الاثنين، 31 مارس 2025

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)


🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)

 

قال تعالى {.. إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)}فاطر. 

 

💡لحظات وفاء مع قامة علمية 

الشيخ في جانبه الإنساني والقيمي

تميّز سماحة الشيخ بخُلقه العالي ابتسامته الهادئة وسكون الجوارح ألبسه الله هيبة العلماء وضياء العرفاء وحذاقة الحكماء...

 

رغم هذا الجلال والهيبة لا يجد الجالس عنده حواجز الرهبة ولا ضيق العبارة يستحثك على قول حاجتك من ظهور الاهتمام بك بنظراته الحانية كأنه أب يتلمس حاجة ابنه حتى يصل إلى أعماقها 

لا يخرج الإنسان من بين يديه إلا وتغذت روحه إيماناً وعقله علماً وقلبه حلماً ووجدانه بصيرةً... 

تواضعه الجم إلى درجة أنه يُشيّعك حتى خارج بيته ينظر إليك نظر صاحب الفضل عليه وليس العكس 

تجده وقوراً بشره في وجهه شكوراً مشغولاً لسانه بذكر الله. 

 

🤲وقوفه بين يدي الله سبحانه وتعالى في الصلاة. 

إذا بدأ بالإقامة ترتعد فرائص قلبك وتتهيأ رَوحك لساحة القدس الإلهي فإذا كبر بصوته الرخيم دخل صوته أعماق قلبك فإذا شرع في الصلاة في آيات القرآن الكريم تسير مع صوته وأنفاسه لرحلة العشق مع الحق سبحانه حتى إذا انتهت صلاته بالتسليم كأنك ارسيت على ساحل عفو الله وكرمه ولطفه. 

 

🥺 إذا تحدث أحدٌ أمامه بما يضيق به من خلافات في الساحة 

تراه يصمت طويلاً لسماعك ثم يقول لك بكلمات تذكرك بالحلم والأناة وحسن الظن والعذر لمن يستحق العذر ويريك عيبك بلطف المحادثة معه فلا يجرحك بكلمة ولا بنظرة ولا إشارة حتى تخجل من نفسك كيف ذكرت هذا بمحضره الشريف . 

إذا أثني على شخص أمامه من أهل الفضل تجده يتبسم تبسم الراضي ويؤيد بكلامه الراقي ويضيف مايعرفه منه ويشير إلى ذوي الفضل في العلم إذا وجد أنه لا يغنيك بجوابه .

 

🕋 في حج بيت الله الحرام 

تراه يجسّد السالك العابد والمتهجد كثير السجود والدعاء والقيام والقعود يرتل القرآن الكريم فإذا جن عليه الليل قام من فراشه وأسبغ وضوءه وتوجه لربه خاشعا متذللاً من خشية الله وكأن النور يضيء من وجهه 

وفي استقباله لأسئلة الحجاج متروٍ وحليم ولايتكلم إلا بعلم ووعي ويراعي فهم السائل وحاجته فيعطيه من مسألته مايغنيه.. 

 

🤔موقف عجيب

 حينما كنت جالساً معه في بيته في الراشدية وقد أخبر بأن أحد أولاده 

أصيب في جبهته ولا يوجد من يذهب بولده إلى المستشفى إلا هو 

جاءنا في وقار والحياء يملأ وجهه منا وولده بين يديه ينزف من رأسه فارتاعت قلوبنا وهو شديد الاعتذار منا كي يذهب به إلى المستشفى  فلم أجد التوتر قد أضر بوقاره ولا هول المنظر أخل بتوازنه ولا نزف الدم قد غّير منطقه وكلامه عذرناه في خجل وخرجنا نعتذر له أن اشغلناه عن ولده 

 

📖أخيراً جئته لكتابة مقدمة

 كتابي المعنون

مقومات الشباب الإسلامي وفق منظور أهل البيت عليهم السلام

فأول ماذكرت أني أرغب بأن يُجمل كتابي بقلمه بمقدمة أخذني بتواضعه الجم وقال أنا لست أهلاً واذهب لمن هم أهلٌ للتقديم فلم أقنع بجوابه فبدأت ألح عليه فوافق بكتابة مقدمة لكتابي المتواضع فنثر فيه من عبق كلامه نصحاً وتوجيهاً وتربيةً لأمثالي ثم عقب بكلمات في الكتاب يراها محط اهتمام ونظر ثم ختم بدعاء وشكر. 

