الخميس، 31 أغسطس 2023

الإمام الرضا (ع) ومواجهة الغلاة.

 💎الإمام الرضا عليه السلام ومواجهة الغلاة. 


قال تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) } التوبة 


مقدمة: 

كان دور أهل البيت ولا يزال محاربة الفرق المنحرفة وأصحاب العقائد الفاسدة ومن ضمنهم الغلاة الذين اتخذوا أهل البيت عليهم السلام أرباباً من دون الله أو تعظيمهم إلى حد تفويض الخلق إليهم بنحو الاستقلال أو يرزقون ويخلقون من دون الله مستقلين بذلك 


عناصر المقال 

١-تعريف الغلو 

٢-أدوار الإمام عليه السلام في ذم الغلاة والتحذير منهم 

٣-الحد الأوسط في التعامل مع فضائل أهل البيت عليهم السلام 


١-تعريف الغلو 

كثرت تعاريف الغلو في اللغة والاصطلاح لتعدد صنوف العلم فيه 

ولو أخذنا في الجانب الديني بتعريف يجمع بين الفرقين 

هو تجاوز الحد في التعظيم المبالغ في الشيء أو التقصير المبالغ في الشيء .كما ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام 

( هلك فيّ اثنان محبّ غالٍ ، ومبغض قالٍ )

الغلو له ثلاثة أشكال 

[ غلو في محبة أهل البيت (ع) – غلو في التقصير عنهم ـ غلو في التصريح بمثالب أعدائهم ]

الغلو في محبتهم كيف؟

 أن تعتقد بأنّ الأئمة (عليهم السّلام) آلهة يعبدون من دون الله، وهو كفر وشرك عظيم ، وقد تبرّأ الأئمة (عليهم السّلام) ممّن ادّعى الربوبيّة فيهم ، ولعنوهم ، وحذّروا شيعتهم من الارتباط بهم ، ووضعوا ضابطة في التعامل مع محبتهم ووضعهم في مكانتهم من العبودية للحق سبحانه وتعالى مثل

وفي تفسير الإمام، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)( لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا ما شئتم، ولا تغلوا، وإياكم والغلو كغلو النصارى، فإني بريء من الغالين).(١) 

وورد عن كامل التمار قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ذات يوم فقال لي: يا كامل اجعل لنا ربا نؤوب إليه ؟ وقولوا فينا: ما شئتم. و ورد عنهم.(٢)  وروي عن الصادق عليه السلام (اجعلونا عبيدا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم)(٣)

وفي دعاء الإمام الرضا (عليه السّلام)[ اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، اللهم من زعم أنا أرباب فنحن منه براء، ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق، فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى، اللهم إنا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون، واغفر لنا ما يدعون ولا تدع على الأرض منهم ديارا  إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ](٤)

٢- أدوار الإمام عليه السلام في ذم الغلاة والتحذير منهم 

تصدى الإمام الرضا عليه السلام لكل الفرق والتيارات المنحرفة التي تأسست أو وجدت في زمانه، ومن أبرزها 

١-حركة الغلو والغلاة، وقام بالرد على جميع ألوان وأقسام الانحراف العقدي والفكري لها، وكان يستهدف الأفكار والأقوال تارة، كما يستهدف الواضعين لها والمتأثرين بها تارة أخرى .

٢-وله ردود عديدة على الغلاة والمجسمة والمجبرة والمفوضة

٣- الفرق غير الإسلامية كالزنادقة واليهود والنصارى وغيرهم.


ماذا فعل الإمام ضد الغلاة؟

دعا الإمام الرضا عليه السلام إلى مقاطعة المنحرفين عقائدياً كالغلاة والمجبرة والمفوضة مقاطعة شاملة وكلية لمنع تأثيرهم السلبي في الأمة، وأسند هذه الأوامر إلى آبائه الأطهار.

