الأربعاء، 22 سبتمبر 2021

تقرير ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي)

تقرير ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي) للشيخ الاستاذ عبد الجليل البن سعد حفظه الله 

سؤال الأول : ما هي مناهج البحث التاريخي المختلفة ؟

الجواب : أتصور حسب قرائتي أن هناك ثلاث أشكال من الناس يتناولون التاريخ  ونسميه علم التاريخ وهم ( كاتب التاريخ -قارئ التاريخ - باحث في التاريخ ) ويصعب التزاوج بينهم إلا بمقدار ما يتفقون عليه . 

١-كاتب التاريخ: أما يكتبه على خلفية الموضوعية أو على خلفية الذاتية أو يكتب بين الذاتية والموضوعية.

٢-قارئ التاريخ: هو الذي لا شأن له في البحث ولا في كتابة التاريخ ولكن يضع على عينيه نظارته الخاصة أي أنه يتناول التاريخ حسب خلفيته الثقافية وبيئته المعرفية. مثلاً لو أن هناك قارئ منتمي للمنطقية الوضعية سيقرأ التاريخ ويفسره وفقاً وطبقاً على المنطقية الوضعية . كذلك لوقرأها حسب الحتمية التاريخية كماركس سيترجم التاريخ وفق هذه الثقافة وهكذا بقية القراء..

وهذه مشكلة فحين يريد موقف من قضية تاريخية في صفحات النت وهو لا يفرق بين القارئ والباحث للتاريخ يقع الخلط فتكون النتائج ليست في محلها ولذا على القارئ أن يضع نفسه في المربع الذي يتناسب مع توجهه. 

 

٣-باحث في التاريخ: وهنا تتجلى صعوبتان وهي الولادة الفكرية ونزع الروح لإنهائها 

الأولى الولادة الفكرية: قضايا تاريخية يصعب الحكم عليها لتعدد طرقها وتحتاج إلى حسم فيها كي ترتع في العقول والأفهام.. 

الثانية نزع الروح: بمعنى هناك قضايا تاريخية شاخت وهرمت من وهنها الفكري وتحتاج التخلص منها من جسد الأمة. 

💡البحث التاريخي أقرب حقيقة له هو عملية تحديث للإنسان لكنه تحدث قهقراني أي أن الإنسان يتحدث بالماضي كعلم الأنثروبولوجيا وعلم الجيلوجيا حيث يتبع رواسب وآثر يحاول يعطي قراءة كاملة للإنسان أو يكمل قراءة الإنسان ولذا ذكر أحد العلماء أن البحث التاريخي ليس بحثاً تجريباً يحتاج إلى اختبار ومعمل مخبري بل هو أشبه بالعلم الجيلوجي بحيث يبحث في الماضي ليحدد هوية الحاضر  . 

فمن غير الدعاوى اليوم كن في البحث التاريخي كن تاريخياً حيث قول البعض لا تقوم بتحليل التاريخ لأنك إذا حللت خرجت من كونك تاريخياً وصرت فيلسوفاً 

لأن الأكاديميين اليوم يقولون في جامعاتهم لكي تبحث في التاريخ وتفهم أبعاده تحتاج مساعدات منها علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وعلم اللغة وعلم السكان ولذا نستغرب حين نريد أدخال الفيلسوف أو المتكلم كمساعد يرفضون ذلك لماذا؟!


السؤال الثاني : 

في الواقع التاريخي يختلف فهمه بين طائفتين السنة والشيعة عيد الغدير نموذجاً فالشيعة تفهمه تنصيب من قبل الله والسنة  ترفض الفكرة ويقول لا يعدوا أن يكون بعنوان النصرة والمحبة دون إلزام المسلمين لإتباعه ؟

الجواب : السؤال يتحدث عن الأيدلوجية بحيث كل طرف يتهم الأخر في فهم الواقع التاريخي بناءاً على أيدلوجيا خاصة لكل طرف . فالسني يتهم الشيعي عنه مؤدلج على النص من قبل الله والشيعي يتهم السنة أن فهمه مؤدلج وكل طرف يدعي أنه على حق والآخر على باطل وهذا الأمر ينسحب على الأدب بين البصريين والكوفيين وكذلك في الفقه . 

