الثلاثاء، 28 مارس 2023

العلامة الشيخ علي الجزيري نموذجاً

 

الأحساء مقبرة العلماء الشيخ العلامة علي الجزيري نموذج

قال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ }[1]

مقدمة

هذه الآية المباركة تشير إلى أمر مهم جدًا، وهو أن نقدم من بيده الملكة والقدرة على خدمة الدين حتى ولو كان الطالب هو نبياً من الأنبياء. أي علينا أن نقدم من يستحق التقديم حتى لو كان هذا التقديم يسحب البساط من أقدامنا كما يصوره الشيطان الرجيم، لكن المنظور الإلهي يقدر هذا الفعل، ويعطيه الفضل من عنده. ونعطيه حقه كما ينبغي حتى لا نسأل يوم القيامة لماذا لم نقدم فلانا وهو أكفأ منا؟ وإذا مررنا في صفحات حياتنا اليومية نجد أن هناك من يستحق الرئاسة؛ لكنه حبيس داره، أو من يستحق الوجاهة؛ لكنه ليس من الأسرة المعروفة، وأحيانا نجد من هو أهلٌ للتربع على سفينة العلم ليربي طلاب العلم، ويكون من نتاج يده بعد عون الله ورعايته طلاب يخدمون الشريعة ويتسابقون في سوح العلم والمعرفة. وتسمع عبارات موجعة في أحسائنا الحبيبة مثل الأحساء مقبرة العلماء أي لا تعرف علماءها إلا بعد أن يوسدوا الثرى، وسيكون هنا حديثي عن شخصية صاحبة جاذبية أخاذة تجمع مجامع القلوب بروعتها وجمالها، وذلك بسبب تلك الروح المفعمة بالإيمان والعلم والحلم والتواضع. فقد عرفت الشيخ من خلال جلسات قليلة، ومن ألسن العلماء الشيء الكثير، ومما يؤلم القلب كيف لهذا المفخرة لأهل الأحساء أن لا يأخذ مكانه الطبيعي في حوزتنا العلمية بينما في قم تثنى له الوسادة، وتركع قلوب الوالهين تحت منبره ليستلهموا من نمير علمه؟! ولعلم الأخوة الأعزاء أقول إنه لا تربطني بالرجل علاقة شخصية، وقد لا يعرفني حتى بالاسم، ولكن حينما قرأت سيرته التي لا يرضى أن تنتشر لتواضعه الشديد خجلت من نفسي كيف لا يكون لنا وقفة اعتزاز وفخر بهذا العالم الكبير في منطقتنا، وسيكون حديثي معكم في ثلاث نقاط:

سيرة سماحة العلامة الشيخ علي عبد المحسن الجزيري.

كيف نتعرف على العالم؟ وكيف نستفيد من نمير علمه؟

الخاتمة.

سيرة سماحة العلامة الشيخ علي عبد المحسن الجزيري

هو سماحة آية الله الفقيه المفسر والمتكلم الخبير ذو النظر الثاقب والخلق الرفيع الشيخ علي بن عبد المحسن الجزيري -حفظه الله-، وقد تتلمذ عند جملة من العلماء ومنهم:

ـ آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي حفظه الله.

ـ آية الله العظمى السيد محمد الروحاني رحمه الله.

آية الله العظمى السيد تقي القمي رحمه الله.

ـ آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله.

و قد عُرف بالنبوغ والجد والمثابرة وحدة الذكاء من أول أيام دراسته في النجف الأشرف، فهو يتمتع علاوة على الذكاء المعجز والنباهة الخارقة بالحافظة القوية وروح المجاهدة ومقاومة العقبات والمصاعب وترك ملاذ النفس في سبيل تحصيل معارف أهل البيت عليهم السلام، فقد كان يسهر الليالي ويواصل البحث والتحقيق والنظر في بعض الأيام بلا راحة ونوم إلا في دقائق يغلبه فيها النوم، ثم يستأنف بعدها العبادة والبحث، ولهذا فاق أقرانه، ولم يكن يقاس به شركاء درسه، وكان يسبق عمره ويجتاز مرحلته الدراسية التقليدية لينفذ فهمه وقدرته النقدية إلى ما فوقها من المراحل.