 

فقد آلمنا فقده وانكسرت القلوب لفراقه ودمعت العيون حسرةً عليه فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 

 

فرحمة الله عليك أيها العالم التقي الورع المخلص المتفاني في خدمة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

 

✍️ زاهر حسين العبد الله

 

الاثنين، 24 مارس 2025

🔲 الفرار إلى الله سبحانه بلذيذ المناجاة



🔲 الفرار إلى الله سبحانه بلذيذ المناجاة 

 

قال تعالى { أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦) } الحديد . 

مقدمة : العبادة لها ثلاث صور 

ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام 

إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك.

وفي موضع آخر قال : إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك  عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار. (١)

فأعلى مراتب اللذة والمناجاة والفرار لله سبحانه هو أن يعبد الله سبحانه لأنه أهلاً للعبادة هذه هي قمة الحرية فتصل إلى مقام ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في صفات المتقين 

وهو [ لولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، و خوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، أجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها..] (٢)

سيكون الكلام في محطتين 

١-متى نصل لمرحلة العشق مع الحق سبحانه إلى درجة الفناء؟

٢-ما هي آثار هذا العشق في حياة الإنسان؟ وعلاقة ذلك بالحجة عليه السلام؟

 

أولاً : متى نصل لمرحلة العشق مع الحق سبحانه إلى درجة الفناء  ؟

إن لكل شيء غسل وغسل الروح هو الخشية والخوف والرجاء والبكاء ولذة المناجاة مع الحق سبحانه في الخلوات قال الإمام الصادق -عليه السلام- في الكافي: "إن روح المؤمن لأشدّ اتصالا بروح الله، من اتصال شعاع الشمس بها".(٢) 

 

أول طرق هذا العشق معرفة الحق سبحانه وتعالى 

هنا نحتاج لكلام العرفاء الروحانيين الذين تركوا متاع الدينا فكشف الله عن بصائرهم مثال :

الخواجة نصير الدين الطوسي: يقول 

إذا انقطع عن نفسه واتصل بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته المتعلقة بجميع المقدورات، وكل علم مستغرق في علمه الذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات، وكل إرادة مستغرقة في إرادته التي يمتنع أن يتأتى عليها شيء من الممكنات.بل كل وجود فهو صادر عنه فائض عن لدنه فصار الحق حينئذ بصره الذي به يبصر وسمعه الذي به يسمع وقدرته التي بها يفعل وعلمه الذي به يعلم ووجوده الذي به يوجد، فصار العارف حينئذ متخلقا بأخلاق الله في الحقيقة. (٣)

وروي في علل الشرائع عن الرسول الأكرم (ص): "إنّ شعيباً بكى من حبّ الله عزّ وجلّ حتى عمي، فردّ الله عزّ وجلّ عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فردّ الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي، فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه: 

يا شعيب! إلى متى يكون هذا أبداً منك؟.. إن يكن هذا خوفاً من النار فقد أجرتك، وإن يكن شوقاً إلى الجنّة فقد أبحتك. 

فقال: إلهي وسيدي!.. أنت تعلم أني ما بكيت خوفاً من نارك، ولا شوقاً إلى جنتك، ولكن عقد حبك على قلبي، فلست أصبر أو أراك.. فأوحى الله جلّ جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا، فمن أجل ذلك سأخدمك كليمي موسى بن عمران". (٤) 

 

وفي الكافي أيضا: "لو علم الناس ما في فضل معرفة الله عزّ وجلّ، ما مدّوا أعينهم إلى ما متّع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها.. وكانت دنياهم أقلّ عندهم مما يطؤنه بأرجلهم ..إن معرفة الله عزّ وجلً أنس من كلَ وحشة، وصاحب من كل وحدة، ونور من كل ظلمة، وقوة من كل ضعف، وشفاء من كل سقم". 

ويقول في الحديث القدسي المتفق عليه عند جميع أهل الإسلام: "وما يتقرب إليّ عبد من عبادي بشيء، أحبّ إليّ مما افترضت عليه.. وأنه ليتقرب إليّ بالنافلة حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت أذن سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها.. إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته". (٥)

نختم بكلام الإمام الخميني قدس سزه 

يقول : 

فإن للإمام  الحجة عليه السلام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كانوا قبل هذا العالم أنوارا، فجعلهم الله بعرشه محدقين وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله (الحكومة الإسلامية: 52).