فهل يمكن فحص وتحديد الأدلجة؟ 

الجواب: نعم يمكن فحص ذلك ولا يحتاج علاجها لمزيد عناء كيف ؟ 

لأن الأدلجة لها علامات نشطة وواضحة مضمونة الشهادة والإدانة مثال قضية فدك او الغدير كلها تاريخية وهي ليست مختصة بمذهب دون آخر بل هو واقع محسوس بين الطرفين فقضية الغدير كتب القوم مليئة من الشواهد الذي ينكرها جاحد في كتب السنة فحين نراه لا يستجب نعرف أنه مؤدلج . 


السؤال الثالث : 

هل النظرة العقائدية تؤثر على توجيه النص التاريخي مثل قضية عبس وتولى فالتفسير الشيعي يرى أنه يستحيل أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وآله لنظرته العقائدية أن النبي الأعظم على خلق عظيم والتفسير السني يرى أنها نزلت فيه فما هو تعليقكم ؟


الجواب: نقول لك من هو المفسر؟ وهل مات المفسر أم مازال حي ؟ 

لقد أنتهى دور المفسر في القرن الثالث والرابع الهجري وكان دورهم في التفسير أنه يفسر الآيات القرآنية بالمأثور من الروايات أو بمعناها اللغوي وآخرهم العلامة الطبرسي في كتابة مجمع البيان قدس أما المفسرون اليوم مثل العلامة الطباطبائي وغيرهم نقول هؤلاء اليوم هم باحثون من حيث أنهم علماء وفقهاء ومتكلمين وفلاسفة والعرفان ويصطلح عليه بالفارسي ( ملا و أخوند )  فلا يبحث في علوم القرآن إلا من لديه قدم راسخ في الفلاسفة والفقه والعرفان وعلم الكلام و الأصول وكلها متمثلة في مراجع الطائفة ثم الأمثل فالأمثل من العلماء 

💡وهذا يزيل شبهة أن العلماء والمراجع لا يوجد عندهم تفسير للقرآن الكريم كيف لا يكون عندهم والقرآن الكريم وديعة عندهم في كل أبواب العلم التي يخضونها كل يوم فتجاوزنا عصر التفسير إلى عصر القرآنيات اليوم وأصبح القرآن الكريم حق للجميع فهناك سلوكيات في البحث تسمى محاصرة مثل هات لي آية في القرآن تذكر علياً بالاسم؟

أو أثبت لي أن هذه الزيارة صحيحة سنداً من أولها لأخرها؟ 

وهذه الهندسة العصبية النفسية كانت موجودة عند السلفية وانتقلت في العقدين الأخرين إلى بعض أبنائنا في المذهب للأسف الشديد وهذا السلوك ليس منطق بحث 

والصحيح هو أن تقول أثبت لي وجود أهل البيت عليهم السلام في القرآن بأي وسيلة كانت ؟ أو أثبت لي سند هذه الزيارة سنداً حتى لو أدى الإثبات أن أخذ كل مقطع لوحده من الزيارة وأجد له طريق اسنادي يصححه. 

نأتي إلى رواية عبس وتولى .. هل هي مبهمة مستورة أو واضحة ؟ الجواب أنها مبهمة وهناك قاعدة عامة تبين منهج القرآن الكريم وهي : نزل القرآن الكريم إياك أعني فاسمعني يا جاره ولذا في آية عبس وتولى جاءت عامة بعنوان إياك أعني فاسمعي يا جاره لأن القرآن الكريم جاء محكم ومتشابه فإذا علمنا أن عبس وتولى متشابه نعمل أليات وأدوات كشف المتشابه منه 


السؤال الرابع :

 كيف نتعامل مع ذهاب عقيل أبن أبي طالب إلى معاوية ؟ 

الجواب : لا بد أن نعرف متى ذهب عقيل ابن أبي طالب حسب النقل التاريخي فهل ذهب بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام أم في حياته فإذا سلمنا أن في حياته لنرى ما هو الحوار الذي دار بينه وبين معاوية وهناك نص تاريخي يقول حينما جاء عقيل أبن أبي طالب لمعاوية أبن أبي سفيان تقول الرواية ( فأتى معاوية، فأعطاه مئة ألف، ثم قال: اصعد على المنبر، فاذكر ما أولاك علي وما أوليتك، قال: فصعد المنبر فحمد الله، ثم 