شرع في تدريس الخارج في مدينة قم المقدسة، ثم بعد أن دعته الظروف إلى تركها والاستقرار في الأحساء استمر في إلقاء الدروس العليا في الفقه والأصول والعقائد، وقد قررت جملة من بحوثه المباركة وطبع بعضها، وهي تمتاز بالعمق والتتبع والشمولية، وتكشف عن إحاطته بالمباني والآراء وقدرته الفائقة على الهدم والبناء والذب وتشيد النظريات.

ـ الشيخ والمسائل الخلافية. 

اهتم الشيخ -حفظه الله- اهتماما بالغا بالبحوث العقدية والكلامية لا سيما المسائل الخلافية التي تكثر فيها إثارة الشبهات، فلم ينفك في مدينة قم المقدسة والأحساء الموالية عن تربية المتخصصين القادرين على الاستدلال على العقائد والمعارف ودفع الشبهة عنها، وذلك لحاجة المؤمنين الماسة إلى هذه البحوث في عصر الشبهات والإشكالات، 

فعقد دروسا لطلاب العلم وغيرهم، وبيّن فيها جملة من المسائل المهمة وبمستويات مختلفة مراعاة لمقتضى الحال، ومن جهوده المباركة في ذلك:

ـ تدريس أكثر من دورة تمهيدية.

ـ دورة متوسطة في دلائل الصدق.

ـ عرض القواعد الحديثية والرجالية عند المخالفين، وبيان كيفية الانتفاع بها في الحوار والمناظرة والبحث العلمي.

ـ تدريب المتخصصين على كيفية التعامل مع روايات المخالفين في رد الشبهات وكسر التشنيعات من خلال دراسة الروايات المعتبرة عندهم.

ـ طرح البحوث المتكاملة ضمن عناوين مستقلة، ومن البحوث التي طرحها:

أ- الإمامة من أصول الدين.

ب- الرجعة.

ج- الغلو.

د - علم الغيب.

هـ- العصمة.

و- التوحيد.

وهو كسائر بحوثه فريد في بابه، رد فيه على الشبهات التي طرحها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد وحفيده الشيخ عبد الرحمن في كتاب فتح المجيد، وقد طبعت منه أربع محاضرات بعنوان: (القول الصواب في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين ورد توحيد ابن عبد الوهاب) فبلغت ١٣٩ صفحة.

ز- اللطف.

ـ أخلاقه وسجاياه:

عرف الشيخ بالورع والتقوى والتنزه عن ذكر غيره بسوء أو مدح في غير موضعه، وكل من جالسه وتحدث إليه وجد فيه بغض البحث عن الشهرة وطلب الجاه والمنازل الاجتماعية، وتلمس فيه التواضع ونكران الذات والميل إلى العزلة لأجل الخلوة بالمحبوب تعالى، وما يرضيه من الطاعات، وفي مقدمتها تحصيل معارف أهل البيت عليهم السلام،

وهو صاحب غيرة على المذهب وأهله من العلماء وغيرهم، ولا تأخذه في الله لومة لائم، وهو رحيم بالمؤمنين يحترم كبيرهم ويوقر صغيرهم،

ولم يسمع يوما صارخا أو عابسا في وجه أحد، كثير الخشية من الله سريع الدمعة وغزيرها، يحب تشييد المذهب وتبجيل المعصومين ومدح العلماء وذكر مآثرهم، ولعله بقدر ما يكره أنه يمدحه أحد، أو يُذم مؤمن بحضرته.

كيف نتعرف على العالم؟ وكيف نستفيد من نمير علمه؟

من خلال ما عرضناه من سيرته العطرة نستطيع أن نتعرف على العالم من حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام: (المرء مخبوء تحت لسانه)[2]. وقال: (تكلموا تعرفوا). وعليه إذا رأينا في العالم ما يلي:

ـ بعده عن الدنيا ورغبته في الآخرة، وذلك يظهر في تواضعه وعدم سعيه خلف رضا الناس ورغباتهم الدنيوية.