سؤال : هل لهذا العشق من مراحل ؟

العشق مع الله سبحانه وتعالى يمر بعدة مراحل نجدها في المناجاة الشعبانية

 

١-تبدأ بالمعرفة بالله (المعرفة)، 


ثم المحبة (المحبة): لأنه أفاض الوجود عليه واختاره لعبادته وجعله من فاضل طينة أهل البيت عليهم السلام. فقد ورد في المناجاة 

[إلهي أنا عبد أتنصل إليك مما كنت أواجهك به من قلة استحيائي من نظرك وأطلب العفو منك إذ العفو نعت لكرمك، إلهي لم يكن لي حول فأنتقل به عن معصيتك إلا في وقت أيقظتني لمحبتك، فكما أردت أن أكون كنت، فشكرتك بإدخالي في كرمك، ولتطهير قلبي من أوساخ الغفلة عنك]


٢- فالشوق (الشوق)، يكون بلقاء المحبوب من خلال الدعاء والمناجاة وعمل الخيرات والبعد عن السيئات.

[ إلهي انظر إلي نظر من ناديته فأجابك، واستعملته بمعونتك فأطاعك، يا قريبا لا يبعد عن المغتر به، ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه، إلهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه، ولسانا يرفعه إليك صدقه ]

 

٣-فالأنس (الأنس) :فلا يرى الراحة إلا بذكر الله والنظر إلى عظيم فضله وكرمه حتى لو غرق في أمواج البلاء من فقر أو مرض أو مصيبة فيكون مصداقاً في المناجاة  

(وإن أدخلتني النار أعلمت أهلها أني أحبك)

 

٤-ثم التوحيد (التوحيد): وهو إفراد العبادة لله وحده لا شريك له وأنه لا ضار ولا نافع ولا مانح ولا دافع ولا مؤثر إلا الله سبحانه وتعالى 

فتكون مصداق للمناجاة  

[ إلهي فلك أسأل وإليك أبتهل وأرغب، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعلني ممن يديم ذكرك، ولا ينقض عهدك، ولا يغفل عن شكرك، ولا يستخف بأمرك، إلهي وأتحفني بنور عزك الأبهج، فأكون لك عارفا، وعن سواك منحرفا، ومنك خائفا مترقبا، يا ذا الجلال والإكرام . وصل اللهم على محمد رسوله وآله الطاهرين]

 

٥-وصولاً إلى الفناء في الله (الفناء). 

هو كمال الانقطاع إليه بكل ذرات وجوده حتى لا وجود إلا وجوده سبحانه وتعالى 

فيكون مصداقاً للمناجاة

 ( إلهي وألهمني ولها بذكرك إلى ذكرك ... فلا تجعلني ممن صرفت عنه وجهك، وحجبه سهوه عن عفوك، إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك.

إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك، ولاحظته فصعق بجلالك، فناجيته سرا، وعمل لك جهرا ..]

فكل مرحلة تتميز بخصائصها الخاصة من المشاعر والأعمال التي تعكس عمق العلاقة بالله سبحانه . مصدر مقاطع المناجاة الشعبانية (٦)

 

ثانياً : ما هي آثار هذا العشق في حياة


 الإنسان وعلاقة ذلك بالحجة عليه السلام ؟ 

 

أن للعشق الإلهي آثار جمة لا تعد ولا تحصى جسدها أهل البيت عليهم السلام حينما أفنوا أنفسهم في حق المولى سبحانه وتعالى فمهما اشتد بهم البلاء كان ذلك أقرب شيء لهم من محبة الله سبحانه وتعالى 

 

١ـ حب النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام 

سيد الخلق النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم 

حينما أغرى بملك الدنيا من مال وجاه ونساء وخدم ومختلف متع الدنيا وقف عزيزاً بالله واثقا من وعد الله بنفس مطمئنة فقال أمام هذا الإغراء موجهاً خطابه لعمه أبي طالب رضوان الله عليه 

(يا عماه لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى أنفذه أو أقتل دونه، ثم استعبر  فبكى، ثم قام يولي، 

فقال أبو طالب: امض لأمرك فوالله لا أخذلك أبدا.) (٧) .

أما أمير الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام قال للدنيا 

خبر ضرار بن ضمرة الضبائي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه ولقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين 

ويقول: يا دنيا يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظم المورد، وخشونة المضجع.(٨) 

وهكذا بقية أهل البيت عليهم السلام ذابوا حباً في الله سبحانه حتى أنهم لا يرون شيئا إلا ورأوا أن الله قبله وبعده وفيه مهما اشتدت المصاعب والبلاء عليهم وخير شاهد ما قاله سيد الشهداء حين فقد كل أحبته وأعزائه حتى طفله الرضيع ودمه يشخب في يده الشريفة وهو يقول [ هون ما نزل بي أنه بعين الله ]

 

