الجمعة، 27 أكتوبر 2023

حوارية (١٠٢)كيف نربي جيلاً يتبنى فكرة الانتظار عقيدة وسلوكا؟

 ❇️ حوارية ( ١٠٢) كيف نربي جيلاً يتبنى فكرة الانتظار عقيدة وسلوكا ويعشق المنتظَر ويذوب فيه ؟

استاذي الكريم أبا سجاد

الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه هو الإمام الحاضر الغائب وهو عهد الله ووعد الأنبياء الذي يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهو الإمام المنتقِم من كل ظالم متجبر وهو امل المؤمنين المستضعَفين في تحقيق العدل وتجديد الدين.

☝️والسؤال استاذي هو:

ما هي السبل التي تسهم في تربية جيلاً يتبنى فكرة الإنتظار عقيدة وسلوكا ويعشق المنتظَر ويذوب فيه حتى يكون على استعداد تام للدفاع عنه في غيبته والجهاد بين يديه في حضرته عند إعلان ثورته؟

ابو احمد


✋ الجواب بسمه تعالى نستمد التوفيق 

سؤالك عميق جداً يحتاج عدة عوامل لتحقيقه على أرض العقيدة والسلوك وأول تلك العوامل هي 

١-أن يكون الوالدين على قدر كبير من المسؤولية بحيث يذكرون أبنائهم بهذا الإمام الغائب الذي تنتظره كل الديانات وتعتقد فيه خلاصها من الظلم والاضطهاد والقهر والغلبة ونشر العدل في ربوع الحياة. فالنفس ترغب بالعدالة وتنشد السلام وتحب الأخلاق الكريمة وتميل إلى الفضائل ولا يجسد كل ذلك إلى النور المبارك أروحنا فداه الحجة عليه السلام .

٢-تعزيز روح المعرفة المتينة المستمدة من القرآن الكريم والعترة الطاهرة في وجوب إتباع هذا الإمام الغائب كأن نذكر له من الآيات والروايات ما يعزز اليقين في داخله وأن الحجة حاضر ولولا وجوده المبارك لساخت الأرض ومن عليها فلا نجد ما يجعل الخالق يصبر على معاصي الناس وطغيانهم وتجاوزهم حدود الفطرة السليمة إلا وجود هذا النور المبارك بين أظهرنا ونذكر هنا جملة من الآيات التي تؤكد خروج صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه 

قال تعالى { وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥)}القصص. 

هنا وعد صادق من الحق سبحانه وإن الله لا يخلف وعده وأنه ليس بظلام للعبيد وإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور و يعلم ما توسوس به نفسه وأنه أقرب إلينا من حبل الوريد ولذا هو عالم سبحانه أن خلاص هذه النفوس على يد مخلص ينجيهم مما هم فيه من كرب وحزن وغياب للعدالة وحاجتهم  الملحة لحياة كريمة ولذا قال تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهي مستمرة أثرها إلى يومنا هذا بحديث الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض 

وقال تعالى {  وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)}الأنفال. وهناك رواية تؤكد معنى هذه الآية الكريمة وهي 

الإمام الصادق (عليه السلام) لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت

الإمام الباقر (عليه السلام) لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله

الإمام الصادق (عليه السلام) لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور . (١) 

وعليه لا يمكن الأرض تخلو من حجة على عباده إما ظاهر يستطيع الناس التواصل معه أو غائب لا يتصل معه إلا خواص خلق الله سبحانه كالخضر عليه السلام وغيرهم .

٣- إعداد برامج لبقاء الروح متعلقة بمولانا صاحب العصر والزمان كدورات ومسابقات وأناشيد وهديا وغيرها من الوسائل المتاحة التي تناسب كل جيل وتتماها مع آلياته الجديدة في الجذب والإثارة والإخراج والإبداع الذي لا ينقص الغيرة على الدين والمذهب العمل عليه وزيادة يقين الشباب فيه . 