ـ أخلاقه العالية وقلة كلامه وشغله الكثير فيما ينفع وتصديه للعلم ودراسته بشكل معمق ودقيق.

ـ مؤلفاته وتقريراته ومحاضراته تعكس عمقا علميا رائدا في عصره، ولمن يعي محاضرته يلمس ذلك جيدا.

ـ نهمه العلمي يجعله كثير المطالعة والتدبر، ولا تقف قراءته عند دين أو مذهب أو مشرب من المعارف العلمية، بل كل ما له علاقة في تنمية القدرات والملكات العقلية يريد التعرف عليه، ولذا تجده كثير الترحال بين المكتبات والمعارض ودور النشر يترقب الكتب ويشتريها بأغلى الأثمان كي يجد ذاته فيها، وينثرها بشكل محاضرات أو كتابات على طلابه.

ـ نتاجه العلمي والمعرفي يقع في قلوب الوالهين لحب الاطلاع والمعرفة سواء رجال دين أو غيرهم.

ـ تعرف العالم من خلال طلابه أيضا والمريدين له من أقاصي الأرض وبروزهم في سوح العلم والمعرفة. 

ـ تعرف العالم من خلال تصديه للشبهات العميقة سواء من داخل المذهب أو خارجه تجده مدافعا وحاميا عن حريم النبوة والإمامة وأصول المذهب كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجلسوا عند كل عالم يدعوكم إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الريا إلى الإخلاص، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرغبة إلى الزهد)[3]. فالعالم مصداق لهذا الحديث.

ـ تعرف العالم إذا رأيته لا يهتم بعدد من خلفه، ولا يسعى لإسقاط غيره، ومجلسه مجلس علم ومعرفه، ولا يتأثر بمن يذمه. كثير التفكر وكثير التأمل، ولا يعجل في أمر لا يعرفه، ويحترم العقول ويعطي بلا حدود، لا يستأثر بعلمه على أحد يسعى دائما لرفع الجهل عن أمته.

 



[1] القصص/34

[2] نهج البلاغة

[3] الاختصاص باب بعض الحكم والمواعظ ج76 ص1

الخميس، 9 مارس 2023

الإمام الحجة عليه السلام في القرآن الكريم. ١٤٤٤ هجري

الإمام الحجة عليه السلام في القرآن الكريم.

 

قال تعالى : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(١٠٥)}الأنبياء.

قال الشيخ الطبرسي رحمه الله تعالى في تفسير الآية: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال أبو جعفر عليه السلام: هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان. (١)

ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما قد ملئت ظلماً وجور. (٢)

مقدمة : 

كل إنسان يسعى نحو الكمال بحسبه وبحسب مدركاته العقلية وميوله ورغباته قرباً وبعداً من الدنيا فرسوخ هذه الرغبة في نفس الإنسان البشري متجذرة في أعماقه بحديها الإيجابي والسلبي وما ننشده في هذا المقال هو أن نعرف مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه في القرآن الكريم وسنقف عند ثلاث محاور وهي : 

١-من هو الإمام الحجة عليه السلام؟ 

٢-شواهد من القرآن الكريم دالة على ضرورة وجود الإمام الحجة عليه السلام 

٣-كيف يكون انتظاري نافعا ومفيدا؟ 

 

()    من هو الإمام الحجة عليه السلام

الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه؟ 

 هو محمد بن الحسن عليه السلام الإمام الثاني عشر والأخير عند الشيعة الاثني عشرية؛ وهو موعود الإسلام عندهم وعند بعض علماء المذاهب الإسلامية. ولد في سامراء في ١٥ شعبان عام ٢٥٥ هـ، وجرت فيه سنن الأنبياء من الغيبة وطول الحياة. خلف المهدي أباه الإمام الحسن العسكري وله خمس سنوات، وقد أعطي الحكمة صغيراً كعيسى (عليه السلام ) ويحيى (عليه السلام )، وعليه الملامح المأثورة في الإمامة.