٢-شعورك بالمسؤولية والحنين تجاه إخوانك المستضعفين في الأرض 

فعن جابر الجعفي قال: وقف بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) 

فقلت: جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي، وصديقي، 

فقال: نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجري فيهم من ريح روحه، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه. فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها. (٩)

 

٣-تنامي شعورك بالحنين إلى صاحب الطلعة البهية والغرة الحميدة مولانا ومقتدانا الإمام الحجة عليه السلام 

وألمك على غربته وحزنك على عدم مناجاته فتندبه صباحاً ومساء 

[ ليت شعري أين استقرت بك النوى، بل أي أرض تقلك أو ثرى، أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى، ولا أسمع لك حسيسا ولا نجوى، عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوى، ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى.بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا، بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى، من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا... هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى هل يتصل يومنا بغده فنحظى، متى نرد مناهلك الروية فنروى ..] (١٠).

إذا علينا أن نتزود من هذه الليلة بآهات  أنين وبكاء ونقول آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظم المورد، وخشونة المضجع.

وأستغفر الله وأتوب إليه والحمد لله رب العالمين. 

 ✍️زاهر حسين العبدالله 


https://t.me/zaher000


المصادر 

(1)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤١ - الصفحة ١٤ .

(2)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٨ - الصفحة ١٤٨ .

(3)              مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٢٥ .

(4)              علل الشرائع : 57، باب 51، ح 1 .

(5)              ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤٠. 

(6)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩١ - الصفحة ٩٩. 

(7)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٥ - الصفحة ٨٧ .

(8)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ٣٤٥. 

(9)              بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٨ - الصفحة ١٤٧.

(10)      بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٩ - الصفحة ١٠٨.

الأحد، 23 مارس 2025

لذة المناجاة بالقرآن الكريم

 

لذة المناجاة بالقرآن الكريم

 

قال تعالى { إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩)}الأسراء . 

مقدمة : 

القرآن الكريم هو أعظم رسالة روحية وعملية وأخلاقية وعبادية وسلوكية وقصصية فيها العبر وتذكر الآخرة ولذة المناجاة مع الخالق سبحانه وتعالى وهو المعجزة الخالدة للنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم .الذي حوى كرم الله الذي لا يحصى ولطفه ورحمته التي لا تعد وجوائزه وهباته التي لا تنتهي وجميع شأن الإنسان ظاهرة وباطنة بل أكثر من ذلك وصلت العناية منه سبحانه بكل ما يحيط بالإنسان من مخلوقات خلقها الله سبحانه وتعالى ولذا دعانا القرآن مراراً للتفكر والتدبر والتأمل في آياته المباركة حيث 

قال { أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)} النساء وقال تعالى { أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)}محمد .

ولذا يستحب قبل الشروع بقراءة القرآن الكريم أن نقرأ دعاء ذكره مولانا الصادق عليه السلام 

 عند أخذ المصحف: قبل أن يقرأ 

يقول :  اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل، من عندك على رسولك محمد بن عبد الله، وكلامك الناطق على لسان نبيك، جعلته هاديا منك إلى خلقك، وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه فكرا، وفكري فيه اعتبارا واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي على سمعي، ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه، آخذا بشرائع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذرا إنك أنت الرؤوف الرحيم.(١)

هذه الدعوات من الحق سبحانه تحثنا على أن نغرف معارف القرآن الكريم وأن نستلهم منه الخيرات فهو دستور كامل في صلاح أنفسنا في دنيانا وآخرتنا ومهما حاولنا وصف عظمة القرآن لن نصل إلى إدراك ذلك لعجزنا ولكن أهل البيت هم مفاتيح قدرة الله وترجمان قرآنه العزيز ومن عندهم جوامع الكلم . إذاً لنأخذ وصف هذا القرآن الكريم من سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء عليها السلام حين تقول : 

كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، 

منكشفة سرائره، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائد إلى الرضوان اتباعه، مؤد إلى النجاة أسماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وبيناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة،(٢)

  

سيكون الكلام حول سؤالين 

١-هل القرآن الكريم فيه مناجاة للروح والعقل والفطرة؟

٢-ما هو ثواب التوسل بالقرآن الكريم؟

 

١- هل القرآن الكريم فيه مناجاة للروح والعقل والفطرة؟

بلا شك أن القرآن الكريم فيه شفاء ورحمة للروح والعقل والفطرة فهو أمان لإيمان الإنسان وبقاء روحه متعلقة في عز قدس الله سبحانه وتعالى فحين نتأمل في آياته نجد فيها رسائل الرحمة من الحق سبحانه لنا والبشرى إذا التزمنا هديه وأخذنا معالمه فهو يهدي الإنسان لخير الدنيا والآخرة 

يجسد ذلك مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام حين يصف المتقين وكيفية تعاملهم بالقرآن الكريم حين يقول : 

أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن، يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم، ويستشيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، 

مثل : 

قال تعالى { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ(٢٥)}البقرة .