فقال: «الغلاة كفار والمفوضة مشركون، من جالسهم أو خالطهم أو آكلهم، أو شاربهم، أو واصلهم، أو زوجهم، أو تزوج منهم، أو آمنهم، أو ائتمنهم على أمانة، أو صدق حديثهم، أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله صلى الله عليه آله وسلم وولايتنا أهل البيت..


من أقوال الرضا عليه السلام 

(لعن الله الغلاة إلا كانوا يهوداً، إلا كانوا مجوساً، إلا كانوا نصارى، إلا كانوا قدرية، إلا كانوا مرجئة، إلا كانوا حرورية. ثم 

قال (ع)لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم، وابرؤوا منهم، برئ الله منهم . (٥)


من الغلو: التصريح علاناً بمثالب أعداء أهل البيت عليهم السلام 

يتحدث عن أهداف الغلو والغلاة ونسبتها إلى أهل البيت؛ 

فقال: «إن مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا، وجعلوها على ثلاثة أقسام:

أحدها: الغلو.

وثانيها: التقصير في أمرنا.

وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا.

فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا، ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإن سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم، ثلبونا بأسمائنا، وقد قال تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ(١٠٨)﴾الأنعام.

وقال :[إنما وضع الأخبار عنا، في التشبيه والجبر الغلاة، صغروا عظمة الله تعالى، فمن أحبهم فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبنا](٦)


٣- الحد الأوسط في التعامل مع فضائل أهل البيت عليهم السلام 

وقال الإمام الرضا عليه السلام حينما لقي المأمون العباسي

قال المأمون العباسي للإمام الرضا عليه السلام : بلغني أن قوماً يغلون فيكم، ويتجاوزون فيكم الحد!

 فقال عليه السلام : (حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا ترفعوني فوق حقي فإن الله تبارك وتعالى اتخذني عبداً، قبل أن يتخذني نبياً، قال الله تبارك وتعالى {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ(٧٩)}آل عمران.(٧) 


الخلاصة أن الإمام الرضا عليه السلام 

تصدى للغلاة وأفكارهم المنحرفة بكل قوة وحزم، محذراً من الانسياق وراء أفكارهم، ومبيِّناً للأمة خطأ منهجهم، وآمراً بمقاطعتهم حتى يمنع أي تأثير سلبي لهم على المسلمين.


✍️زاهر حسين العبدالله 

للمزيد 

https://t.me/zaher000


المصادر:

(١) مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج ٧ - الصفحة ٥٣. 

(٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ٢٨٣.

(٣) مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج ٧ - الصفحة ٥٣.

(٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ٣٤٣.

(٥) عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ٢١٩. 

(٦) عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢.

(٧) عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ٢١٧.

الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

💎شجاعة الإمام الحسن (ع) أمام الطغاة

💎شجاعة الإمام الحسن (ع) أمام الطغاة 

قال تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ والْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى‏ بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى‏ أَنْ تَعْدِلُوا وإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥)} النساء.

مقدمة: 

حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام تحمل عدة أبعاد واليوم سنركز على بعد من شخصيته قليل هم من يتعرض له وهو إعلان كلمة الحق أمام سلطان جائر ويقول شهادة الحق ولا يخشى الله لومة لائم خصوصاً إذا كان الطرف الثاني يتقصد الحط من مقام النبوة والرسالة والإمامة فيغضب لله سبحانه ويعري المشروع المزيف أمام الأشهاد ليكون عبرة لمن يريد الاعتبار. ولو رجعنا لتفسير هذه الآية للعلامة الطباطبائي فإنه يقول 

القسط هو العدل، والقيام بالقسط العمل به والتحفظ له، فالمراد بالقوامين بالقسط القائمون به أتم قيام وأكمله، من غير انعطاف وعدول عنه إلی خلافه لعامل من هوی و عاطفة أو خوف أو طمع أو غير ذلك.

