاد المساجد أو الحسينيات وهو لا يعلم بذلك

فتجد بعض الناس يقول فلان لا يترك المسجد ومتدين ومسبحته طويلة ولكن عاصي ومذنب لم يسلم من لسانه ويده أحد..
وبالعكس شخص اخر يترك العبادات والذهاب للمساجد والحسينيات ولكنه صادق مع الناس وحسن المعاملة معهم فلو فعل الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والإستماع للأغاني ذنبه على جنبه فقد آذى نفسه ولم يؤذي غيره ولم يلبس الدين ذريعة في فرض إحترامه على الناس أو يخدعهم بما يفعله من مظاهر عبادية

💡منطقة الخلل المغالطة هنا..
أرجوا الإلتفات إليها جيداً بعين العقل والمنطق
تجد بعض المتدينين يعتقدون أن الدين هو المظاهر العبادية من صلاة وصيام وحج وزكاة واستغفار وغيرها من العبادات فإذا فعلها سقط التكليف والمساءلة عنه من الله سبحانه ومن الناس
فيحل لنفسه أن يفعل الفواحش منها أذية الناس أو ينافق أو يسلب حقوقهم بل بعضهم يكون سيء الخلق مع أهله فضلاً عن مجتمعه ووو
فالمهم عنده  يعتاد المساجد و الحسينيات فهذا كفارة كل منكر يقوم به .. وهذا التفكير خطير جداً جرأة على الله سبحانه بإرتكابه المحرمات فيصدق عليه كلام أهل البيت عليهم السلام
نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم...
م: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٣ - الصفحة ٢٩٤.
💡وهنا لفته مهمة من سيد الموحدين عليه السلام
بقوله ( حبذا صوم الأكياس وإفطارهم)
بمعنى أن من يتخذ عبادته هذه طريق للتقوى والبعد عن معاصية وإصلاح نفسه بتزينها بحسن خلقه وصدقه في الحديث
وهناك كثير من المتدينين يحملون هذه الروح الإيمانية ممن يعتادون المساجد و الحسينيات

💡بالمقابل هناك خلل فكري ومغالطة منطقية عند من لا يحضر المساجد ولا الحسينيات بحجة ظالمة معوجة لا يحبها أهل البيت بقوله المهم أني لا أؤذي أحداً
ولا اكذب على الناس ولست سيء الخلق مع أهلي والمجتمع
ويعتقد بذلك أنه سقط التكليف عنه فلا حاجة لمسجد أو حسينية وهذا خطأ كبيرا أيضا

فيخالف صريح الآيات والروايات الشريفة في الحث على عمل المستحبات
كقوله تعالى
{ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ(32)}الحج.
وروايات أهل البيت عليهم السلام
مثل
عن عبد الله بن سنان، عن حفص بن البختري عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان يوم الجمعة نزل الملائكة المقربون معهم قراطيس من فضة، وأقلام من ذهب فيجلسون على أبواب المسجد  على كراسي من نور فيكتبون الناس على منازلهم الأول والثاني حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ولا يهبطون في شئ من الأيام إلا يوم الجمعة، يعني الملائكة المقربين .
م: وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٧.

💡السبب الحقيقي في هذا الخلل الفكري
لأن الطرفين لم يدركوا جوهر العبادة الحقيقي وهو
أن جميع العبادات والتكاليف الشرعية الواجبة والمستحبة وغيرها هي طريق لتحصيل التقوى والتكامل الروحي والنفسي ليكون عبداً صالح لنفسه ولمجتمعه.
فعلينا أن نعبد الله سبحانه وتعالى على وعي ومعرفة عبادة العالم خير من عبادة الجاهل

نسأل من الله أن نكون ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

✍️زاهر حسين العبدالله
https://t.me/zaher000

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

أدب المواجهة في الحوار

 

أدب المواجهة في الحوار 

روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: (إذا هبت أمرا فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه)نهج البلاغة 3 / 194

*مقدمة:

 إن كثيرًا من مشاكلنا اليوم وازدياد الفجوة بين الأحبة ناتجة عن عامل مهم، وهو عدم المواجهة والاعتماد على القيل والقال من الثقات في نظر الشخص، فيقول لا حاجة لمواجهة شخص سمعتهم يقولون عنه كيت وكيت، وهذا خلاف المبدأ القرآني الذي يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}٦الحجرات 

في تفسير هذه الآية قال العلامة الطباطبائي في الميزان ج18 ص164

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} إلخ. الفاسق كما قيل هو الخارج عن الطاعة إلى المعصية، و النبأ الخبر العظيم الشأن، والتبين والاستبانة والإبانة -على ما في الصحاح- بمعنى واحد، وهي تتعدى ولا تتعدى، فإذا تعدت كانت بمعنى الإيضاح والإظهار يقال: تبينت الأمر واستبنته وأبنته أي أوضحته وأظهرته، وإذا لزمت كانت بمعنى الاتضاح والظهور يقال: أبان الأمر واستبان وتبين أي اتضح و ظهر. ومعنى الآية: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بخبر ذي شأن فتبينوا خبره بالبحث والفحص للوقوف على حقيقته حذر أن تصيبوا قوما بجهالة فتصيروا نادمين على ما فعلتم بهم. و قد أمضى الله سبحانه في هذه الآية أصل العمل بالخبر وهو من الأصول العقلائية التي يبتني عليه أساس الحياة الاجتماعية الإنسانية، وأمر بالتبين في خبر الفاسق، وهو في معنى النهي عن العمل بخبره، وحقيقته الكشف عن عدم اعتبار حجيته، وهذا أيضاً كالإمضاء لما بني عليه العقلاء من عدم حجية الخبر الذي لا يوثق بمن يخبر به وعدم ترتيب الأثر على خبره. بيان ذلك: إن حياة الإنسان حياة علمية يبني فيها سلوكه طريق الحياة على ما يشاهده من الخير والشر والنافع والضار والرأي الذي يأخذ به فيه، ولا يتيسر له ذلك إلا فيما هو بمرأى منه ومشهد، وما غاب عنه مما تتعلق به حياته ومعاشه أكثر مما يحضره وأكثر، فاضطر إلى تتميم ما عنده من العلم بما هو عند غيره من العلم الحاصل بالمشاهدة والنظر، ولا طريق إليه إلا السمع وهو الخبر.

