زيارة الأربعين… عبور من الظاهر إلى أعماق النفس المطمئنة

 




زيارة الأربعين… عبور من الظاهر إلى أعماق النفس المطمئنة


في كل عام، تمتد الأقدام وتكثر الخطوات من شتى بقاع الأرض نحو كربلاء الحسين (عليه السلام)، حيث ينادي العشق الحسيني الأرواح قبل الأجساد🕊 زيارة الأربعين… عبور من الظاهر إلى أعماق النفس المطمئنة


في كل عام، تمتد الأقدام وتكثر الخطوات من شتى بقاع الأرض نحو كربلاء الحسين (عليه السلام)، حيث ينادي العشق الحسيني الأرواح قبل الأجساد.


🌿 الأربعين، ظاهريًا، هي مسيرة مشاة، خطوات يقطع المؤمنون فيها مئات الكيلومترات، في تعبٍ وسفرٍ وترابٍ وحرّ…

لكن في جوهرها، هي عبورٌ من ظاهر الجسد إلى أعماق الروح، وانتقالٌ من ضجيج الدنيا اليومي إلى سكون النفس المطمئنة، ومن صخب الحياة إلى حنايا الطاف الإمام الحسين (عليه السلام).

محاور المقال 

1- من ظاهر المشي إلى باطن السلوك


🚶‍♂️ المشي إلى الأربعين ليس رياضةً بدنيةً فحسب، بل هو تربية تلامس الروح؛

💧 كل خطوة في طريق الإمام الحسين (عليه السلام) تُطهّر القلب،

💧 وكل دمعة على درب كربلاء تُزيل صدأ الذنوب وتنقّي النفس.

كما ورد عن الربيع بن المنذر عن أبيه عن الحسين بن علي عليه السلام قال: "ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقباً". (1)

فعلى طريق الإمام الحسين (عليه السلام) تُبعث القلوب من جديد، وتُولد النفس المطمئنة من رحم العزاء والبكاء، والتأمل في مواساة بنات الرسالة.


2-النفوس التي اطمأنت في حضرة الإمام الحسين (عليه السلام)


💔 من غرق في لذّات الدنيا المادية لن يشعر براحة وسكينة الروح أبدًا.

🌸 لكن النفس المطمئنة، حين تشم روح الولاء والانتماء، تجد الراحة في السجود على تربة الحسين (عليه السلام)، وتغمرها السكينة في تراب مولاه، وتعيشها في بكاء الزوار وندائهم: "السلام عليك يا أبا عبد الله".


هناك، يصفو الذهن، ويهدأ القلب، وتسمو النفس، ويلهج اللسان بذكر الله، مصداقًا لقوله تعالى:

 {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]


🌿 هناك تتحرر الروح من أوساخ الغفلة، وتزداد يقينًا بأن طريق الحسين (عليه السلام) هو طريق النجاة لأن لحب مولانا الحسين حرارة تدمي القلب فضلاً عن العيون 

كما ورد عن النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وهو يقول لأبنته سيدة نساء العالمين 

يا فاطمة، كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين بكت على مصاب الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.(2)


3- رحلة من الذات إلى الله سبحانه

📜 قال الإمام الصادق (عليه السلام):


"عجبًا لأقوام يزعمون أنهم شيعة لنا، يمر بهم دهرهم لا يأتون قبر الحسين جفاءً وتهاونًا وكسلًا، أما والله لو يعلمون ما فيه من الفضل ما تهاونوا ولا كسلوا… أول ما يصيب الزائر أن يُغفر له ما مضى من ذنوبه، ويقال له: استأنف العمل"(3)


🌸 زيارة الأربعين تربية على الإخلاص، والفداء، والإيثار؛

من قدّم رغيفه لغريب، ومن غسل أقدام زائر، ومن حمل طفلًا متعبًا… كلهم يعبرون من ظاهر الخدمة إلى عمق العبودية.



4- الختام: زاد الأربعين مذخور للمؤمن

 الأربعين ليست ذكرى عابرة، بل مدرسة مفتوحة.

من زارها صادقًا، عاد بنفسٍ جديدة، وبصيرةٍ أوضح، وفكرٍ أنقى.


🚩 إنها ليست فقط نحو كربلاء… بل نحو النفس المطمئنة، نحو العروج إلى الملكوت الأعلى، نحو رضوان الله سبحانه.


💬 "يا من كنتَ ماشيًا أو راكبًا زائرًا الحسين (عليه السلام)، لا تنظر للمسافات التي قطعتها بنظرة مادية، بل انظر لما تغيّر فيك من أخلاق وسلوك وسمو روحي… فذاك هو العبور الحقيقي."


✍️ زاهر حسين العبدالله 

📲 قناة التلغرام:

https://t.me/zaher000


أو المدونة 

https://zaher000.blogspot.com/2025/08/blog-post_6.html 

المصادر

(1) بحار الأنوار: ج44/ ص279.

(2)بحار الأنوار: ج44/ ص279.

(3) كامل الزيارات، ص 292.


تعليقات

  1. ش محمد الحاجي
    ما أروع البيان إذا خرج من قلبٍ خاشع ولسانٍ صادق، ووجدانٍ موالٍ!
    لقد سطّرتَ – أيها الزاهر العزيز – وصف زيارة الأربعين، لا ككاتبٍ عابر، بل كزائرٍ ذاب قلبه شوقًا، واغتسل وجدانه دموعًا، وعبّر بصدقٍ يلامس الأرواح.

    وصفت الزيارة فكأنما كنت ترجمانًا لحنين الزائرين، وناطقًا باسم القلوب المنكسرة على درب كربلاء.

    لقد مددت جسور الإحساس بين الكلمات، حتى شعرنا أن الحروف تسير معنا حافية القدمين نحو الحسين عليه السلام.

    فطوبى لقلمك، وطوبى لروحك التي عبّرت، وطوبى لكلماتك التي خلدت الزيارة كما يخلّد العاشق ذكرى لقاء الحبيب.

    تحياتي الخالصة🌹

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🔲 حوارية (١٣٢) هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل مرجع التقليد؟

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)

أبرز دلالات تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام يوم غدير خم