وكان والده قد أخفى مولده لصعوبة الوقت، ورصد الأجهزة الحاكمة لأخبار المهدي، كما قد عرضه على خواص أنصاره وأخبرهم بأمره. وقد وقع بعض الشيعة بسبب ذلك في حيرة إمامهم بعد استشهاد الإمام العسكري(ع)، غير أن التوقيعات التي صدرت من الإمام المهدي (عليه السلام ) والسفارة التي كانت بينه وبين الناس بوجود وكلاء أبيه والنواب الأربعة على امتداد فترة سمّيت بالغيبة الصغرى أوجبت تثبيت عقيدتهم، ورجوعهم عن الشك في أمره، وبعد أن بدأت فترة الغيبة الكبرى في سنة ٣٢٩ هـ انقطعت علاقة الشيعة بإمامهم بواسطة النائب الخاص.

الرسالات والمكاتيب الصادرة عن الإمام المهدي (عليه السلام) تضمنت مسائل علمية وغيبيّة عُرّفت أحيانا بالتوقيعات، كما يطلق عليه (عليه السلام) الناحية المقدسة.

يمثّل المهدي عند الشيعة كغيره من الأئمة الاثني عشر امتداداً للولاية الإلهية؛ ويكون الموت على غير معرفة هؤلاء الخلفاء، بموجب حديث من مات ميتة جاهلية.

 

()    شواهد من القرآن الكريم دالة على ضرورة وجود الإمام الحجة عليه السلام

الشاهد الأول :

قال تعالى { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(٣٣)} التوبة .الأمثل 

المقصود من الهدی هو الدلائل الواضحة، و البراهين اللائحة الجليّة التي وجدت في الدين الإسلامي.

و أمّا المراد من دين الحق، فهو هذا الدين الذي أصوله حقّة و فروعه حقّة أيضا، و كل ما فيه من تاريخ و براهين و نتائج حق، و لا شك أن الدين الذي محتواه حق، و دلائله و براهينه حقّة، و تأريخه حق جلي، لا بدّ أن يظهر علی جميع الأديان.

و بمرور الزمان و تقدم العلم و سهولة الارتباطات، فإن الواقع سيكشف وجهه و يطلعه من وراء سدل الإعلام المضللة، و ستزول كل العقبات و الموانع و السدود التي وضعت في طريق انتشار الإسلام.

و هكذا فإنّ دين الحق سيستوعب كل مكان، و لا يحول بينه و بين تقدمه شيء أبدا، لأنّ الحركات المضادة للإسلام حركات مخالفة لسير التأريخ و سنن الخلق.

الرّضا (علیه السلام) یُظْهِرُهُ عَلَی جَمِیعِ الْأَدْیَانِ عِنْدَ قِیَامِ الْقَائِم (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

وروى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، فقال: والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله . (٣)

 

الشاهد الثاني : 

قال تعالى { وَعَدَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا(٥٥)}النور . تفسير الأمثل.(٤)

و علی كلّ حال يبدو من مجمل هذه الآية أنّ اللّه يبشر مجموعة من المسلمين الذين يتصفون بالإيمان و العمل الصالح بثلاث بشائر:

١- استخلافهم و حكومتهم في الأرض.

٢- نشر تعاليم الحقّ بشكل جذري و في كلّ مكان (كما يستفاد من كلمة «تمكين» ...).

٣- انعدام جميع عوامل الخوف والاضطراب.

