الثلاثاء، 23 يناير 2024

حوارية (١١٥) لماذا هذا البلاء لأمير المؤمنين (ع)

 ❇️حوارية (١١٥) لماذا كل هذا البلاء لأمير المؤمنين عليه السلام وشيعته؟

 

☝️السائل: أستاذي الكريم سؤال شغلني من فترة لماذا كل هذا البلاء لأمير المؤمنين عليه السلام وشيعته حتى يومنا الحاضر وإلى متى ينتهي هذا المسلسل من البلاء؟ وهل هذا البلاء مكتوب على من يحبه إلى موته ؟ أرجو إجابتي إجابةً شافيه كافيه 

 

✋الجواب بسمه تعالى

🕯️مقدمة:

أخي العزيز إن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا أمام خيارين لإختبار الناس وهما 

١-خيار يسلك به إلى جنة أعدها لرضاه سبحانه ورحمته 

٢-خيار يهوى به إلى نار سجّرها ربها لغضبه.


فأودع الله سبحانه وتعالى في هذه النفس شهوات ٍ إذا لم تختار ما أرده الله سبحانه وتعالى وتجتنب نهى عنه تَهلك وتُهلك غيرها. وأول من وقع في هذا الامتحان هو إبليس عليه لعنة الله حينما أُمر بالسجود لآدم فأبى واستكبر وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فكان هواه مخالف لأمر الله سبحانه وتعالى فصدق عليه قول الله سبحانه {أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣)} الفرقان.

فأصبحت سنة الظالمين لأنفسهم إلى يوم القيامة. 

ومن جهة أخرى من سنن الله سبحانه أن أشد الناس بلاءً في هذه الدنيا يكون أقربهم منزلة منه سبحانه وتعالى ولذا ذكر آيات عديدة في ثواب الصابرين مثل قوله تعالى {وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ولا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠)} القصص.

فكان المصداق الأبرز نبينا العظيم (ص) حتى قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (ما أوذي أحد مثل ما أوذيت في الله). (١)وتبعه في البلاء أهل بيته عليهم السلام وأولهم أمير المؤمنين على عليه السلام الذي واجه أشد أنواع البلاء والمصائب ممن نصب له العداء وجوهره هذا العداء بسبب رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن لا يمكنهم الإفصاح عن ذلك لأن كل المصالح التي بنوا عليها خططهم ستكون في مهب الريح فكان الضحية هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أمير المؤمنين عليه السلام.

وهنا يأتي الجواب حينما جسّد أمير المؤمنين عليه السلام الإيمان كله فكان مظهر لجلال الله وجماله وإرادته وجنته وناره بنص حديث (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة) (٢)

فالمؤمن في الجنة والمنافق في الدرك الأسفل من النار، هنا اشتعلت نيران الأنا والعصبية والهوى القبلية والحسد لهذا الرجل العظيم الذي هو محط عناية الله سبحانه ولطفه فكرهت الناس الحق المتمثل في سيد الموحدين علي عليه السلام كما في قوله تعالى {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠)} المؤمنون. 

فوقفت هذه النفوس المريضة أمام إرادة الله سبحانه وتعالى واختياره 

فجعل الله سنة الابتلاء جزءا من هذا الوجود ليميز الخبيث من الطيب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

قال تعالى {أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)} العنكبوت.

فكان أمير المؤمنين عليه السلام هو الإيمان والحق المحض كله وميزان العدل القسط كله حتى صار الإمام علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار كما ورد عن نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله

(علي مع الحق والحق مع علي، يدور حيثما دار) (٣). وقال في حقه حينما بلغت الروح التلاقي وبلغت القلوب الحناجر في حرب الخندق أمام زهو عمرو بن ود العامري. وهو يقول هل من مبارز؟

فأحجم الصحابة خوفاً ورعبا فرفع يده سيد الموحدين قائلاً أنا له يا رسول الله فأذن رسول الله صلى الله عليه لعلي عليه السلام بمبارزته ثم قال (ص) روحي فداه (برز الإيمان كله إلى الكفر كله) (٤)

فحين قتل أمير المؤمنين عليه السلام عمر بن ود العامري قال روحي فداه (لضربة علي خير من عبادة الثقلين) أي مظهر أجلى وأصدق من إرادة الله ونهيه في هذا المقال الجامع المانع الواضح في مقام أمير المؤمنين عليه السلام 

 

والأقوال في حق أمير المؤمنين عليه السلام كثيرة لكن نختم بهذه الرواية توضح جانباً من سؤالك على لسان مولانا الإمام الباقر (عليه السلام) - إذ جاءه رجل فقال: والله إني لأحبكم أهل البيت -: فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لأسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم. (٥)

وهناك أسباب جوهرية مباشرة لهذا الحقد على أمير المؤمنين عليه السلام ذُكرت بصراحة في دعاء الندبة نأخذ محل الشاهد حيث يقول الدعاء  

(...وحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، لا يسبق بقرابة في رحم، ولا بسابقة في دين، ولا يلحق في منقبة يحذو حذو الرسول صلى الله عليهما وآلهما، ويقاتل على التأويل، ولا تأخذه في الله لومة لائم، قد وتر فيه صناديد العرب، وقتل أبطالهم، وناهش ذؤبانهم، فأودع قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن، فأضبت على عداوته، وأكبت على منابذته حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين) (٦).

فهل بعد هذا الكلام تتنازل عن نعمة الولاية أم لا؟ 

 

☝️السائل : أحسنتم بارك الله فيكم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله على نعمة الولاية وثبتنا عليها حتى نلقاه. 


✋الجواب : آمين يارب العالمين 


✍️زاهر حسين العبدالله 

 

المصادر: 

(1)         كنز العمال 5818.

(2)         بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٩ - الصفحة ٢٨٧.

(3)         شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 297.

(4)         بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٩ - الصفحة ١.

(5)         ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٥٢٠.

(6)         بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٩ - الصفحة ١٠٦.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوارية (122)ماذا يريد الإمام الصادق عليه من شيعته في هذا العصر؟

  حوارية ( 122) ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر ؟ 👆السائل : في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ماذا يريد منا الإما...