قال تعالى {أُو۟لَـٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون (١١) } المؤمنون َ.

قال تعالى { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٥)}محمد .

قال تعالى { فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢)}الرحمن . {مُتَّكِئِينَ عَلى‏ فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ(٥٤)}الرحمن . 

 

وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم.

مثل : 

{ خُذُوهُ فَغُلُوهُ(٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُوهُ(٣٢) ثُمَّ فِي سَلسَلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ

 إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(٣٤) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٥) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ(٣٦) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِن غِسْلِينٍ (٣٧) لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ }الحاقة .

 

 فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم، وأكفهم، وركبهم، وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم من النار . (٣)

 

٢-ما هو ثواب التوسل بالقرآن الكريم؟

حتماً قرآن بهذه العظمة لابد أن يكون له ثواب في قراءته وتدبره وتأمله وفيه شفاء لما في الصدور وفيه علم ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة لمن فتح الله بصيرته وهداه بعناية أهل البيت عليهم السلام لذا تجد بعض الآيات تدل على أن من يقرأ القرآن بشروطه الخاصة يستطيع أن يسير به الجبال ويقطع به الفيافي ويكلم به الموتى كما ورد في 

قوله تعالى { وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏ بَلْ لِلَّـهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ...(٣١)}الرعد .

ولو تأملنا في الروايات نجد شواهد على ذلك مثل 

ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا . 

وروي عن أمير - المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ مائة آية من القرآن، من أي  القرآن شاء ثم قال:  سبعا يا الله ، فلو دعا على الصخرة لقلعها إن شاء الله .

روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ في المصحف نظرا متع ببصره وخفف عن والديه، وإن كانا كافرين. (٤)

وروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : إذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع، وشاهد مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو أوضح دليل إلى خير سبيل، من قال به صدق ووفق، ومن حكم به عدل، ومن أخذ به  أوجر

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم : نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى صلوا في البيع والكنائس وعطلوا بيوتهم، فإن البيت إذا أكثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، وأمتع أهله، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا . (٥)

 

لذا وجب علينا أن نتوسل بهذا الكتاب المقدس لقضاء حوائجنا وتفريج كربنا وصلاح أنفسنا ولعل ذلك هو السبب الذي جُعل من أعمال ليلة القدر المباركة دعاء رفع المصحف الشريف ووضعه على الرأس في ليالي القدر

 و التوسل إلى الله عز و جل بالقرآن الكريم و النبي المصطفى صلى الله عليه وآله والعترة المعصومين عليهم السلام وذلك لضمان استجابة الدعاء ، و هو من الأعمال المستحبة في ليالي القدر المباركة حسب ما رُوي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام.

رَوَى السيدُ بن طاووس، قال: عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ 

قَالَ :"خُذِ الْمُصْحَفَ فَدَعْهُ عَلَى رَأْسِكَ وَ قُلِ :

اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذَا الْقُرْآنِ ، وَ بِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَ بِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيهِ ، وَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، فَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ . بك الله . بمحمد . بعلي . بفاطمة . بالحسن . بالحسين بعلي ابن الحسين بمحمد ابن علي بجعفر ابن محمد بموسى ابن جعفر بعلي ابن موسى بمحمد بن علي بعلي ابن محمد بالحسن ابن علي بالحجة عليهم السلام 

كلها عشر مرات لكل واحد ..

في الدعاء عند الفراغ من قراءة القرآن نقول :

اللهم إني قد قرأت ما قضيت من كتابك الذي أنزلت فيه على نبيك الصادق صلى الله عليه وآله، فلك الحمد ربنا اللهم اجعلني ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي أنسا في قبري، وأنسا في حشري، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأتها درجة في أعلا عليين آمين رب العالمين.(٦)

 

بقلم : زاهر حسين العبد الله 

 

المصادر :

(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٧. 

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٩ - الصفحة ٢٢٢.

(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٤ - الصفحة ٣١٥.

(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٢

(5) عدة الداعي - ابن فهد الحلي - الصفحة ٢٦٨

(6) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٧.

المشاركة المميزة

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)   قال تعالى {.. إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)}...