وهذه الصفة أقرب العوامل وأتم الأسباب لاتباع الحق وحفظه عن الضيعة، ومن فروعها ملازمة الصدق الشهادة في أداء الشهادة والقيام بها. (١)

فقد ورد في هذه الآية المباركة واجب الدفاع عن كرامة الإنسان بالطرق التي تتناسب مع طبيعة الشخص ومكانته ومعرفته حدوده الشرعية فقد تجلت هذه الصفة في شخصية الإمام الحسن الزكي روحي فداه في مقارعة الظالمين بلسانه الشجاع من خلال خطاباته ورسائله ومواقفه مع طغاة عصره. 

ومثل هذه الروايات ما أرسله الإمام الحسين عليه السلام لأشراف الكوفة حينما طلبوا أن يحضر عندهم فذكرهم بكلمات حري بأن تكتب بماء الذهب حيث قال عليه السلام 

(ودعا الحسين بدواة وبيضاء وكتب إلى أشراف الكوفة ممن كان يظن أنه على رأيه :

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد، وعبد الله بن وائل، وجماعة المؤمنين أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: " من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله " وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وإني أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله... الخ.(٢) فقد جسد هذه الوصية التي أرادها الإمام الحسين عليه السلام من أشراف الكوفة الإمام الزكي عليه السلام قولاً وعملاً في تعامله مع طغاة عصره 

ونذكر هنا مواقف للإمام الزكي عليه السلام يكشف كيف تعامله مع طغاة عصره صادعاً بكلمة الحق الشجاعة المزلزلة التي تضع الوضيع في حجمه الطبيعي 

فقد كان طغاة عصره يتفاخرون بأنسابهم وبملكهم وما انتهى أمر الناس إليهم يريدون بذلك إحراج الإمام الحسن المجتبى روحي فداه ولكن هيهات وهو ابن الأنبياء وسليل الأوصياء في حادثة طويلة ينقلها الشيخ الطبرسي في الاحتجاج سننقل منها محل الشاهد 

💡 أن معاوية قدم المدينة فقام خطيبا فقال: أين علي بن أبي طالب؟

فقام الحسن بن علي فخطب وحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

إنه لم يبعث نبي إلا جعل له وصي من أهل بيته، ولم يكن نبي إلا وله عدو من المجرمين، وإن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله من بعده، وأنا ابن علي، وأنت ابن صخر، وجدك حرب، وجدي رسول الله، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتي خديجة وجدتك نثيله، فلعن الله ألأمنا حسبا، وأقدمنا كفرا، وأخملنا ذكرا، وأشدنا نفاقا، فقال عامة أهل المجلس: آمين. فنزل معاوية فقطع خطبته وروي أنه لما قدم معاوية الكوفة قيل له: إن الحسن بن علي مرتفع في أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أنفس الناس وأعينهم، فأبى عليهم وأبو عليه إلا أن يأمره بذلك فأمره، فقام دون مقامه في المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أما بعد أيها الناس فإنكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوا غيري وغير أخي، وإنا أعطينا صفقتنا هذا الطاغية - وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية - وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، وأشار بيده إلى معاوية.

فقال له معاوية: ما أردت بقولك هذا؟

فقال: ما أردت به إلا ما أراد الله عز وجل، فقام معاوية فخطب خطبة عيية فاحشة، فسب فيها أمير المؤمنين عليه الصلاة السلام، فقام إليه الحسن بن علي عليهما السلام فقال له - وهو على المنبر -: ويلك يا بن آكلة الأكباد أو أنت تسب أمير المؤمنين عليه السلام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أدخله الله نار جهنم خالدا فيها مخلدا وله عذاب مقيم "؟

ثم انحدر الحسن عليه السلام عن المنبر ودخل داره، ولم يصل هناك بعد ذلك أبدا..(٣)

في هذا السجال التي وضع حداً لزهو الملوك ولغرور الحاشية وتعليم العامة مكانة أهل البيت عليهم السلام ومقاماتهم التي خصهم الله تعالى نستفيد منها ما يلي:

١-كلمة الحق في إثبات حق الله ورسوله واجب على الخبير الذي يعي عواقب الأمور 

٢-الشجاعة لا تقف عند السيف بل أحياناً أشدها على العدو اللسان إذا أفحم خصمه ووضعه في حجمه الطبيعي 

٣-أن تنتصر للحق الذي يحبه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس العصبية العمياء المبنية على العناد والقبلية.

