حوارية ( ١٢٥) وقفات مع آية النحل والدور الأنوثة فيها.

 ❇️ حوارية ( ١٢٥) وقفات مع آية النحل والدور الأنوثة فيها. 

☝️السائل :

 لماذا قال تعالى في الخطاب للنحل { اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ (٦٨)  ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ..(٦٩)} النحل . ولم يقل اتخذوا ولماذا قال وكلي ولم يقل وامتصي لأن النحل يمتص ولا يأكل حسب الظاهر 

✋الجواب بسمه تعالى

💡مقدمة :

الوقوف على مراد الآية الكريمة بدقة أمر متعذر مالم توجد رواية أو آية مفسرة وما سنقوم به من جواب هو جمع بين المفسرين وبين المعنى الظاهر من اللفظ بالرغم أن المراد الدقيق لله سبحانه وتعالى لا يعلمه إلا هو وحده لا شريك له. ولكن هذا من باب التأمل والتدبر في الآيات القرآنية المباركة. 

✋  أخي العزير

أما لماذا قال (واتخذي) ورد في الرواية 

عن أمیرالمؤمنین (علیه السلام)- وَ أَمَّا وَحْیُ الْإِلْهَامِ فَقَوْلُهُ عَزَّوَجَلَّ وَ أَوْحی رَبُّکَ إِلَی النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ.‌ (1)

من خلال كلمة اتخذي هنا إلى الإلهام الشامل الكامل لكل أنواع النحل لمختلف وظائفهم  التي يقومون بها داخل وخارج الخلية. 

وكما يقول الراغب- الإشارة السريعة وذلك يكون بالكلام علی سبيل الرمز أو بصوت مجرد عن التركيب أو بإشارة و نحوها، و المحصل من موارد استعماله أنه إلقاء المعنى بنحو يخفى علی غير من قصد إفهامه فالإلهام بإلقاء المعنى في فهم الحيوان من طريق الغريزة من الوحي. انتهى. 

وعليه نستفيد من الرواية الشرح للراغب 

أن الإلهام للنحل هو نحو توجيه وتعليم من الحق سبحانه في عمل هذه المملكة الهندسية العجيبة في تكوينها التي تحتاج لوظائف كثيرة متعددة يعطي كل نحلة منها قدرة على تنفيذها في شكل هندسي سداسي متقن تحار العقول من دقته رغم أنه مئات الخلايا فلا تزيد حجم واحدة على أخرى ولم تقف هذه الوظيفة الوحيدة في خلية النحل فهنا أدوار أخرى مثل التخزين والتمريض والحراسة وجمع الرحيق فهي دولة متكاملة تحتاج وظائف متعددة فسبحان من خلق هذا النظام الدقيق في خلية النحل . 

🌴أما قولك لماذا قال تعالى( وكلي من الثمرات) ولم يقل تمتصي

الأكل هنا أعم من الامتصاص إذ أن وظيفة النحل ليس الامتصاص فحسب بل نقل اللقاح من زهرة لزهرة ولعل الأكل هنا ناظر إلى العملية التي يقوم بها النحل في مراحل الامتصاص وقد أشار صاحب الميزان إلى هذا المعنى بقوله: الأمر بأن تأكل من كل الثمرات مع أنها تنزل غالبا علی الأزهار إنما هو لأنها إنما تأكل من مواد الثمرات أول ما تتكون في بطون الأزهار ولما تكبر وتنضج.(2)

وقد قرأت معلومة عن حياة النحل لها نفس الفائدة المشارة حيث تقول 

أن النحل يأكل ويشرب ( ذو أجزاء فم قارض ماص) والأكل يكون لحبوب اللقاح (المصدر البروتيني للنحل) التي يجمعها من الأزهار، والشرب يكون للرحيق (المصدر الكربوهيدراتي) ولهذا اقترنت كلمة (كلي) بكلمة الثمرات و الثمرة أصلها حبة اللقاح وهو ما يأكله النحل !!!!!! 

💡مع ملاحظة هامة يا أخي العزيز كون معلومة علمية نأخذها عن معنى الآية هي ليست مقيدة به كما أشرنا في المقدمة بل محاولة تقريب المعنى لا أكثر فإن المراد الحقيقي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى فأرجو الالتفات بدقة لهذا المعنى. 

