❇️ العلامة الشيخ علي الجزيري حفظه الله في دائرة الضوء
💡مقدمة :
حينما نتعرض لسيرة العلماء حفظهم الله لا نعطي العصمة المطلقة لهم فلا يوجد معصوم إلا المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام وأولهم وأفضلهم النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ولكن نذكر فضل علمائنا الأبرار بما يحملون من رشحات من المعصومين عليهم السلام ولأنهم حملة لعقائدهم ولأحكامهم وإرشاداتهم ومواعظهم عليهم السلام. فحين نتحدث عن سيرة العلماء ونركز على الجوانب المشرقة من حياتهم كي يكونوا قدوة لغيرهم من عامة المؤمنين والمؤمنات دون إفراط أو تفريط
بإذن الله تعالى.
💡ملاحظة هامة :
كوننا أننا نصف عالماً جليلاً بواقع حال لمسناه في شخصيته المباركة هذا لا يعني بالضرورة أنه من لم يتصف بذلك أنه أقل منه أو أنه هو الصح المطلق وغيره الخطأ المطلق أرجو وضع هذا في عين الاعتبار في قراءة هذا المقال
وهنا على غير العادة التي تعودها مني القارئ الكريم سأحاول الحديث عن العالم الشيخ علي الجزيري حفظه الله بما لمسته من شخصيته العلمية كمتابع متواضع له من تقريرات أو محاضرات أو ندوات ومواقف وسلوك رأيته منه حفظه الله.
وأبدأ بقوله تعالى
{.. إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)}فاطر.
وقد ورد في الرواية في الثناء على العلماء العاملين ما قوله
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلك طريقا يطلب فيه علماً سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورَّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر.
الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٣٤
أولاً: زهده عن وجود البطانة من حوله.
1- الشيخ حفظه الله عرف أنه لا واسطة بينك وبينه في التنسيق له في المشاركة لخدمة المؤمنين تستطيع التواصل معه بشكل مباشر وترتب معه موعد خدمة المجتمع في أمور دينهم وصلاح آخرتهم فهو زاهد عن المحراب والقريب والبعيد والمكان كلها عنده في التعامل سواء .
2- وهو زاهد في العلاقات الاجتماعية فلا يوجد في قاموسه وجيه أو تاجر أو غني أو فقير فينظر للجميع بعين واحدة دون تمييز لأحد على أحد وزاهد في قبول الدعوات الاجتماعية زواجات أو غيرها من المناسبات حتى أن بعضهم قال إنه لا يوجد عنده ذكاء اجتماعي.
3- زاهد في تقبل أي عطايا أو هِبات أياً كان نوعها نظير خدمته للمؤمنين في كل مكان أحيانا يصل به الحال حتى الماء لا يشربه أو يأخذه من مكان المشاركة التي يذهب لها.
4- يزهد في الألقاب بل لا يحب أن ينعت بها وربما اسكت المقدم من أن يسترسل في محضره ويشير أحيانا أن الألقاب أصبحت في السوق المفتوح فهي توزع مجاناً ولا تباع وإنما يضعها المحبون لمن أحسنوا الظن به.
5- زاهد في المناصب والتيارات والأحزاب والمرجعيات والوكالات والدخول في السجالات المجتمعية وإذا ثمة تدخل فيكون الناصح والمربي والمجيب على قدر السؤال وليس له علاقة باسم صاحب الإشكال.
هذا المقدار يكفي في هذا الجانب
ثانياً: غزارة علمه وجاذبية بيانه ورصانة حجته.