و ينتج من كل هذا أن يعبد الله بكلّ حرية، و تطبق تعاليمه و لا يشرك به، و يتمّ نشر عقيدة التوحيد في كلّ مكان. أنتهى. روي عن السجاد عليه السلام [ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ قَالَ هُمْ وَ اللَّـهِ شِیعَتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ یَفْعَلُ اللَّـهُ ذَلِکَ بِهِمْ عَلَی یَدَیْ رَجُلٍ مِنَّا وَ هُوَ مَهْدِیُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِی قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) فِیهِ لَوْ لَمْ یَبْقَ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا یَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّـهُ ذَلِکَ الْیَوْمَ حَتَّی یَأْتِیَ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِی اسْمُهُ اسْمِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً کَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً ]

الشاهد الثالث : 

قال تعالى { وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥)} القصص . تفسير الأمثل 

أنها نزلت في حق نبي الله موسى عليه السلام ولكن القرآن ليس خاص بزمان و يكشف اللّه في هاتين الآيتين الستار عن إرادته و مشيئته بشأن المستضعفين، و يذكر في هذا المجال خمسة أمور بعضها مرتبط ببعض و متقاربة أيضا:

الأوّل: قوله تعالی: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ... لنشملهم بالمواهب و النعم .. إلخ.

الثّاني: قوله: وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً.

الثّالث: قوله: وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ‌ أي المستخلفين بعد الفراعنة و الجبابرة.

الرّابع: قوله: وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ‌ أي نجعلهم يحكمون في الأرض و تكون السلطة و القدرة و غيرهما لهم و تحت تصرفهم ..  إنّ الآيات المتقدمة لا تتحدث عن فترة خاصة أو معينة، و لا تختص ببني إسرائيل فحسب، بل توضح قانونا كليا لجميع العصور و القرون و لجميع الأمم و الأقوام…فهي بشارة في صدد انتصار الحق علی الباطل و الإيمان علی الكفر..و هي بشارة لجميع الأحرار الذين يريدون العدالة و حكومة العدل و انطواء بساط الظلم و الجور.(٥)

روي عن السجاد عليه السلام وهو يسمع أحد اصحابه يقرأ   قَوْلِهِ تعالى ( وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ) فَقَالَ لِی مَکَانَکَ حَسْبُکَ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً (صلی الله علیه و آله) بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً إِنَّ الْأَبْرَارَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ شِیعَتَنَا کَمَنْزِلَةِ مُوسَی (علیه السلام) وَ شِیعَتِهِ.(٦)

رواية مهمة في إثبات أهل البيت عليهم السلام 

عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ (رحمة الله علیه) قَالَ : دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیَّ قَالَ : یَا سَلْمَانُ (رحمة الله علیه)ّ إِنَّ اللَّـهَ عَزَّوَجَلَّ لَمْ یَبْعَثْ نَبِیّاً وَ لَا رَسُولًا إِلَّا جَعَلَ لَهُ اثْنَي عَشَرَ نَقِیباً 

قَالَ : قُلْتُ : یَا رَسُولَ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) قَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنَ الْکِتَابَیْنِ 

قَالَ : یَا سَلْمَانُ (رحمة الله علیه) فَهَلْ عَلِمْتَ نُقَبَائِي الِاثْنَي عَشَرَ الَّذِینَ اخْتَارَهُمُ اللَّـهُ لِلْإِمَامَةِ مِنْ بَعْدِي فَقُلْتُ : اللَّـهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَم ... 

قَالَ یَا سَلْمَانُ (رحمة الله علیه) : إِنَّك مُدْرِکُهُمْ وَ أَمْثَالُك وَ مَنْ تَوَلَّاهُمْ بِحَقِیقَةِ الْمَعْرِفَةِ قَالَ سَلْمَانُ : (فَشَکَرْتُ اللَّـهَ کَثِیراً ثُمَّ قُلْتُ : یَا رَسُولَ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) مُؤَجَّلٌ فِيَّ إِلَی أَنْ أُدْرِکَهُمْ 

فَقَالَ : یَا سَلْمَانُ اقْرَأْ {فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ وَ کانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَکُمُ الْکَرَّةَ عَلَیْهِمْ وَ أَمْدَدْناکُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ وَ جَعَلْناکُمْ أَکْثَرَ نَفِیراً}. 

