الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

💎شجاعة الإمام الحسن (ع) أمام الطغاة

💎شجاعة الإمام الحسن (ع) أمام الطغاة 

قال تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ والْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى‏ بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى‏ أَنْ تَعْدِلُوا وإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥)} النساء.

مقدمة: 

حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام تحمل عدة أبعاد واليوم سنركز على بعد من شخصيته قليل هم من يتعرض له وهو إعلان كلمة الحق أمام سلطان جائر ويقول شهادة الحق ولا يخشى الله لومة لائم خصوصاً إذا كان الطرف الثاني يتقصد الحط من مقام النبوة والرسالة والإمامة فيغضب لله سبحانه ويعري المشروع المزيف أمام الأشهاد ليكون عبرة لمن يريد الاعتبار. ولو رجعنا لتفسير هذه الآية للعلامة الطباطبائي فإنه يقول 

القسط هو العدل، والقيام بالقسط العمل به والتحفظ له، فالمراد بالقوامين بالقسط القائمون به أتم قيام وأكمله، من غير انعطاف وعدول عنه إلی خلافه لعامل من هوی و عاطفة أو خوف أو طمع أو غير ذلك.

وهذه الصفة أقرب العوامل وأتم الأسباب لاتباع الحق وحفظه عن الضيعة، ومن فروعها ملازمة الصدق الشهادة في أداء الشهادة والقيام بها. (١)

فقد ورد في هذه الآية المباركة واجب الدفاع عن كرامة الإنسان بالطرق التي تتناسب مع طبيعة الشخص ومكانته ومعرفته حدوده الشرعية فقد تجلت هذه الصفة في شخصية الإمام الحسن الزكي روحي فداه في مقارعة الظالمين بلسانه الشجاع من خلال خطاباته ورسائله ومواقفه مع طغاة عصره. 

ومثل هذه الروايات ما أرسله الإمام الحسين عليه السلام لأشراف الكوفة حينما طلبوا أن يحضر عندهم فذكرهم بكلمات حري بأن تكتب بماء الذهب حيث قال عليه السلام 

(ودعا الحسين بدواة وبيضاء وكتب إلى أشراف الكوفة ممن كان يظن أنه على رأيه :

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد، وعبد الله بن وائل، وجماعة المؤمنين أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: " من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله " وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وإني أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله... الخ.(٢) فقد جسد هذه الوصية التي أرادها الإمام الحسين عليه السلام من أشراف الكوفة الإمام الزكي عليه السلام قولاً وعملاً في تعامله مع طغاة عصره 

ونذكر هنا مواقف للإمام الزكي عليه السلام يكشف كيف تعامله مع طغاة عصره صادعاً بكلمة الحق الشجاعة المزلزلة التي تضع الوضيع في حجمه الطبيعي 

فقد كان طغاة عصره يتفاخرون بأنسابهم وبملكهم وما انتهى أمر الناس إليهم يريدون بذلك إحراج الإمام الحسن المجتبى روحي فداه ولكن هيهات وهو ابن الأنبياء وسليل الأوصياء في حادثة طويلة ينقلها الشيخ الطبرسي في الاحتجاج سننقل منها محل الشاهد 

💡 أن معاوية قدم المدينة فقام خطيبا فقال: أين علي بن أبي طالب؟

فقام الحسن بن علي فخطب وحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

إنه لم يبعث نبي إلا جعل له وصي من أهل بيته، ولم يكن نبي إلا وله عدو من المجرمين، وإن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله من بعده، وأنا ابن علي، وأنت ابن صخر، وجدك حرب، وجدي رسول الله، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتي خديجة وجدتك نثيله، فلعن الله ألأمنا حسبا، وأقدمنا كفرا، وأخملنا ذكرا، وأشدنا نفاقا، فقال عامة أهل المجلس: آمين. فنزل معاوية فقطع خطبته وروي أنه لما قدم معاوية الكوفة قيل له: إن الحسن بن علي مرتفع في أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أنفس الناس وأعينهم، فأبى عليهم وأبو عليه إلا أن يأمره بذلك فأمره، فقام دون مقامه في المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أما بعد أيها الناس فإنكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوا غيري وغير أخي، وإنا أعطينا صفقتنا هذا الطاغية - وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية - وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، وأشار بيده إلى معاوية.