قال: أيها الناس إني أخبركم أني أردت عليا على دينه، فاختار دينه علي، وأردت معاوية على دينه فاختارني على دينه ) عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - الصفحة ٩٤


. وهناك نقل أخر أنه أستأذن عقيل أبن أبي طالب من أخيه ليذهب لمعاوية 

قال: فإني آت معاوية. فأذن له، فأتى معاوية، فقال له: يا أبا يزيد كيف تركت عليا وأصحابه؟

قال: كأنهم أصحاب محمد إلا أني لم أر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم، وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه إلا أني لم أر أبا سفيان فيكم.... 

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - الصفحة ٩٥


السؤال الخامس :

 إذا مررنا على بعض صفحات التاريخ نجد أن هناك مواقف بين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام غير منسجمين وكأنما هناك اختلاف بينهما في التشخيص في الموضوعات الخارجية وهذا يصادم مطلب عقدي عندنا وهي العصمة فقد نقل لنا التاريخ في كتاب معرفة الرجال للشيخ الطوسي قدس في باب قيس أبن عبادة القصة باختصار أن معاوية طلب من الإمام الحسن عليه السلام أن يقدم مع أخيه الحسين عليهما السلام وأهل بيته وأصحابه فطلب معاوية من الإمام الحسن عليه السلام البيعة فبايع ثم طلب من الحسين عليه السلام فبايع ثم طلب من سعد أبن عبادة البيعة فنظر سعد إلى الإمام الحسين عليه السلام فقال له الإمام الحسين عليه السلام أنه إمامي ... فما تعليقكم ؟ 

 ‏

الجواب : كأنك تريد أن تقول أن لايوجد توافق بين الإمامين الحسنين عليهما السلام في هذا النقل التاريخي وهنا نعلق في ذيل هذه الرواية على رجال الكشي قبل الولوج للجواب 

ونقول : أن البحث عن النص التاريخي شيء وأن البحث عن المنهجية في البحث التاريخي شيء آخر  ولذا لن يكون الجواب بما يفهمه القارئ ولا على لسان الكاتب ولكن سيكون الجواب نيابة عن الباحث في تناول مثل هذه السرد التاريخي 

فنقول: هل هذه القصة متواترة  حد الاستفاضة وهل يمكن فهما ببساطه أم تحتاج لطريقة معقدة وهل ستحرج المتكلم وتجرح العقيدة وأنه لا يوجد لها وجه آخر لتفسيرها؟ 

١-فنقول حسب النص التاريخي أن محمد أبن بشير دخل على الحسن الزكي عليه السلام بعد المهادنة مع معاوية فقال له (السلام عليك يا مذل المؤمنين ـ يقصد الإمام الزكي عليه السلام ـ فأجابه الإمام الحسين عليه السلام فنفى هذه الصفة عن أخيه الحسن عليه السلام .. والمفاجئ أن هذا النص في كتاب الكشي أيضاً 

٢-وينقل كتاب بعد مقتل الحسين للسيد بحر العلوم حينما كاتبه أهل الكوفة في عهد معاوية ويحثون النصرة بعد استشهاد الحسن الزكي عليه السلام والمكاتبة استمرت قرابة العشرون عام فكان يرد على كتابات أهل الكوفة الإمام الحسين عليه السلام ( إن بيني وبين معاوية عقد وعهد ) ولم يعبر بالبيعة 

٣-وينقل كتاب الكشي في نفس الصفحة أن قيس حينما قال له قم وبايع فالتفت الإمام الحسن عليه السلام فقال له هل بايعته فلاذ الإمام الحسن الزكي عليه السلام بالصمت ففهم قيس أنه لم يبايع فهدده معاوية إن لم يبايع فقام الإمام الحسن عليه السلام من مكانه وهمس في إذن قيس فقبل قيس منه وذهب وبايع . 