٤-ليس كل ما ظن أنه نال الملك والجاه والسلطان ظلماً يعني بالضرورة السعادة بل كلمة حق تكشف كل مشاريع الزيف في هذا السلطان وتهدم عروشه من جذوره.

٥-تكشف لنا أن الإمام الحسن الزكي روحي فداه حفظ دماء المسلمين ولكنه لم يتنازل عن تاج الإمامة والشرف الذي خصه الله به سبحانه وتعالى ولا يتوانى عن الإعلان به في أي وقت وزمان حتى أمام طغاة عصره 

٦-أخيراً الإمام الحسن المجتبى أرواحنا فداه استطاع أن يقوم بدوره الفاعل الذي كشف مشروع الطغاة الذين أرادوا أن يتستروا خلفه بالإسلام ليخدعوا به عامة الناس وواجه ببسالة كل إعلامهم المضلل الذي سعى طغاة عصره لترسيخه في أتباعهم حتى بات كل من يعرفهم أن بشر أرادوا الدنيا متاعاً وحكم رقاب الناس غرضا ولم يعرفوا دين الله ولا عهده ولا ذمته فمهد لثورة تحيي بها معالم الإسلام من جديد وتعود فيه روح الدين الحنيف والتي قادها أخوه الإمام الحسين عليه السلام ليكمل ما بدأه الحسن الزكي أرواحنا فداه 

و الحمد لله رب العالمين. 


✍️زاهر حسين العبد الله

https://t.me/zaher000


المصادر :

(1) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ١٠٨.

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٨١.

(3) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٢٠.

الجمعة، 11 أغسطس 2023

حوارية (٩٨)علم الكلام ليس من منهج أهل البيت (ع)؟!

حوارية ( ٩٨) علم الكلام ليس من منهج  أهل البيت عليهم السلام! 

هناك من يقول أن علم الكلام بعيد عن منهج أهل البيت عليهم السلام وأن أول من أسسه هو الحسن البصري و هو أحد أعداء أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام. 

 منقول من كتاب مصطلح علم الكلام  فما هو تعليقك ؟ 


الجواب : نقول بسمه تعالى وبالله التوفيق 

هذا الكلام غير صحيح 

فلو رجعنا لعنوان الكتاب الذي ذكره في مصطلح علم الكلام في المكتبة الرقمية 

لوجدنا ثلاثة كتب بهذا العنوان حد ما وصل علمنا. 

أولها موسوعة مصطلح علم الكلام للمؤلف الدكتور سميح دغيم 

الثاني بنفس الاسم للدكتور الفضلي (قدس) 

والثالث : مصطلح علم الكلام للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي 

للمؤلف : أحمد عبد الهادي مهدي الصالح. 

وبعد الرجوع لمقدمات هذه الكتب لم نجد  أحدهم نقل أن أول من أسس علم الكلام هو الحسن البصري. بل تؤكد الكتب الثلاثة إجمالاً  أن علم الكلام بدأ منذ الصدر الأول للإسلام من خلال سيرة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام والجانب السني يشير لبعض الصحابة فهو قديم بقدم الرسالات الإلهية لأنهم جاؤوا في مقام الإحتجاج على قومهم. 

 ورغم ذلك نجيب على هذا التساؤل 

من عدة وجوه سنقف عليها تباعاً ولكن لابد من تعريف علم الكلام أولاً ثم نرى هل نستطيع  نسبته لمنهج أهل البيت عليهم السلام في تبليغ الرسالة أو أنه أحد أدواتها المعرفية ،أم لا؟ 

علم الكلام له عدة تعاريف إلا أنها تصب في حقل واحد والبعض يخصص بعض فصول هذا العلم كحيثيات لمنهجه الخاص.