٤-ربط كل ما هو خير يوفق له الإنسان ببركة وجود صاحب العصر والزمان أروحنا فداه ورفع اليدين بالدعاء له في كل آنات حياتك فإن الطفل حين يرى أبواه متعلقين بإمام زمانهم تعلق بشكل تلقائي من خلال سلوك الوالدين 

٥-لا بد من الارتباط اليومي بمولانا صاحب العصر والزمان بكل الوسائل المتاحة بالصدقة بالدعاء بمخاطبته قلبياً وبث همومك له فإنه يسمع الكلام ويرد السلام ويرفع الدعاء لقضاء حاجتك وهناك أدعية مأثورة مثل دعاء العهد في كل صباح ودعاء الافتتاح لشهر رمضان وكثرة اللهج بإسمه ولقبه وكنيته ودائما يكون هذا الدعاء ملازم لحياتك فإنه تضميد للجراح ويمكن الاستعانة به للثبات على الولاية وهو 

اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة اللهم ما حملتنا من الحق فعرفناه وما قصرنا عنه فعلمناه . (٢)

💡ولو أردت مثال عملي كيف نربي جيلاً يتبنى فكرة الانتظار عقيدة وسلوكا كما أشرت انتخب لك هذا النموذج 

١- من الطفولة نربي أولادنا على ذكر صاحب العصر والزمان في كل أمورنا بالقول بأن نقول في قيامنا وجلوسنا وخروجنا ودخولنا يافرج الله. 

٢- وضع لوحات على جدران منازلنا تذكرنا بمولانا صاحب العصر والزمان 

٣- الدعاء الجماعي في يوم الجمعة بدعاء الفرج 

٤- الجلوس مع الأبناء وذكر قصص اللقاء المبارك لصاحب العصر والزمان والرغبة الملحة والمتلهفة للنظر إلى محياه كما ورد في الدعاء ( اللهم أرني الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، واكحل ناظري بنظرة مني إليه، وعجل فرجه، وسهل مخرجه..) 

وعمل المسابقات والاناشيد والرسم والتصميم والمولد وغيرها من مظاهر الإهتمام بهذه الشخصية المباركة 

٥- قراءة كتب عن سيرته المباركة مثل

كتاب السيد باقر السيستاني حفظه الله بعنوان 

منهج التحري والبحث في شأن الإمام المهدي عجل فرجه. 


يكفي هذا القدر وإلا الموضوع طويل ومتشعب ونسأل من الله أن وفقنا للجواب على سؤالكم 


✍️ زاهر العبد الله

https://t.me/zaher000

أو الصفحة 

https://zaher000.blogspot.com/2023/10/blog-post_27.html

المصادر

(١)ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١١٨.

(٢) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٤.

هناك 3 تعليقات:

  1. ش محمد جواد الحاجي27 أكتوبر 2023 في 9:40 م

    حياكم الله أيها الأستاذ العزيز ....

    إلتفاتاتكم جميلة ...فليس هنالك شيء أفضل من تربية النشئ وتثقيفه وربطه من البداية للتعلق بشخصية الإمام ع قلبا وقالبا من حيث البرناج النظري والعملي الذي بينتموه مشكورين ....

    والمسألة تحتاج إلى تبني واهتمام ومتابعة وصبر للوصول إلى النتائج المرجوة وهذا ليس بمستحيل وإن كان فيه صعوبة ....ويحتاج وعي المجتمع وتظافر جهوده للنجاح والفلاح
    وتحقيق ماتصبو وتدعو وتحث أستاذنا الكريم عليه
    وفقكم الله وزادكم من فضله

    ردحذف
  2. ش عبد الجليل المكراني28 أكتوبر 2023 في 2:12 ص

    يحتاج الإنسان عبر مسيرته في الحياة إلى أن يعبر لبعض الأشخاص عن عميق امتنانه وشكره وتقديره للجهود التي بذلوها من أجله، وكما يقال فإن لكل عطاءٍ مقابل، فكلمات الشكر التي أسوقها لك لا ترتقي لمستوى عطائك و لا تعبر بالشكل الأمثل عن مدى امتناني إليك ولفضلك شكرًا لك على كل ما قدمته وبذلته من جهدٍ حقيقي ومنفعةٍ كبيرة في إحياء مجلسكم بكم يثمر هذا المكان
    خادمك عبدالجليل

    ردحذف
  3. أحسنت رحم الله والديك أستاذ زاهر العبدالله على ما تقدمه من كتابات وتنورات للمجتمع نفع الله بك البلاد والعباد

    ردحذف

من فوائد آية الله الشيخ باقر الإيرواني

 🔲 من فوائد آية الله الشيخ باقر الإيرواني  حيث ابتدأ برواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام بصوت شجي يدخل أعماق القلب ويذكر بالله ونعيمه ع...