👆السائل : 

لماذا الخطاب كان بياء التأنيث في قوله تعالى [ واتخذي ] ولم يقل [ واتخذوا] لأن هناك إناث وذكور في النحل ثم هل هناك إشارة نستفيدها من الآية في عمل المرأة وما هي حدودها ؟ 

✋الجواب : 

ما يتعلق بمفردة ( واتخذي من الجبال بيوتا) ولم يقل واتخذوا مثلا

لعل المراد هنا جانبين

1-الجانب العلمي الطبيعي

وهو بقاء الإناث أكثر من الذكور بل ثبت علميا بعد عملية التزاوج مع ملكة النحل فإن مصير من قام بالتلقيح الطرد من الخلية للذكور وربما تصل بعضهم إلى القتل

فيكون أكثر ما في الخلية هم الإناث

وفي اللغة العربية يكون الخطاب بالتغليب إذا كان بعض أفراده أكثر أو ثلثي الطرف الآخر فيكون الخطاب للغالبية وهذا لا ينفي وجود الذكور فإن الخلية يستحيل أن تخلو من الذكور. 

2- أما علاقة خلية النحل ودور الأنثى في العمل 

إن الله سبحانه وتعالى جعل نموذجين في كتابه العزيز وهما ( النحل والنمل) تستفيد منها البشرية لبناء المدينة الفاضلة أو المعبر عنها بدولة العدل والقسط التي سيجسّدها مولانا الحجة عليه السلام في آخر الزمان

فجعل النموذجين منهجاً لمن يريد أن يبني مدينة فاضلة يشترك فيها الذكور والإناث في بناء المجتمع بحيث كل واحد منهما يقوم بدور يكمل الآخر ولا يزاحمه فإذا كان عمل المرأة لا يزاحم التربية وشؤون الزوج فهو تكامل وليس تزاحم هذا إذا ساد عامل التقوى بين الطرفين فيكونان مصداقا لقوله تعالى 

{وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71)}التوبة 

هنا أختم بمعنى خاص أشار له بعض العلماء في خصوص النحل مستفاد من بعض الروايات لا بأس من نقله بين يديك نأخذ مثال في تأويل هذه الرواية عن مولانا الصادق عليه السلام بغض النظر عن صحة سندها والوقوف عليها من الجهة السندية إلا أن مدلولها يأنس به الموالي المحب لأهل البيت عليهم السلام 

روي عن الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية المباركة  : فَالنَّحْلُ الْأَئِمَّةُ (علیهم السلام) وَ الْجِبَالُ الْعَرَبُ وَ الشَّجَرُ الْمَوَالِی عَتَاقَةً وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ یَعْنِی الْأَوْلَادَ وَ الْعَبِیدَ مِمَّنْ لَمْ یُعْتَقْ وَ هُوَ یَتَوَلَّی اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ (صلی الله علیه و آله) وَ الْأَئِمَّةَ (علیهم السلام) وَ الشَّرَابُ الْمُخْتَلِفُ أَلْوَانُهُ فُنُونُ الْعِلْمِ قَدْ یُعَلِّمُهَا الْأَئِمَّةُ (علیهم السلام) شِیعَتَهُمْ فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ یَقُولُ فِی الْعِلْمِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ وَ الشِّیعَةُ هُمُ النَّاسُ وَ غَیْرُهُمْ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِهِمْ مَا هُمْ قَالَ وَ لَوْ کَانَ کَمَا یَزْعُمُ أَنَّهُ الْعَسَلُ الَّذِی یَأْکُلُهُ النَّاسُ إِذَا مَا أُکِلَ مِنْهُ فَلَا یَشْرَبُ ذُو عَاهَةٍ إِلَّا بَرَأَ لِقَوْلِ اللَّـهِ فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ وَ لَا خُلْفَ لِقَوْلِ اللَّـهِ وَإِنَّمَا الشِّفَاءُ فِی عِلْمِ الْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ فَهُوَ شِفَاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِأَهْلِهِ لَا شَکَّ فِیهِ وَ لَا مِرْیَةَ وَ أَهْلُهُ الْأَئِمَّةُ الْهُدَی الَّذِینَ قَالَ اللَّـهُ تَعَالَی ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا.[تفسير أهل البيت عليهم .(3)

هذا والله أعلم فإن الله بالغ أمره ونحن هنا للتأمل والتدبر ونسأل من الله أن وفقنا لإجابتكم والحمد لله رب العالمين

👆السائل :

أعطاك الله ألف عافية لنترك بصمة حوارية كنزية مدونة للأجيال ليستفادوا وتكون لنا مراجعه للأهمية..

زادك الله علماً وفضلاً ورقياً🤲🏻🤲🏻

✋الجواب :

الشكر لله ثم لحسن ظنك ونسأل من الله القبول والمغفرة وحسن العاقبة 

✍️ زاهر حسين العبدالله

المصادر :

(1) تفسير اهل البيت عليهم السلام ج٧، ص٦٧٠ - بحارالأنوار، ج٩٠، ص١٦. 

(2)تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٣.

(3)م:بحارالأنوار، ج٢٤، ص١١٢ .