٤-حينما دفن الإمام الحسين عليه السلام أخاه الحسن الزكي عليه السلام فوقف مؤبناً لأخيه مادحاً له وما قام به من رد الفتنة ورد كيد الأعداء عليهم والمواقف البطولية والإصلاحية للإمام الحسن الزكي . 


💡الخلاصة : هناك من يقول لو أخذنا اشكالك في نقل الرواية التي سقتها أنه إمامي تفهم أن الإمام الحسن الزكي عليه السلام غير معصوم ولكن مفترض الطاعة والحال بعد البحث في النصوص التاريخية كشف لنا الأمر أنه هناك توافق ورضا بين الحسنين عليهما السلام هذا إذا وقفت على الموضوع كباحث وهنا المفارقة .

💡ملاحظة مهمة هنا : أن معاوية كتب سناريوهات للأحداث ضد أهل البيت عليهم السلام أم لا ؟ الجواب من يقرأ التاريخ يجد ذلك واضحاً من سيرته نعم فعل ذلك فحين رأى الناس تتحدث عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام فامنعوا الناس عن الحديث عن أبي تراب وحدثوا الناس عن مناقب فلان وفلان وفلان من الصحابة وقسم من هذا الموضوع نقله أبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة رغم أنه كتب ضد الشيعة والرد على الشريف المرتضي على كتابه الإمامة ورغم ذلك فيه لنا خير كثير . من محاولات معاوية أنه نقل أكاذيب على لسان الحسن الزكي عليه السلام أنه ضد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وأنه عثماني الهوى ويستشهد برواية مكذوبة على لسان أمير المؤمنين عليه السلام أنه يوماً مر بولده الإمام الحسن عليه السلام وهو يتوضأ فقال له أبيه أسبغ الوضوء يا حسن فقال ( الذي يسبغ الوضوء قتلتموه ) يعني عثمان . 

وعليه علينا البحث عن كل هذه المحاولات في تشويه أهل البيت النبوي من نصوص تاريخية وهل مصادرها من عندنا فقط أم نقلت من مصادرهم وشهادات مؤرخين ولذا تستغرب من البعض يقول لماذا تنتقون الروايات التي تنزه الإمام الحسن الزكي عليه السلام في حال أنه هو من يقوم بهذا الدور في الانتقائية . 


السؤال السادس : 

في النصوص التاريخية فيما يتعلق بالعصمة في الموضوعات الخارجية للمعصوم هل تتأثر بالعقيدة في رتبة سابقة أم متأخرة ؟ وكيفية التعاطي السليم لهذه المفردات ؟ 


الجواب : 

هل السائل يقصد الموضوعات الخارجية في تصرف المعصوم المتعلقة بالأمور الخاصة في دائرة المعصوم أم بالموضوعات التي تختص بالموضوعات العامة التي تمس كل الناس أم الموضوعات الخارجية التي تختص بأمور مصيرية أم موضوعات جزئية؟ 

ماهي فكرة إمام ومأموم ؟ هو أن يكون المأموم متكأً إتكاءاً تاماً على معرفة الصواب والخطأ من الإمام وهذا ما يقول له مجمل الفقهاء عندنا . أليس من التغرير بالجهل على الناس حينما يتخذ الإمام أمر خاصاً بمصير الناس ويقول لهم هذا رأي الخاص وليس عن الله سبحانه فلو نادى الإمام المعصوم بالجهاد هل هذا عن الله أم عن نفسه وهذا نستكثره على الفقيه فضلاً عن المعصوم ذاته ولذا كل سيرة أهل البيت عليهم السلام إذا رأيت مواقفهم لم يقل أحد فيهم هذا تشخيصي الخاص ورأي الخاص .. 


