الخميس، 16 نوفمبر 2023

حوارية (١٠٤) متى نصل لمناصب عليا في دولة الحجة (ع)؟

  ❇️حوارية (١٠٤) متى نصل لمناصب عليا في دولة الحجة (ع)؟


السائل : أستاذي الكريم أبا سجاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستاذي في دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف مناصب لن يحظى بها إلا من امتلك المؤهلات التي تجعله مستحقا لتلك المناصب فمن تلك المناصب ما ورد في الدعاء الشريف دعاء الافتتاح ( اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله... الشاهد هنا ( وتجعلنا فيها من الدعاة لطاعتك والقادة إلى سبيلك...)

والسؤال أستاذي الفاضل هو:

ما هي السبل التي تجعل الفرد المؤمن الطامح لتولي منصب الدعوة ومنصب القيادة في دولته عليه السلام أن يسلكها للوصول إليها؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

✋الجواب بسمه تعالى :

مقدمة هامة : تولي المناصب عند الله سبحانه وتعالى ولأنبيائه ورسله وأوصيائه والصالحين من عباده ليست خاضعة لقانون المحدود أو الكثرة والقلة بل المقياس يختلف تماماً عند الحق سبحانه وتعالى .فأعلى درجاته هو التسليم المطلق بكل أبعاده لله سبحانه والتوكل عليه وعمق إيمانه المحض بما عند الله سبحانه. وهناك نماذج كثيرة في التاريخ الإسلامي وغيره من الديانات الأخرى توضح ذلك .لنأخذ عدة أمثلة منها النموذج الأكمل هو النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حينما جاءه عمه أبو طالب بعرض قريش المغري جدا حسب قوانين المادة والدنيا هو أن يعطى الإمارة عليهم وأن يزوج من يشاء من بناتهم وإن يعطى من المال حتى يرضى هنا أتى الجواب الذي لا يعرفه إلا من ذاق حلاوة التسليم المطلق التام لله ولا يفكر في خوف أو جوع أو هلاك أو ترك أعزة أو تعذيب أو كل ما يخطر عليه بال من متاع الدنيا الفانية فقال بكل ثبات ويقين 

( يا عم والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى أنفذه أو أقتل دونه، فقال له أبو طالب: امض لأمرك فوالله لا أخذلك أبدا) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٣.

وتبعه أهل البيت عليهم السلام بنفس النهج منهم أمير المؤمنين عليه السلام حينما 

قال ( وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظم المورد، وخشونة المضجع ) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ٣٤٥.

وكذا بقية أهل البيت عليهم السلام كل واحد منهم ذاق حلاوة اليقين والتسليم المطلق لله سبحانه فنال تلك المناصب العالية التي لا يدانيها أحد من الخلق. والسؤال هذا خاص بالنبي الأعظم وأهل بيته عليهم السلام فهل يكون ذلك لأوليائه وبقية خلقه ؟ وهنا يأتي جوابكم

الجواب نعم يكون ذلك بل أكثر من ذلك وقد نصت بعض الروايات على مثل ذلك نذكر بعضها 

عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: " اللهم لقني إخواني " مرتين فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا، إنكم أصحابي وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيح الدجى، ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ١٢٣

💡هذا المقام الرفيع مرهون بعدة نقاط نجملها في الآتي:

١-كلما ذاب الإنسان في أوامر الله سبحانه ونسي نفسه في مرضاته قرب من تلك المناصب العالية .

٢-كلما ذل نفسه وزكاها بالعمل الصالح ظاهراً وباطناً قرب من ذلك .

٣-كلما زال الكبر والغرور بنفسه فلا يرى لنفسه فضلاً في أقل الأشياء فضل عن كبيرها كان أقرب إلى ذلك .

٤-كلما تفقه في دينه وحرص على تطهير نفسه وماله وعياله من الذنوب والمعاصي قرب من تلك المناصب .

٥- أن يدعو دائما في الإخلاص في علمه وأن يتذكر الموت في كل آنات حياته فلا يحمل في نفسه ذرة على أحد من الناس ويتهم نفسه دائما بالتقصير والقصور في جنب الله سبحانه 


النقاط كثيرة فلكها الإخلاص واليقين والتسليم والعمل الصالح والرضا بما قسم الله كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصف الإسلام حينما قال :

(لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ولا ينسبها أحد بعدي: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل، المؤمن أخذ دينه عن ربه إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله، وإن الكافر يعرف كفره بإنكاره) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٥ - الصفحة ٣١١. 

نكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين


✍️زاهر حسين العبدالله


أو الصفحة 
https://2u.pw/kqgtVPr

هناك 3 تعليقات:

  1. يوسف الكشي :شكرًا لكل معلم افنى وتفانى واجتهد في تحقيق الاهداف التربوية والتعليمية مما أنعكس إيجابًا على أبناؤنا الطلاب وكان سببا في تحصيلهم وتفوقهم مما اسعد أولياء امورهم ونرفع القبعات احترامًا وتقديرًا لهم فهم اوسمة على صدورنا وجعل الله اعمالهم في ميزان حسناتهم وقضى الله حوائجهم 🕋🤲🏻

    ردحذف
  2. بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومَن والاه إلى يوم الدين ...لقد كفّى ووفى جناب الأستاذ والكاتب أزهر في بيان كيف يكون الواحد منا قادرا على أن يكون في موقع القيادة والريادة في دولة الحق الكريمة...
    ويمكن أن نصيغ ذلك بعبارة أخرى :
    إن ناصر الإمام الخاتم عج في ظل دولته المباركة أو حتى قبلها لابد أن يحمل الأدوات التي يمكنه من خلالها أن يفعّل نصرته للإمام ويجسدهافعلا، والتي أهمها :
    ١ - أن يكون الناصر - وبحكم الروايات - في درجة عالية من التدين والالتزام بأومر الله وحدود الشريعة ، لكي يكون محل اقتداء وتأسي عملي.
    ٢ -أن يكون في درجة عالية من المعرفة والوعي والأحاطه
    الواسعة بمعارف الدين وأحكام الشريعة وأهداف الثورة العالمية المباركة بقيادة الإمام الغائب الحاضر عج ...إذ لابد أن يملك مادة التبليغ حتى يستطيع أن يعطي ويؤثر ففاقد الشيء لايعطيه.
    ٣ - إخلاص العمل لله سبحانه، فإخلاص العمل من موجبات التوفيقات الإلهية .

    ردحذف
  3. احسنتم بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء

    ردحذف

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...