الاثنين، 16 سبتمبر 2024

حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟


 🔲 حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟


☝️السائل: 

سلام عليكم بوسجاد كلما تنصح أحداً أو تنبه أحداً أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر مباشرة يفهمك غلط ويقول لماذا تمارسون علينا الوصاية أو تفرضون الوصاية علينا خلكم في حالكم؟

ما هي أسباب ذلك وكيف نعالج هذا المفهوم الخاطئ؟


✋الجواب بسمه تعالى :

أولاً : نحتاج أن نعرف معنى الوصاية ثم نحلل الجواب ونحاول نعالج المفهوم 

الوصاية في اللغة 

الوِصَايَةُ :الولايةُ على القاصر

الوِصَايَةُ : نظام قانونيّ لحماية القُصَّر، وهم مَنْ لم يبلغوا سِنّ الرُّشْد 


وعليه كلمة وصاية تعني القائم برعاية القاصر أو الذي لا يحسن التصرف في أموره أو بعض الأمور 

ولكن للأسف الشديد كل من لا يحب النصيحة أو التنبيه أو التوجيه أو التحذير يتهمون من يمارس ذلك في المجتمع بالوصاية ويحمّلون فعله فوق ما يحتمل من المعاني بحيث إذا نُصح أو حُذر يشعر أنك تمارس السلطة عليه أو تتهمه بالجهل وعدم حسن التصرف وهذا وهم كبير انتشر في المجتمع ضد طلاب العلم الصالحين أو المثقفين المنصفين أو المتصدين في المبرات الخيرية في المجتمع وغيرهم 

💡ملاحظة 

لا ننكر أن لكل قاعدة شواذ هناك من يمارس هذه الوصاية بمعنى التسلط على رقاب الناس وقراراتهم وخياراتهم ويستخدمها بطريقة خاطئة 

 وهناك من يمارس الوصاية دون قصد أصلاً بل لا يعلم أنه يمارس ذلك التسلط بل يعتقد أن مايقوم به أمر ضروري لحفظ العمل الذي يقوم به . وهناك من يمارس الأسلوب الخاطئ في النصيحة والتوجيه ولا يراعي الفروق الفردية والعادات والتقاليد الحاكمة في ذلك المجتمع ، 

ولكن لو تأملنا بعين القلب والعقل من يقوم بعملية التحذير أو التنبيه أو النصيحة فهو نابع عن حب صادق صافٍ لمن خاطبه وهذه فطرة سليمة يمارسها المجتمع فيما بينهم إذا رأى أحدهم أخاه أو جاره أو ابن حارته أو مجتمعه.  يريد أحد من الناس خداعه أو الكذب عليه فيرى أنه واجب عليه أن يمسكه  جانباً أو يرسل له رسالة خاصة حباً له ينصحه من باب المسؤولية التي يشعرها تجاهه ولذا جاء الإسلام ليعزز هذه الحالة الإنسانية في الإنسان ويضعها في أطرها المناسب لها. 

وهنا سنقف على بعض الآيات والروايات التي تحث على القيام بهذه المسؤولية تجاه إخوانه في نصيحتهم وتحذيرهم أو أمرهم بالمعروف والخير أو نهيهم عن المنكر.

السائل: 

أتمنى أن تذكر لنا شواهد من القرآن الكريم والعترة الطاهرة على ما ذكرتم.

الجواب: 

نبدأ بقوله تعالى 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّـهَ ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦)} التحريم.

مفاد هذه الآية الكريمة أن الإنسان مسؤول أن يقي نفسه وأهله ومن تحيط به عنايته ومجتمعه الذي يحبهم من أن يقعوا  في المحرمات أو الشبهات وذلك بتطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطها المقررة في الرسائل العملية عند المراجع حفظهم الله تعالى. 

الذين ثبت علمهم وشهرتهم وورعهم في الأوساط العلمية 

وقد ذكر في قوله تعالى في استحباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث 

قال { وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(١٠٤)}آل عمران .

ودلالة الآية القرآنية واضحة في التوصية الخاصة من الله سبحانه بأن توجد ثلة مؤمنة تقوم بدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو تأملنا في الآية بشكل أدق لرأينا أن الأمر هو فرض أخلاقي على جميع المسلين تجاه بعضهم البعض وهذا المعنى تؤكد عليها الروايات الشريفة نذكر من ضمنها 

ما رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام ( اسمعوا النصيحة ممن أهداها إليكم، واعقلوها على أنفسكم) 

وروي عنه ( أشفق الناس عليك أعونهم لك على صلاح نفسك، وأنصحهم لك في دينك )

وروي عنه (ع) ( طوبى لمن أطاع ناصحا يهديه، وتجنب غاويا يرديه )

وروي عنه (ع) ( من أمرك بإصلاح نفسك فهو أحق من تطيعه )

وروي عنه (ع)( لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا يحبون الناصحين )

وروي عن الباقر عليه السلام  (اتبع من يبكيك وهو لك ناصح، ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش)

م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٢٨١ .