قَالَ سَلْمَانُ : فَاشْتَدَّ بُکَائِي وَ شَوْقِي فَقُلْتُ : یَا رَسُولَ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) بِعَهْدٍ مِنْك فَقَالَ : إِي وَ الَّذِی أَرْسَلَ مُحَمَّداً (صلی الله علیه و آله) إِنَّهُ بِعَهْدٍ مِنِّي وَ عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ فَاطِمَةَ (علیه السلام) وَ الْحَسَنِ (علیه السلام) وَ الْحُسَیْنِ (علیه السلام) وَ تِسْعَةِ أَئِمَّةٍ (علیهم السلام) وَ کُلِّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَ مَظْلُومٍ فِینَا إِي وَ اللَّـهِ یَا سَلْمَانُ ثُمَّ لَیُحْضَرَنَّ إِبْلِیسُ وَ جُنُودُهُ وَ کُلُّ مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً وَ مَحَضَ الْکُفْرَ مَحْضاً حَتَّی یُؤْخَذَ بِالْقِصَاصِ وَ الْأَوْثَارِ {الْأَوْتَارِ} وَ التُّرَاث { وَ لَا یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً } وَ نَحْنُ تَأْوِیلُ هَذِهِ الْآیَةِ{ وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ وَ نُمَکِّنَ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ نُرِیَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما کانُوا یَحْذَرُون }. (٧)

 

()    كيف يكون انتظاري نافعا ومفيدا .

- مناجاة الشيخ زاده آملي :  قلت: يا صاحب الزمان تعال  قال لي: أنت تنتظرني؟! قلت: نعم يا مولاي مُنتظر  

قال: أي انتظار هذا ليس فيه تعب أو مشقة! فقط تقول تعال!  قلت: أليس جيدٌ الانتظار يا مولاي  قال لي: وڪذلك قالوا لجدي الحسين تعال،  لڪُن حينما أتى قتلوه  قلت: إذا ماذا نفعل يا مولاي  قال: اعرفوني  قلت: ألم نعرفك؟! قال: لو عرفتموني لما أذنبتم هذه الذنوب  قلت: مولاي.. أنت تصفح عنا  قال: أنا يوميَّا إلى الصباح أبڪُي لڪُم  قلت: مولاي.. ماذا نفعل حتى نصل إليك؟  قال: ترك المحرّمات والإتيان بالواجبات  هذا يڪفي🌸!  

مــنــاجــاة الــعلّامـة الـشيـخ حــســن زاده آمــلي للإمـام المهــدي عــجــل اللــه تعــالى فــرجــه.

٢- يجب أن نحذر من سوء المنقلب ونستعيذ بالله منه فقد وردت رواية عن الصقر بن دلف عن أبي جعفر  محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول: إن الإمام بعدي ابني علي أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمامة بعده في ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت فقلت له: يا بن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن فبكى عليه السلام بكاء شديدا ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر فقلت له: يا ابن رسول الله ولم سمي القائم قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمي المنتظر قال: لأن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكثر فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون.

 

 

المصادر : 

(1)        بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣

(2)        الغيبة - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٤

(3)        كمال الدين وتمام النعمة - للشيخ الجليل الأقدم الصدوق - ج ١ - الصفحة ٦٩٨

(4)        الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١١ - الصفحة ١٤٩

(5)        الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٥

(6)        تفسير الفرات: 116 فيح: [في المعنى] والآيات في سورة القصاص: 1-5

(7)        تفسیر اهل بیت علیهم السلام ج۱۱، ص۱٤۰

(8)              بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٥١ ص ٣٠.

حوارية (121) لا أريد أن أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم)

  ❇️حوارية (121) لا أريد أن  أؤمن ببعض الكتاب(القرآن الكريم) وأكفر ببعض؟  ☝️السائل : نمر اليوم بعدة مشاكل في الحياة ومنها المجاملة التي نصل ...