الأحد، 30 أبريل 2023

(٥) حوار رقم (٤٩) غسل الأدمغة



(٥) حوار رقم (٤٩) غسل الأدمغة

 

السائل : 

س : كيف تغسل الأدمغه وتُغير مبادئها التي كانت مبنية على القرآن الكريم والعترة الطاهرة؟ 

الجواب :

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)[1] 

 

مقدمة مهمة :

أخي العزيز! مالم تكن واقفاً على أرض صلبه في اعتقادك وفقهك وفهمك وأخلاقك ستأخذك أمواج الحياة بتوجهاتها وتياراتها وافكارها، ولذلك تحتاج إلى ضمان من الحق سبحانه وتعالى كي لا تضل بعدها أبداً، وقد نطق بها رسول الله صلى الله عليه وآله في مقدم الكلام، فنحتاج لثابت لنعرف المتغير ونحتاج للأصل لنعرف الفرع ونحتاج العام لنعرف الخاص ونحتاج المطلق كي نعرف المقيد.... إلخ. 

أخي العزيز! تعددت وسائل الإعلام واختلفت طرقها حتى بات العقل يتلقى آلاف المعلومات دون فرز أو إحصاء أو تدقيق، فأصبح العقل مثل الحفرة التي لا يُعرف نهاية لقرارها، فبدأت الناس تلقي مخلفاتها سواء كانت ضارة أو نافعة.

وهناك طرق في غسل الأدمغة ممنهجة ومعده لتؤدلج العقل وتتحكم في ردود فعله 

منها :

1- اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يُصدقك الناس وتصدق نفسك أيضاً بالرغم إنك صاحب الكذبة الأولى، لماذا؟ لأن انتشارها يلبي أغراضك ويحقق أهدافك فلا تكشف القناع عنها لتقاطُعها مع المصالح الشخصية، وهذا مبدأ يستخدم في عدة مجالات في


الحياة،  فـ(الغاية تبرر الوسيلة)، فأي شيئ يحقق ذاتك حتى لو عارض القيم والمبادئ والاخلاق بل لو عارض رضوان الله سبحانه ستقوم به مهما كلفك من هلاك نفسك في الدنيا والآخرة.

 

2- هناك مُستقبلات في الدماغ لا تأخذ طريقها إلا بالتكرار والضرب على وتر الأماني والتحلق بتيجان الخيال والوهم، فتكرارها يُحوّلها فكرك إلى واقع داخلك فتصدقها وتعتقد بوجودها في الخارج. لكن حقيقتها هي خيالك فقط وفقط، مثل الطباع والعادات التي يمارسها الإنسان وليس لها أي مبرر شرعي أو منشأ قُرآني أو روائي وإنما بنات افكارك هي من جعلته ضرورة لايمكنك التخلص منها.

 مثال: استعمال الدخان، فصاحبه يقرّ أنه مضر ويتمنى الخلاص منه، لكنه بالمقابل يقول لا أستطيع تركه فيتعلق بخيوط الوهم الذي نسجه في داخله، وهناك صور تشابهها مثل حب الرياسة وحب الشهوة وحب النساء وحب الثروة والمال وحب الراحة وحب الكلام في كل شيء. كل ذلك تدغدغ روح الأنا الأنانية وحب الذات والظهور لأنها لم توافق في طلبها ما أرادته مدرسة اهل البيت عليهم السلام في منهجها قرآني أو الروائي الذي  يُؤخذ من أهله وقد تسأل من هم أهله؟ 

أجلى مصاديق أهله اليوم هم مراجع التقليد حفظهم الله وإذا لم تتبعهم ستضل الطريق وتتبع هواك فتستلمك أمواج الشبهات، فلا تعرف الحق لتتبعه ولا تعرف الباطل فتجتنبه فتتعلق بالدنيا فيصدق عليك (حب الدنيا رأس كل خطيئه). 

وقد روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): ما من عمل بعد معرفة الله جل وعز ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله) أفضل من بغض الدنيا... فتشعب من ذلك: حب النساء، وحب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الراحة، وحب الكلام، وحب العلو، والثروة،


فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة)[2] .

 

3- غسل الدماغ بالثناء على من لا يستحق الثناء ووضعه في صورة القدوة والملاك رغم كل إخطائه الظاهرة التي لا يختلف عليها عاقل، ينبض بالفطرة السليمة فتجده يغمض عينيه لأنه من قبيلته أو قريبة أو خاصته أو تورط معه في مشروعة فلا يستطيع الرجوع إلى اعتقاده بأن في الرجوع خسارة لكل شيء دنيوي حتى لو كان الثمن هو خسرانه في الآخرة.

 

🔷علاج المشكلة:

ولكشف هذه الامور مبكراً قبل أن تتغلغل في أعماق فكرنا نحتاج مايلي: 

1-ممن آخذ معالم ديني؟ 

المراجع العظام أفضل طريق ناجح حتي يومنا الحاضر، والتاريخ حافل بإنجازاته في ذلك الميدان وإلى يومنا الحاضر. 

 

2-طلب العلم الحقيقى وليس المزيف، والعلم لا يأتي بالسمع فقط بل بالقراءة والمتابعة والتحقيق والسعي في طلب العلم بعيداً عن القبلية والحزبية والتمسك بالذات الثقة المطلقة بقرارتها وإن كانت خاطئة. 


 


3-لا تضع سمعك ولا نظرك لأي أحد مالم تتوثق من علمه وصدقه وورعه وتقواه ورأي أهل الخبرة فيه إذا لم يكن في السلك الحوزوي كما روي عن السجاد عليه السلام (هلك من ليس له حكيماً يرشده) . 

 

4-لا يكون الكلام سابق العلم فتعلم ثم تعلم ثم تعلم ثم تكلم.

 

فهذا كافٍ لتوضيح فكرة غسل الأدمغة، ولأن الموضوع شائك ومتفرع وله شعب كثيرة. 

٤ / ٣ / ١٤٤١ هجري



[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٦

[2] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ٨٩٦



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...