فالمتأمل في الروايات بعين القلب والعقل يجدها تنبع حباً وصدقاً ووفاء لمن ينصحك ويعزز الترابط في المجتمع والرقي في أقوالهم وأفعالهم ولكن كما بينا وفق الضوابط الشرعية المقررة في الرسائل العملية للمراجع العظام رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين . 

بعد هذ الكم من الآيات والروايات هل سيبقى عند كل منصف حجة على ترديد - لا تمارسون الوصاية علينا- . فعلينا أن ننظر بعين الحب للجميع وحسن الظن خصوصاً إذا كان الناصح يخبرك سراً بينك وبينه لا ينصحك أمام الناس لأن هذا مذموم في الروايات ،فالناصح لك سراً  أكثر صدقا وحباً لك كما ورد في الرواية عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ( من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه )

م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٩٩


☝️السائل : 

أحسنتم جوابكم واف وطيب  ولكن لماذا لا يتقبل البعض النصيحة أو التوجيه؟ 


الجواب : 

يفهم البعض من النصيحة عدة أمور وهي خطأ في غالب الأحيان أو وهم كما ذكرنا  بعضها سابقاً. 

١-يعتقد البعض حين تنصحه أنك لست أهلاً للنصيحة فكيف تنصح. نقول له حتى لو كان كذلك يكفي أن تشكره على نصيحته أو ترمي بنصيحته البحر في النهاية القرار لك وليس له . 

٢-يعتقد البعض أن من له حق النصيحة طالب العلم الذي يحبه فقط وغيره لا . نقول له ماذكرناه من آيات وروايات تنفي هذه الاعتقاد الخاطئ بل الكل مطالب بالنصيحة وهذا حق أخلاقي وقيمي يمارسه الأحبة فيما بينهم . 

٣-يعتقد البعض إذا نصحته أنك تقر بجهله وأنه لا يفهم . نقول له مشتبه كون أن أحذرك أو أنبهك على أمر هذا لا يعني أنك في كل أمورك جاهل فإن الكمال لله وحده سبحانه وكلنا نكمل بعضنا من خلال النصيحة .

٤-يعتقد البعض لولا أنه رآني ناقصاً لما نصحني. نقول له مشتبه فالخطأ وارد من كل أحد دون المعصومين عليهم السلام فالكل معرض للنقص في جانب من الجوانب وهذا أمر طبيعي جداً .

٥-يعتقد البعض أن كل من يتصدى للنصح والتوجيه أساليبهم جافة وتقال في غير محلها. مشتبه ليس الكل كذلك بل الكثير من الناس يستعملون الأسلوب الأمثل. هذا لا ينفي وجود حالات شاذة لا تلتزم الأسلوب الأمثل .

٦-يعتقد البعض إذا نصحته أنه أفضل منك وهذا وهم . نقول له هذا اشتباه كما بينا سابقاً فهذا الإنسان يعبر عن حبه لك بنصيحتك وليس لأنه أفضل منك وهذه وساوس شيطانية كي تبتعد عن العمل بالنصيحة فلا تصغي له . 


☝️السائل : 

شكر الله سيعك ورحم الله والديك هذا يكفيني 

✋الجواب :

الشكر لله وغفر الله لك ولوالديك والحمد لله رب العالمين .


✍️زاهر حسين العبدالله

هناك 8 تعليقات:

  1. ابراهيم الخميس
    المشكلة أنا المنصوح يعتبر نفسه إله يعبد من دون الله من غير أن يشعر لذلك يرى نفسه لايحتاج للنصيحة والتوجيه وقد يكون فارق السن بينه وبين الناصح سببا في عدم التقبل أو التعالي والمثالية التي نشأ عليها مانع آخر يجعله يرى نفسه دائما في موقع الناصح لا المنصوح.

    و لو نتأمل نرى أسبابا كثيرة - تعيق قبول الطرف الآخر وتُقصيه وربما جعلته في صنف الجهال- منها النفسي والاجتماعي والاقتصادي....

    ردحذف
  2. مرهون من البحرين
    أحسنتم استاذنا العزيز، على الحوارية المفيدة والسديدة التي ترشدنا بقيمة الناصح وإن نجعل لكلامه قيمة ومكانة، ويكفي ان الناصح هو يرشد لأمر ما، ربما تكون رؤية غائبه عنا لذا هو ابصر، والمجرب أفضل من التنظير.
    طالما نستسقي من نمير المعرفه عطاء يتجدد ويفيدنا عبر حوارية مفيدة داعمة للتصبر والبصيرة.. جزاك الله خير الجزاء استاذنا العزيز

    ردحذف
  3. ش عبد الأمير الخرس
    وعليكم السلام ورحمة الله

    لا أستطع انقد كاتب فيه من البلاغه واختيار المواضيع بحكمه
    اتمنى ان تجمع هذه الحواريات في كتاب وتكون على اجزاء من القديم الى الجديد وانا اول داعم والول من يشتري
    اتمنى ان تجمع هذه الحواريات في كتاب وتكون على اجزاء من القديم الى الجديد وانا اول داعم والول من يشتري
    انا مفتخر فيك يا تراث الاحساء امد الله في عمراكم وجعلنا نستفيد من هذا التراث.