1- يتناول أسئلة الجمهور التي تصل أحياناً إلى خمسة أسئلة بما تحمله من معلومات كثيرة فيجيب عليها تباعاً فيعطي لكل سؤال حقه في الجواب ويغطي جوانبه المختلفة بل يجيب على تفريعات السؤال عند الفريقين فتجده حاضر البديهة في استجماع الأدلة القرآنية والروائية ويمزجها بجمال مبسمه ووضاءة وجهه حتى يشعر السائل أنه امتلأ معرفة من جوابه
2- لا يخجل أبداً من قول لا أعلم في بعض الأسئلة وهذا قمة الإيمان والتواضع واحترام السائل
3- جوابه العلمي يحمل أصالة لا تخرج إلا من رواية أو آية أو ما نطق به فحول العلم ممن سبقه واحترام جهودهم وأدبه الجم في تناولهم فلسانه يحمل فصاحة وبلاغة وبياناً ساحراً يأخذ بمجامع القلوب فلا هو طويل فيمل ولا هو قصير فيختزل الجواب فيكون مخل ولا هو مكرر ممجوج بل يحمل عمقاً معرفيا خاص توجد به مفاتيح معرفية لمن يتأمل في كلماته تفتح آفاق السائل. فيجعلك تعرف كيف تجذر للمسألة فيأخذك من تعريفها لغويا واصطلاحاً ثم يضع أصبعاً على مفاتيح الجواب المترابطة وكيف تستنطق الأدلة سواء من القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام وكأنه صياد ماهر يعلمك أساسيات الصيد لتكون صياداً ماهراًَ ولا يعطيك فقط السمك دون تعليم كيف تصطادها.
4- سريع العبرة فتتكسر الكلمات ويتحشرج الصوت وتدمع العين بحرقة إذا مر على ذكر مصائبهم عليهم السلام فينقلك بعمق لوجع مصابهم فلا تملك بعدها لمقدمات لذرف الدموع عليهم صلوات الله عليهم أجمعين
5- إذا تناول مقامات أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم يعطيك من الأسرار العجيبة وكأنك تسمعها لأول مرة رغم تكرار الحديث على مسامعك لكن لم تقف على عمقه والتأمل فيه إلا حين وقف على شرحه وبيانه.
6- كثيرا ما يتهم نفسه بالتقصير في بلوغ المنى في العلم ويحث الآخرين على التعليم
حتى يشعر البعض أن العلم يكفيه من هذا العالم فلا يحتاج غيره دون التقصير في حق العلماء العاملين في خدمة الدين وأهله.
ثالثاً : ورعه وتقواه يلمسه كل من تعود على مجلسه
فهو مصداق لقول أمير المؤمنين عليه السلام في كلامه في وصف المتقين في عدة صفات نذكرها
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل؛ منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم.... عظم الخالق في أنفسهم؛ فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها؛ فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة...
م: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٤ - الصفحة
ختاماً :
وفق الله سبحانه وتعالى لهذا الشيخ ثلة من الشباب التي تعتني بنشر علمه في الوسائل المختلفة ولكن لاتزال قليلة في حق هذا العالم ولذا أنصح وبشدة أن تتظافر الجهود لعمل موقع شامل لتراثه العلمي الغزير يضم دروسه وتقريراته وبحوثه ومحاضراته ولقآءته ومشاركاته وألبوم صور لفعالياته رغم أني متأكد لا يقبل كل ذلك ولكن هذا من حقه علينا ولا ينبغي أن نستجيب لزهده في نفسه وإن كان مطلوب في حد ذاته لشخصه الكريم ولكن يعد تقصيراً من جانبنا تجاهه بل حتى هذا المقال المتواضع قد يرفضه ولا يقبل به ولكن أجد نفسي أنه حق علي لابد من الوفاء به حتى لو علمت برفضه إياه من باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق
وكل ما كتب يتكلم عن الجوانب المشرقة التي لمستها في حياة الشيخ من باب اللهم لا نعلم من ظاهره إلا خيراً نسأل الله له ولبقية العلماء العاملين الثبات والإخلاص في القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.
✍️زاهر حسين العبد الله
المدونة
https://zaher000.blogspot.com/2024/08/blog-post_27.html
أو قناة التلقرام
https://t.me/zaher000