 وهنا سنذكر التعريف العام الذي ذكره الدكتور الفضلي عليه الرحمة  

 حيث قال أن علم الكلام هو (العلم الذي يُبحث فيه عن إثبات أصول الدين الإسلامي بالأدلة المفيدة لليقين بها) ثم شرح هذا التعريف فقال :

يتوفر علم الكلام على بحث ودراسة مسائل العقيدة الاسلامية الحقة بإيراد الأدلة وعرض الحجج على اثباتها، ومناقشة الاقوال والآراء المخالفة لها، ومحاكمة أدلة تلكم الاقوال والآراء، وإثبات بطلانها، ونقد الشبهات التي تثار حولها، ودفعها بالحجة والبرهان) (١)


فبحسب هذا التعريف يمكن كشف اللثام عن هذا المنهج لنجد أن أول من أستعمله عملاً هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إحتجاجه مع نصارى نجران حيث كانوا يحاجونه في صدق نبوته بالأدلة التي عندهم في إنجيليهم ومنها أن من يدعي النبوة بعد النبي عيسى عليه السلام ـ حسب بعض نقولاتهم ـ فهو كاذب. 

فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله ففندها وحللها ونقضها ووضعها في سياقها العام وذكر المقصود منها وأنه خاصة بجهة وبجماعة معينة في تفصيل نتركه في محله. فأنتهت تلك المحاججه إلى المباهلة وهزم نصارى نجران أمام هذا الإختبار الصعب الذي كاد أن يفنيهم عن آخرهم لو وافقوا عليه حينما رؤوا الأنوار القدسية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام وسيد الموحدين علي عليه السلام وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام حيث قال كبيرهم إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، وقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم.. (٢)

 فنزل قول الله تعالى 

{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١)}آل عمران . ثم تبع هذا النهج تلميذ النبوة وخاصة علم ومستودع سر رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام للصد عن حريم الإسلام وأهله بالحجة والدليل أيضا في الخط المقابل للإسلام وكذلك الخط المقابل لمنهج أهل البيت عليه السلام داخل المسلمين وهكذا بدأ هذا العلم يخرج من علومهم عليهم السلام جواهر ثمينة تلاقفوها تلاميذهم بأذن واعية وبصيرة حاضرة واستفاد المتأثرون بهم من غير مدرسة أهل البيت عليهم السلام وبدأوا يسقطون عليه مسميات حديثة كي يُنسب لهم وأن جذوره منهم وهناك من جاهد في وضعه في سياقات محددة في الإلهيات كالمعتزلة وغيرهم . ولأن المقام هنا مقام حوار وليس مقام نقاش وبحث علمي يذكر كل أبعاد هذا العلم فيمكن القول:

 أن علم الكلام هو : أداة من أدوات تحصيل العلم وفق مقدمات ومعطيات ونتائج يطوّعها أصاحبها لإثبات حق وإزهاق باطل حسب معتقدهم وحسب منهجهم لإقناع الأخرين بقوة الحجة وجميل المنطق. 

ولو أردنا أن نضعه في سياق كلمات أهل البيت عليهم السلام نقول :

هو المعرفة الواعية بالله ونبيه(ص) وأهل بيته عليهم السلام فيكون محصلته معرفة الدين بشكل كامل من خلال مرآتها وهم محمد وآل محمد كما أكد عليه أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال :( أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه )(٣) .

ولو أخذنا شاهد من سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في هذا العلم قام يوماً خطيباً  فقال:( محل الشاهد) :

(سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه، ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذه الآية ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾..) (٤)

وقد سار على هذا النهج أهل البيت عليهم السلام و تلاميذهم كهشام ابن الحكم وأمثاله. 


