الأحد، 23 مارس 2025

لذة المناجاة بالقرآن الكريم

 

لذة المناجاة بالقرآن الكريم

 

قال تعالى { إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩)}الأسراء . 

مقدمة : 

القرآن الكريم هو أعظم رسالة روحية وعملية وأخلاقية وعبادية وسلوكية وقصصية فيها العبر وتذكر الآخرة ولذة المناجاة مع الخالق سبحانه وتعالى وهو المعجزة الخالدة للنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم .الذي حوى كرم الله الذي لا يحصى ولطفه ورحمته التي لا تعد وجوائزه وهباته التي لا تنتهي وجميع شأن الإنسان ظاهرة وباطنة بل أكثر من ذلك وصلت العناية منه سبحانه بكل ما يحيط بالإنسان من مخلوقات خلقها الله سبحانه وتعالى ولذا دعانا القرآن مراراً للتفكر والتدبر والتأمل في آياته المباركة حيث 

قال { أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)} النساء وقال تعالى { أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)}محمد .

ولذا يستحب قبل الشروع بقراءة القرآن الكريم أن نقرأ دعاء ذكره مولانا الصادق عليه السلام 

 عند أخذ المصحف: قبل أن يقرأ 

يقول :  اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل، من عندك على رسولك محمد بن عبد الله، وكلامك الناطق على لسان نبيك، جعلته هاديا منك إلى خلقك، وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه فكرا، وفكري فيه اعتبارا واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي على سمعي، ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه، آخذا بشرائع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذرا إنك أنت الرؤوف الرحيم.(١)

هذه الدعوات من الحق سبحانه تحثنا على أن نغرف معارف القرآن الكريم وأن نستلهم منه الخيرات فهو دستور كامل في صلاح أنفسنا في دنيانا وآخرتنا ومهما حاولنا وصف عظمة القرآن لن نصل إلى إدراك ذلك لعجزنا ولكن أهل البيت هم مفاتيح قدرة الله وترجمان قرآنه العزيز ومن عندهم جوامع الكلم . إذاً لنأخذ وصف هذا القرآن الكريم من سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء عليها السلام حين تقول : 

كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، 

منكشفة سرائره، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائد إلى الرضوان اتباعه، مؤد إلى النجاة أسماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وبيناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة،(٢)

  

سيكون الكلام حول سؤالين 

١-هل القرآن الكريم فيه مناجاة للروح والعقل والفطرة؟

٢-ما هو ثواب التوسل بالقرآن الكريم؟

 

١- هل القرآن الكريم فيه مناجاة للروح والعقل والفطرة؟

بلا شك أن القرآن الكريم فيه شفاء ورحمة للروح والعقل والفطرة فهو أمان لإيمان الإنسان وبقاء روحه متعلقة في عز قدس الله سبحانه وتعالى فحين نتأمل في آياته نجد فيها رسائل الرحمة من الحق سبحانه لنا والبشرى إذا التزمنا هديه وأخذنا معالمه فهو يهدي الإنسان لخير الدنيا والآخرة 

يجسد ذلك مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام حين يصف المتقين وكيفية تعاملهم بالقرآن الكريم حين يقول : 

أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن، يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم، ويستشيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، 

مثل : 

قال تعالى { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ(٢٥)}البقرة .

قال تعالى {أُو۟لَـٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون (١١) } المؤمنون َ.

قال تعالى { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٥)}محمد .

قال تعالى { فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢)}الرحمن . {مُتَّكِئِينَ عَلى‏ فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ(٥٤)}الرحمن . 

 

وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم.

مثل : 

{ خُذُوهُ فَغُلُوهُ(٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُوهُ(٣٢) ثُمَّ فِي سَلسَلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ

 إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(٣٤) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٥) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ(٣٦) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِن غِسْلِينٍ (٣٧) لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ }الحاقة .

 

 فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم، وأكفهم، وركبهم، وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم من النار . (٣)

 

٢-ما هو ثواب التوسل بالقرآن الكريم؟

حتماً قرآن بهذه العظمة لابد أن يكون له ثواب في قراءته وتدبره وتأمله وفيه شفاء لما في الصدور وفيه علم ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة لمن فتح الله بصيرته وهداه بعناية أهل البيت عليهم السلام لذا تجد بعض الآيات تدل على أن من يقرأ القرآن بشروطه الخاصة يستطيع أن يسير به الجبال ويقطع به الفيافي ويكلم به الموتى كما ورد في 

قوله تعالى { وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏ بَلْ لِلَّـهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ...(٣١)}الرعد .

ولو تأملنا في الروايات نجد شواهد على ذلك مثل 

ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا . 

وروي عن أمير - المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ مائة آية من القرآن، من أي  القرآن شاء ثم قال:  سبعا يا الله ، فلو دعا على الصخرة لقلعها إن شاء الله .

روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ في المصحف نظرا متع ببصره وخفف عن والديه، وإن كانا كافرين. (٤)

وروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : إذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع، وشاهد مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو أوضح دليل إلى خير سبيل، من قال به صدق ووفق، ومن حكم به عدل، ومن أخذ به  أوجر

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم : نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى صلوا في البيع والكنائس وعطلوا بيوتهم، فإن البيت إذا أكثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، وأمتع أهله، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا . (٥)

 

لذا وجب علينا أن نتوسل بهذا الكتاب المقدس لقضاء حوائجنا وتفريج كربنا وصلاح أنفسنا ولعل ذلك هو السبب الذي جُعل من أعمال ليلة القدر المباركة دعاء رفع المصحف الشريف ووضعه على الرأس في ليالي القدر

 و التوسل إلى الله عز و جل بالقرآن الكريم و النبي المصطفى صلى الله عليه وآله والعترة المعصومين عليهم السلام وذلك لضمان استجابة الدعاء ، و هو من الأعمال المستحبة في ليالي القدر المباركة حسب ما رُوي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام.

رَوَى السيدُ بن طاووس، قال: عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ 

قَالَ :"خُذِ الْمُصْحَفَ فَدَعْهُ عَلَى رَأْسِكَ وَ قُلِ :

اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذَا الْقُرْآنِ ، وَ بِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَ بِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيهِ ، وَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، فَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ . بك الله . بمحمد . بعلي . بفاطمة . بالحسن . بالحسين بعلي ابن الحسين بمحمد ابن علي بجعفر ابن محمد بموسى ابن جعفر بعلي ابن موسى بمحمد بن علي بعلي ابن محمد بالحسن ابن علي بالحجة عليهم السلام 

كلها عشر مرات لكل واحد ..

في الدعاء عند الفراغ من قراءة القرآن نقول :

اللهم إني قد قرأت ما قضيت من كتابك الذي أنزلت فيه على نبيك الصادق صلى الله عليه وآله، فلك الحمد ربنا اللهم اجعلني ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي أنسا في قبري، وأنسا في حشري، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأتها درجة في أعلا عليين آمين رب العالمين.(٦)

 

بقلم : زاهر حسين العبد الله 

 

المصادر :

(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٧. 

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٩ - الصفحة ٢٢٢.

(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٤ - الصفحة ٣١٥.

(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٢

(5) عدة الداعي - ابن فهد الحلي - الصفحة ٢٦٨

(6) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٩ - الصفحة ٢٠٧.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركة المميزة

حوارية (١٣٩) طغت النزعة المادية في حياتنا فبتنا نعيش الأنانية ..؟

🔲 حوارية (١٣٩) طغت النزعة المادية في حياتنا فبتنا نعيش الأنانية ..؟ 👆 السائل:   طغت النزعة المادية في حياتنا فبتنا نعيش الأنانية وفقدنا ق...