السؤال السابع : 

يقوم المنبر الحسيني بدور مهم في توجيه الناس ولذا كيف نحافظ على هذا المنبر من أن لا ينحرف من أن تسرد فيه القصص التاريخية الغير موثقة ؟


الجواب : للحفاظ على المنبر يجب على الخطباء المتصدين علينا أخذ السرد التاريخي من أقوال علمائنا من الفقهاء والمراجع ولكن هذا لم يحصل في بعض الأحيان ولذا انحسرت هذه المنهجية للأسف الشديد في الحوزات العلمية فالسيرة العلمية تراعي كثير من المفردات مثل ( في الرواية – أو في الأثر – نقل – وفي الخبر – وفي بعض المنقولات – وفي المشهور ) لو عُرّفت هذه المفردات للناس وثقفة بها  لأرتاح الناس في الاستماع للمحاضرة ومقدار تلقيهم لها 

لنأخذةة مفردة النقل في مصاب فاجعة الطف مثلاً  : نقول ما هو الطريق للوصول للنقل وهل هي محصورة في المقاتل أو هي متناثرة في جملة من المصادر مثل موضوع عطش العباس عليه السلام حيث نقل لنا من يصور عطش فلم نجد له شاهد في المقاتل وإنما وجدناه عن أحفاد العباس عليه السلام نقله في قصيدة له وكذلك تجد بعض الأحداث في كتاب الأدعية 

بحيث إذا بحثت عن قضية تاريخية في فاجعة الطف في المصادر المنتظمة في المقاتل والمغازي والسيرة وهناك مصادر تجدها في المتناثرة من الدعاء والنهج والقصائد وتحمل نوع من الأهمية. ولا ندعي اعتبارها ولكن تحمل أهمية مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد أبن أبي بكر أنه أبني من صلب أبي بكر وكذلك لأبنه محمد أبن الحنفية حين يقول له أحمل يا بني أنت أبني حقا ويستغرب البعض ثم يقول الحسنين أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا كله في المتناثرات. 


السؤال التاسع :

ما هي مدارس البحث التاريخية في المدرسة الشيعية ؟

الجواب : توجد مدرسة واحدة وتتلخص في أنها تتابع كل قضية تاريخية في جميع المصادر التاريخية وبذل وغاية الوسع لعمل التوفيق بين المصادر هكذا مسلك أكثر المؤرخين المعاصرين مثل الشيخ جعفر السبحاني والريشهري والسيد جعفر مرتضى العاملي ولكن أين تقع المفارقة بينهم تقع في التحليل والرؤيا لوجود الاجتهاد في الساحة التاريخية . السيد جعفر مرتضى العاملي يجعل في كل قضية تاريخية مفاتيح للبحث مثل الكلام والعقيدة والفلسفة والفقيه والمفسر  فيها تحليل وقراءة وهذا تجاوز عن المألوف . 

والحمد لله رب العالمين 


قراءة تحليلية للندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي)

قراءة تحليلية في ندوة (دخالة المعتقد في البحث التاريخي) للحوار المثمر لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد حفظه الله 

ملخص ما استفدته من الندوة 


١-أن هناك فرقا واسعا بين أن تكون كاتبا للتاريخ أو قارئا له أو باحثا فيه والظاهر حسب متابعتي المتواضعة لساحة الشباب أننا نقرأ في التاريخ أو نسمع به ولسنا باحثين فيه ولذا نحتاج للتوقف عند القضايا التاريخية التي تشكل علامة استفهام لنا ونعرضها على الباحث فهو أعرف منا في تحليلها ومعرفة حيثياتها.


٢-فهمت أن هناك في التاريخ قسمين الأول التاريخ المنتظم الموجود في كتب السير والمقاتل والمغازي والثاني التاريخ المتناثر في القصائد والأدعية والزيارات والأدب والكلام عن المفقود . وإن هذا يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة في نفي أي حدث تاريخي لعدم وجود مصدر نرجع إليه لأنك لبست نظارة القارئ وليس الباحث .


٣-أن البحث في التاريخ هو عملية تحديث ذاتي للإنسان من خلال أحفورات علمية يكتشفها الباحث من خلال الرواسب الفكرية والعقدية والتاريخية ثم يعيد صياغتها أو يستفيد من ثمارها لبناء ذاته من جديد .


٤-فهمت أن المفسرين للقرآن الكريم هم الذين يفسرون القرآن بما لديهم من نصوص في كلام أهل البيت عليهم السلام أو ما أوضحته اللغة في بيانها لمفردات القرآن وكان آخرهم الطبرسي في مجمع البيان أما المفسرون اليوم فيطلق عليهم الباحثون في علوم القرآن الكريم بحيث يكون القرآن وديعة عند مختلف علومهم في الفقه والأصول والتفسير والكلام واللغة وغيرها فاتسع بهم مفهوم التفسير للقرآن الكريم من أمثال العلامة الطباطبائي صاحب الميزان وغيرهم . 