💡الخلاصة :

أن علم الكلام نشأ في الصدر الأول في الإسلام  وقد أستفاد منه الكثير من المتكلمين في مختلف المدارس الإسلامية سنة وشيعة وقدرية ومعتزلة. وكل مدرسة توظفه في تقوية منهجها وهناك كثير من الابحاث بلورت هذا العلم لتصنف فيه المصنفات فقسمت وفصلت فيه ومنهم الحسن البصري وغيرهم من المهتمين فناقشوا في هذا العلم كثير من الموضوعات منها البحث حول صفات الله، وبالأخص مسألة التوحيد والعدل الإلهي، والقضاء والقدر، وبحث النبوة، والمعاد، والتكليف، والمعجزة. ومسألة حُسن وقبح بعض الأفعال. 

 واستمر هذا العلم يتطور في مختلف المدارس لدى المذاهب الإسلامية وغيرها من الأديان والمشارب الفكرية. 

 لذا علينا أن نكرر الدعاء الذي يحصن معارفنا الدينية كما ورد عن الصادق عليه السلام 

  ( اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)(٥)


أرجوا أنني أجبتك على هذا السؤال و الحمد لله رب العالمين.


✍️زاهر حسين العبدالله

https://t.me/zaher000

المصادر :

(١) خلاصة علم الكلام للدكتور عبد الهادي الفضلي ص ٩.

(٢)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢١ - الصفحة ٢٧٧.

(٣)الانتصار - العاملي - ج ٢ - الصفحة ١٩٥.

(٤)التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٣٠٥.

(٥)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٢ - الصفحة ٣٢٦.

الأحد، 6 أغسطس 2023

💎المنبر الفكري حسيني أم بدعة خطباء؟

 💎المنبر الفكري حسيني أم بدعة خطباء؟

 

عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما كلم رسول الله صلى الله عليه وآله العباد بكنه عقله قط، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. الكافي - الشيخ الكليني  ج ١ص ٢٣.

💡مقدمة : 

كثر الكلام عند بعض مثقفينا وبعض الخطباء عن تردد كلمة المنبر الفكري حتى اختلط هذا المفهوم فمنهم من يقول : إنه أجنبي عن العطاء الإسلامي ولا يناسب المنبر الحسيني ولا يشمله ومنهم من يقول : إن هذا المفهوم مستل من آيات القرآن الكريم وروايات أهل البيت عليهم السلام كما في قوله تعالى{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ(١٩١)} آل عمران . 

ورواية عن أهل البيت عليهم السلام في التفكر والتأمل في الآيات والروايات كما ورد في الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، يحسن التخلص، ويقل التربص . ميزان الحكمة - محمد الريشهري  ج ٣ ص ٢٤٦٤.

ولو رجعنا لتوصيات مرجعنا المعظم في  للخطباء فإننا نجده في واحدة من وصاياه يقول فيها :

تجنّب القول بغير علم وبصيرة، فإنّ ذلك محرّم في الدين أيّاً كان مضمون القول، كما قال تعالى: [وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا] (الإسراء: 36)، وليس في حسن قصد المرء وسلامة غايته ما يبيح ذلك، كما لا يقيه من محاذير ذلك ومضاعفاته.

ولن يتأتّى ذلك إلّا بتنمية المرء لعلمه فيما يتعلّق بمجال حديثه وسعة اطّلاعه وممارسته والالتفات إلى مواضع الوفاق والخلاف ومواطن الوثوق والشكّ والريبة والأخذ بالاحتياط في الأمور كلّها.

ومن جملة مقتضيات ذلك الاطّلاع المناسب على التاريخ وحوادثه وظروف الوقائع وملابساتها وقيمة المصادر ودرجة اعتبارها.

وعلى الإجمال: فإنّه ينبغي للمبلّغ أن يكون ذا فضيلة في العلوم ذات العلاقة، متجهّزاً بالأدوات اللازمة، ممارساً في موضوع بحثه وحديثه، مطّلعاً على المعلومات المتعلّقة بذلك، متحوّطاً فيما لا يعلمه أو لم يتعلّمه بعد.انتهى كلامه دام ظله. 