    ردحذف
    الردود
    1. زاهر
      اشكر لطفك واهتمامك وحسن ظنك شيخنا العزيز الذي لا استحقه من امثالكم

      حذف
  4. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  5. ش محمد البهادلي
    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    شيخي الجليل
    ١/ لابد من معرفة وقت النصيحة
    ٢/ معرفة الحالة النفسية للشخص ومدى علاقة الناصح به
    ٣/ لابد من معرفة شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا موجود في الرسائل العملية
    ٤/ اللطف بالنصيحة وهذا مابينه اهل البيت عليهم السلام
    عن الامام العسكري في تحف العقول ( وقال عليه السلام: من وعظ أخاه سرا فقد زانه. ومن وعظه علانية فقد شانه.)
    وقصة الكندي في البحار ج٥٠ ( أبو القاسم الكوفي في كتاب التبديل أن إسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن، وشغل نفسه، بذلك، وتفرد به في منزله، وإن بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري عليه السلام فقال له أبو محمد عليه السلام: أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي فما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا أو في غيره؟
    فقال أبو محمد عليه السلام: أتؤدي إليه ما ألقيه إليك؟ قال: نعم، قال: فصر إليه، وتلطف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله، فإذا وقعت الأنسة في ذلك فقل: قد حضرتني مسألة أسألك عنها فإنه يستدعي ذلك منك، فقل له: إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت إليها؟ فإنه سيقول إنه من الجائز لأنه رجل يفهم إذا سمع فإذا أوجب ذلك فقل له: فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه، فتكون واضعا لغير معانيه.
    فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة، فقال له:
    أعد علي! فأعاد عليه، فتفكر في نفسه، ورأي ذلك محتملا في اللغة، وسائغا في النظر )
    ووصية اهل البيت عليهم السلام بالرفق
    شيخي في المقال ركزت انت على روايات قبول النصيحة وكذلك فصلت بالوصايا
    واعتقد السائل أراد معرفة الأسباب لعدم قبول البعض للنصيحة واعتراضه قلبا ولسانا
    وهو ما يستحسن الكلام فيه
    في آلية النصح
    وجزاكم الله خيرا على إثارة هكذا مواضيع نافعة للمجتمع وتحرك ذهنه وتنبهه

    ردحذف
  6. ش علي الحمد
    عليكم السلام والرحمة
    جاء في تاريخ كربلاء الدامية ان الحسين (صلوات الله عليه) عندما كان يدعو الأعداء المنحرفين إلى الرشاد ويوقظهم كانوا يستخدمون هذا الأسلوب من الصراخ والتهريج حتى لا يسمع الناس صوته وهذه الخطة مستمرة إلى يومنا هذا، ولكن بأشكال وصور أخرى، فلقد وفر أصحاب الباطل جوا من المسليات المفسدة كالموسيقى الراقصة والمواد المخدرة وغير ذلك يبغون بذلك الفصل بين الناس وبين سماع أصوات أهل الله تعليماتهم.
    فليس عجيبا أن يكون هنا أثر معاكس في القلوب الخاملة، وبمعنى آخر أن أعداء الحق المعاندين عندما يستمعون لدعوة المؤمنين الرساليين يظهرون لهم المقاومة والإصرار على العناد، وهذا ما يبعدهم عن الله بصورة أكثر، ويقوي عندهم روح العناد والمكابرة . وهنا يجب علينا كمبلغين ان لاتكترث بما نواجهه في سبيل الأمر باالمعروف والنهي عن المنكر باالتي هي احسن دون السؤال عن النتائج. والله ولي التوفيق .

    ردحذف
  7. ش حسين الحاجي
    نقول له : لابد أن تفرق بين الوصاية والتواصي.
    فالوصاية تكون على القاصرين وانت بحمد الله لانراك قاصرا، ولا حق لأحد أن يمارس الوصاية عليك..
    ...................
    أما التواصي فهو مبدأ قرآني، وهو صفة من صفات المؤمنين الناجحين المفلحين كما وصفهم تعالى في سورة العصر بقوله سبحانه :
    (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
    والمقصود بالتواصي بالحق أوصى بعضهم بعضًا بما أنزل الله في كتابه من أمره، واجتناب ما نهى عنه من معاصي.. فهو عملية تبادلية تفاعلية بين أفراد المجتمع المسلم

    وهو في جوهره وحقبقته دفع وتشجيع من البعض للبعض نحو التكامل الروحي والأخلاقي من منطلق وحدة الهدف والمصير للجماعة المؤمنة الموحدة.
    والله المستعان.

    ردحذف

حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟

  🔲 حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟ ☝️السائل:   سلام عليكم بوسجاد كلما تنصح أحداً أو تنبه أحداً أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر مبا...