٥-فهمت أن فهم التاريخ يمر بصعوبات منها الأدلجة ومنها الذاتية ومنها الموضوعية ومنها ما يجمع ومنها ما يفرق فحين تتناول أي قضية تاريخية خصوصاً إذا وقعت بين مدرستين السنة والشيعة فلا تتحرك فيها بالذاتية أو الأيدلوجية أو العقدية بل تحرك في فلك الموضوعية من حيث النصوص والتاريخية ومقارنتها ببعضها وما الاتفاق فيها و ما مورد الاختلاف وهذا لا يقوم به القارئ ولا الكاتب وإنما هي وظيفة الباحث . 


٦-فهمت أن تحليل الموقف التاريخي يمر بمراحل مهمة جداً خصوصاً إذا أحاطت هذا النص سيناريوهات وحملات تشويه منظمة ولذا عليك بمراعاة الزمن التاريخي الذي حدثت فيه الحادثة وماهي خطط الأعداء فيه لتعرف أبعاده وحيثياته. مثل بعض الأحداث التي تخفى على القارئ من الخلاف الظاهري بين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام والذي يفك تعارضه وعدم الركون إليه الباحث في علوم التاريخ 


٧-أن مواقف بعض الشخصيات من ذوي الرحم من المعصومين تطالهم سهام التشويه أيضاً كعقيل أبن أبي طالب من أنه بايع معاوية وخلع أخاه أمير المؤمنين عليه السلام فالباحث حين يغربل التاريخ يجد حملات التشويه غرزت أنيابها في هذه الشخصية خصوصاً إذا عرفت كلمات عقيل بن أبي طالب ضد أعداء أخيه . 


٨-فهمت أن العصمة شاملة للمعصوم في مختلف نواحي حياته خصوصاً إذا تعلق الموضوع بمصير الناس وحفظ دمائهم وأعراضهم وأنها متصلة بالسماء ولم يعهد أن إماما معصوما قدّر للناس أمورا من عند نفسه أو نسب الجهاد لنفسه وإنما نداؤه لله وفي الله وفي سبيل الله سبحانه وإن لم يفعل ذلك فإنه يعد تغريراً للناس بالجهل

وهذا مالا يقبل لفقهاء الشيعة فضلاً عن أهل بيت النبوة سلام الله عليهم .


٩-فهمت أن التاريخ يحتاج لمنهج جديد لقراءته بصورة شمولية وهذا ما عمد إليه بعض أعلام الطائفة في موسوعاتهم التاريخية في السيرة .


٨-الخلاصة : تعلمت من الشيخ الأستاذ حفظه الله أن العالم بزمانه لا تلتبس عليه اللوابس وأنه حريص في كل شيء في تناول المفردات الدينية صغرت أم كبرت وعليه أن يكون صاحب ذكاء خاص وبيان خاص وتورع خاص في تناول أي مفردة من مفردات الدين وإنما تحتاج لمعرفة في كل ذلك كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام :

" يا كميل، ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة " 


ولا تكون المعرفة تامة إلا بإدراك القضايا وفهمها، دركا صحيحا وفهما كاملا، بدراسات حقة ميدانية وتحقيقية، والتي يبتني صرحها الشامخ على ضوء البراهين الساطعة والاستدلالات العقلية اللامعة، والحجج العملية الواضحة.

انظر : الأسرار الفاطمية للشيخ محمد فاضل المسعودي ص١١. أنتهى

💡الخاتمة 

وهذا يعطي حجماً واقعياَ لعقل الإنسان القارئ أو الكاتب ولا يتجاوز حدود الباحث إلا إذا كان مؤهلاً لتحمل تحليل التاريخ وإعطاء الأحكام فيه.

✍️زاهر حسين العبدالله
https://t.me/zaher000
لمشاهدة الندوة كاملة
https://youtu.be/hU5eK2IsAD0
لتقرير الندوة كاملة على الرابط


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...