ولو أردنا تعريف للمنبر الفكري نجد أن  سيد منير الخباز حفظه الله عرفه 

فقال المنبر الفكري هو : الذي يقدم أجوبة علمية تحليلية مصدرها العقل والنقل تعالج كثيراً من الأسئلة وتجيب عن كثير من الأطروحات والإشكالات. 


💡وهنا سنقف وقفه تحليلية نزعم أنها متجردة بحول الله تعالى لنرى هل خرج المنبر الحسيني عن إطاره فأصبح بدعة أم هي من ضمن أدوات الإصلاح التي رفعها مولانا الحسين عليه السلام .

فنقول وبالله التوفيق :هذه الآيات وهذه الروايات وهذه التوصيات جعلت المنبر الحسيني يتطور ليناسب لغة العصر ويتماهى مع سرعة المعلومات وعمقها المعرفي فالمبلغون والخطباء أصحاب الفضيلة الجادون في مواكبة هذا التطور المعرفي والعلمي والثقافي سهروا الليالي فحضّروا وجاهدوا لتحضير مادة تناسب هذا التطور من خلال بحثهم الطويل ومتابعاتهم الدقيقة وجهدهم المتواصل ليحيطوا بكل أبعاد المشكلة ويناقشوها بلغة عصرية تناسب جيل اليوم أو في  الأقل تناسب شريحة كبيرة من جيل اليوم وفعلاً نجح هؤلاء لسد فراغ نهم المعرفة عند شباب اليوم وتقليل الفوارق بين العلم الأكاديمي والعلم الحوزوي وإن الإسلام لا زال ولا يزال يستطيع أن يتكيف مع كل الشبهات الجديدة ويرد عليها بكل اقتدار وأصالة وعمق كما أنه لا يستنكف من أن يستفيد من بعض جوانبها التي تزيد من قوة الطرح وجمال البيان هكذا منابر تغطي جانبا كبيرا من هموم الشباب التي يشعر من خلالها بالإحباط وأن دينه الإسلامي لا يتماهى مع ما وصل إليه التقدم العلمي والمعرفي فيستعيد الثقة بدينه ومعتقده وإسلامه ومذهبه و عنده الاستعداد الكامل لأن ينفتح على العلوم والمعارف الحديثة ولا يخشى أي إثارة تُشكل له عائقا أمام عرض آرائه وفكره بل الخطيب البارع والمفكر الطليعي الذي يتقدم خطوات ويجعل خطابه يسبق زمانه من خلال أطروحاته القيمة التي يتبناها كل سنة . 

وذكرت في مقال سابق أن المنبر الحسيني هو جامعة ومؤتمر علمي حافل بالمعارف الثقافية والقيم والفضائل والعبر والنعي والبكاء فهو منبر يلامس أبعاد الإنسان بمختلف جوانبه وكل إنسان يتغذى بما ينقصه من هذا المنبر الحسيني الرائد وكلامنا في هذا المقال مقيد بشرط وهو :

أننا نتكلم عن الذين التزموا الآيات والروايات وتوصية المراجع العظام لا غيرهم كما أننا نعترف بتقصيرنا لأننا لم نحضر كل المنابر الحسينية كي تكون نظرتنا شمولية وكل كلامي مقيد بما تفضل الله به علي من خلال استماعي لتلك المنابر الحسينية في هذا الموسم المبارك ومنها منبر الشيخ الأستاذ عبد الجليل البن سعد حفظه الله تعالى ومنبر السيد منير الخباز ومنبر الشيخ محمد العبيدان ومنبر الشيخ الدكتور إسماعيل المشاجرة ومنبر الشيخ حيدر السندي.