فقال له معاوية: ما أردت بقولك هذا؟

فقال: ما أردت به إلا ما أراد الله عز وجل، فقام معاوية فخطب خطبة عيية فاحشة، فسب فيها أمير المؤمنين عليه الصلاة السلام، فقام إليه الحسن بن علي عليهما السلام فقال له - وهو على المنبر -: ويلك يا بن آكلة الأكباد أو أنت تسب أمير المؤمنين عليه السلام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أدخله الله نار جهنم خالدا فيها مخلدا وله عذاب مقيم "؟

ثم انحدر الحسن عليه السلام عن المنبر ودخل داره، ولم يصل هناك بعد ذلك أبدا..(٣)

في هذا السجال التي وضع حداً لزهو الملوك ولغرور الحاشية وتعليم العامة مكانة أهل البيت عليهم السلام ومقاماتهم التي خصهم الله تعالى نستفيد منها ما يلي:

١-كلمة الحق في إثبات حق الله ورسوله واجب على الخبير الذي يعي عواقب الأمور 

٢-الشجاعة لا تقف عند السيف بل أحياناً أشدها على العدو اللسان إذا أفحم خصمه ووضعه في حجمه الطبيعي 

٣-أن تنتصر للحق الذي يحبه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس العصبية العمياء المبنية على العناد والقبلية.

٤-ليس كل ما ظن أنه نال الملك والجاه والسلطان ظلماً يعني بالضرورة السعادة بل كلمة حق تكشف كل مشاريع الزيف في هذا السلطان وتهدم عروشه من جذوره.

٥-تكشف لنا أن الإمام الحسن الزكي روحي فداه حفظ دماء المسلمين ولكنه لم يتنازل عن تاج الإمامة والشرف الذي خصه الله به سبحانه وتعالى ولا يتوانى عن الإعلان به في أي وقت وزمان حتى أمام طغاة عصره 

٦-أخيراً الإمام الحسن المجتبى أرواحنا فداه استطاع أن يقوم بدوره الفاعل الذي كشف مشروع الطغاة الذين أرادوا أن يتستروا خلفه بالإسلام ليخدعوا به عامة الناس وواجه ببسالة كل إعلامهم المضلل الذي سعى طغاة عصره لترسيخه في أتباعهم حتى بات كل من يعرفهم أن بشر أرادوا الدنيا متاعاً وحكم رقاب الناس غرضا ولم يعرفوا دين الله ولا عهده ولا ذمته فمهد لثورة تحيي بها معالم الإسلام من جديد وتعود فيه روح الدين الحنيف والتي قادها أخوه الإمام الحسين عليه السلام ليكمل ما بدأه الحسن الزكي أرواحنا فداه 

و الحمد لله رب العالمين. 


✍️زاهر حسين العبد الله

https://t.me/zaher000


المصادر :

(1) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ١٠٨.

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٨١.

(3) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٢٠.

هناك 4 تعليقات:

  1. محمد الهاشم23 أغسطس 2023 في 3:35 ص

    بورك مداد قلمك استاذ زاهر

    ردحذف
  2. محمد المرهون23 أغسطس 2023 في 11:48 ص

    مساء الخيرات شيخنا
    العزيز ..مٱجورين
    ومثابين إن شاء الله ..🤲🏻🌹
    التعليق جزيت خيرا
    حري بنا أن نعرف
    هذه الأمور الامور التي تحاكي شخصية الإمام الحسن عليه السلام ،او حتى نستعرض
    مواقفه على التوالي في كتيب او كتاب بصورة جريئه وعناوين مجذبه لعشاق قراءة اهل الولاء.
    ليعلموا حقيقة دور مولانا الامام الحسن عليه السلام من بطولات معركيه
    خطابيه كما تفضتلم
    وطرحتم موقفه السجالي
    ضد ابن ٱكلة الاكباد .
    والحقيقة منشور قيم ويفخربه
    من موجز واحتواء لموقف مولانا الحسن عليه السلام .
    وكيفية علمه بعواقب الامور..

    ردحذف
  3. محمد المرهون23 أغسطس 2023 في 11:49 ص

    كتبت عندي بالدفتر
    عنوان شجاعة الامام
    الحسن عليه السلام..
    وتمام مطالعتي
    للمنشور ما راح اقصر
    معاك في ابداء طرحكن
    القيم..
    نحن عشاق كل شي
    جديد لا سيما ما تكتبون
    فيه ..
    ومما يثير التساؤل
    والتساؤلات
    الكثيرة ..
    انا لو لاقي لي واحد
    ملازمة اسولف معاه
    عن هذه الاشياء من
    قرب لكان افضل..
    لكن اشييدي على
    نفسي وانت بعيد عني
    هههههه
    ان شاء الله هدا التواصل
    يقربنا اكثر
    فأكثر ...
    دمت بود وحب
    شيخنا العزيز

    ردحذف
    الردود
    1. رحم الله والديك وجزاك الله خير الجزاء

      حذف

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...