فالركون إلى الخبر بمعنى ترتيب الأثر عليه عملا ومعاملة مضمونه معاملة العلم الحاصل للإنسان عن طريق المشاهدة والنظر في الجملة مما يتوقف عليه حياة الإنسان الاجتماعية توقفا ابتدائيا، وعليه بناء العقلاء ومدار العمل. نستفيد من هذه الآية الشريفة أمرا بالغ الأهمية، وهو وجوب التثبت من أي معلومة نسمعها قبل الحكم عليها تأتينا من الخارج، ولو تأملنا أكثر في مدلول الآية لوجدنا أنها تحمل معنى أوسع من لفظ الفاسق، بل جاءت الآية في معرض المثال، وكأن الآية تقول أي خبر يأتيك من رجل كان أو امرأة، مؤمنا كان أم كافرا وعالما كان أم جاهلا، وهكذا من أصناف الناس يجب التثبت قبل أن تحكم على أي إنسان، فهذه الآية فيها تحذير شديد ينبه الغافل بأنه يجب عليه الفحص والبحث بنفسه عن أي نقد وجه له سواء من بوابة (يقولون أو كما وصلني) التي يعتمدونها بعض الناس، أو الثقة الذي قد يشتبه في الأمر. ولذا سيكون حوارنا في النقاط التالية:

١- تعريف المواجهة.

٢- أدبيات (أبجديات) المواجهة.

٣- فوائد المواجهة.

١- تعريف المواجهة:

هو لقاء بين طرفين مختلفين في الرؤى والأفكار والتشخيص، فكل واحد يعرض بضاعته بغض النظر عن قبول الآخر أم رفضه، والغرض منه هو أن يعذر كل واحد الآخر في خياراته .

٢- أدبيات (أبجديات) المواجهة:

يجب أن يكسو الحوار في المواجهة ما يلي:

- حسن الظن لكلا الطرفين، ولا يكون عند كليهما خلفية حكم مسبق على الآخر، بل الحكم بعد سماع بعضهما مجردا.

كما قال أمير المؤمنين: (اطرحوا سوء الظن بينكم). نهج البلاغة.

- عدم المتاجرة في النوايا والضغط على زنادها، فالنوايا لا يعلمها إلا الله سبحانه. فقد جاء رجل قتله أبو الدرداء كان في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة، فوجد رجلا من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا الله فبادر، فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئا فأتى رسول الله، فذكر ذلك له، فقال رسول الله ألا شققت عن قلبه، وقد أخبرك بلسانه، فلم تصدقه، قال: كيف بي يا رسول الله؟! فقال: فكيف بلا إله إلا الله).[1]

- مهما علت الأصوات في الحوار تبقى حبيسة المكان، ولا تظهر لأحد كي لا يذكي نار الخلاف فيما بين الطرفين.

- لا بد من وجود طبقة من الحكماء العقلاء في الحوار يحكمون الموقف، ويمسكون بزمام الاختلاف في الحوار.

- وجود بنود للحوار وتركيز على منطقة الاختلاف دون الإسهاب في الهوامش والبعد عن مركز الخلاف.

- البعد عن أخذ الأقوال المسبقة التي أخذها كلا الطرفين عن ثقاتهم، بل السؤال المباشر لصاحب الشأن ذاته.

- الشجاعة في الموقف إذا تبين خطأ كلا الطرفين والاعتراف به بروح إيمانية خالصة. وقد ورد (الاعتراف بالحق فضيلة).

٣- فوائد المواجهة.

- معرفة حقائق غامضة قبل اللقاء عن كلا الطرفين. وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام:(الحكمة ضالة المؤمن، فحيث ما وجد أحدكم ضالته فليأخذها).وسائل الشيعة ج5 ص322

- كشف القناع عن المفتنين بين كلا الطرفين المستفيدين من حالة الخلاف بينهما.

- تأسيس لقنوات تواصل بين الطرفين، ثم عقد ندوات علمية للقاء بين المختلفين في الرؤى والأفكار.

- تعود الفرد على عدم جعل قول الآخرين محط المسلمات، بل يجب معرفة الأمر بنفس الشخص خصوصا في الخلاف.

*الخاتمة:

نحن بحاجة ماسة كي نتحاور بلغة علمية هادئة كي لا نعطي الفرصة للعذال والحاسدين والحاقدين أن يكون لهم دور السبق في اتساع  هوة الخلاف الذي يستفيد منه أعداء الإسلام، ولنكن مصداقا لقوله تعالى:

{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}١٠٣ آل عمران



[1]   تفسير مجمع البيان ج3ص137

حوارية (121) لا أريد أن أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم)

  ❇️حوارية (121) لا أريد أن  أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم) وأكفر ببعض؟  ☝️السائل : نمر اليوم بعدة مشاكل في الحياة ومنها المجاملة التي نصل ...