اشتركت هذه المنابر في أمر واحد دون التنقيص في حق أحد  وهو رفع مستوى الوعي عند المستمع ووضع فهمه على مقدار الخطر المعرفي الذي يحيط به وما هي غايته وأهدافه و التأكيد على أصالة المعتقد وقوة المذهب في مواجهة هذه التحديات كما وضعت هذه المنابر الخطوط العريضة لمجتمع واع لا ينخدع بالألفاظ الموهومة التي تدغدغ مشاعر الأنا والشهوة والشهرة فهناك مؤسسات تعمل لهدم معالم الإسلام من خلالها بما يسمى بلغة اليوم الحرب الناعمة التي قال عنها أحد الغربين أنها أقوى من حرب السلاح والتي فحواها قلب المفاهيم وتمييعها وفرضها في الواقع الاجتماعي. ونذكر بعضها على سبيل الإشارة واللبيب بالإشارة يفهم. 

فكلمة الشذوذ قد وضعوا بديلا لها وهو المثلية والجندرية ، والتحلل القيمي والأخلاقي وضعوا بديلا له وهو الحرية والتحرر من القيود والتفكير خارج المألوف ، والعدل بين الرجل والمرأة حسب كل واحد مع طبيعة خلقه وما يناسبه من الوظائف التي تحافظ على كرامته وإنسانيته ويكون كل واحد مكملاً للآخر قد وضعوا بديلا له التساوي والندية والعصبية والحقوق المطلوبة المضيعة (النسوية)، ولم يتركوا الطفولة البريئة   في حالها بل مرروا شذوذهم الفكري المنحرف فوضعوا لها مسميات مثل حقوق الطفل بل حتى الحيوانات لم تسلم من مخططاتهم و حتى الأموات لم يسلموا من تفكيرهم المنحرف كل ذلك تحت عناوين براقة شيطانية لا تمت للإنسانية بصلة بل ولا للفطرة السليمة التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان حيث قال : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(٣٠){الروم .

هذه المواضيع نوقشت بعلمية راقية في المنابر التي أشرنا إليها رغم تفاوتهم في البيان ولغة الخطاب إلا أن كل واحد منهم حاول جهده أن يقدم نظرية الإسلام المحمدي وأنه قادر على أن يواجه التحديات بكل بسالة واقتدار كما قدم الحسين عليه السلام روحه لأجل رفع المستوى الإيماني والقيمي في الأمة فلا أشك من باب حسن الظن بهم  أنهم كان منطلقهم رفع شعار الحسين عليه السلام ( إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي كي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ) . وأؤكد هنا على أن هذا مالمسته من قراءتي الشخصية وقصوري عن بقية المنابر الرائدة التي حملت نفس الهم في رفع مستوى المتلقين كل حسب زاويته وكلها مقدرة ومحترمة ومأجورة عند الله سبحانه وتعالى مادامت في خدمة الحسين عليه السلام وضمن الحدود الشرعية.

💡الخلاصة؛ 

أخيراً : من المعيب جداً على بعض متلبسي الثقافة أن يقفوا موقفا سلبيا أمام هذا الجهد المبارك الذي ما زال يقدم من  خلال المنبر الحسيني فكرا عظيما يعلي مبادئ الحسين عليه السلام  وأهدافه وقيمه ويثبت عقائد الناس هي في فكرهم وعقيدتهم وعلمهم وثقافتهم ويكون مع ذلك بكاء وعزاء وكله تحت خيمة واحدة اسمها الحسين عليه السلام وهي تستقي علومها وفكرها منه وتأخذ من منهج نوره روحي فداه وتهتدي به من الظلمات إلى النور فعلينا أن نتقي الله سبحانه ونشكره  أن وفقهم لهذا الجهد في إعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي وأولاده المعصومون حجج الله .والحمد لله رب العالمين .

حوارية (121) لا أريد أن أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم)

  ❇️حوارية (121) لا أريد أن  أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم) وأكفر ببعض؟  ☝️السائل : نمر اليوم بعدة مشاكل في الحياة ومنها المجاملة التي نصل ...