أبرز دلالات تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام يوم غدير خم



🕌 أبرز دلالات تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام يوم غدير خم

قال رسول الله صلى الله عليه وآله

( إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)(1) 

إن تنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم غدير خم يحمل دلالات محورية في عمق العقيدة الإسلامية، ، إذ يُعدّ هذا الحدث من أهم الأدلة على الإمامة الإلهية لأهل البيت (عليهم السلام).

وإليك أبرز الدلالات التي تنبثق من واقعة الغدير:

🔶 أولًا: الدلالة العقدية:

 النص على الولاية من الله 

● قوله تعالى:{ يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزِل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67]

هذه الآية نزلت قبل إعلان الغدير مباشرة، وتشير إلى أن تبليغ هذا الأمر بمنزلة تبليغ جميع مناحي الرسالة كاملة.

فإن دلالتها الواضحة هي : تنصيب الإمام علي (ع) هو أمر إلهي لا اجتهادي، وهو جزء لا يتجزأ من الرسالة المحمدية.


🔶 ثانيًا: الدلالة النصّية من حديث الغدير 

فقد تواتر حديث الغدير بين المسلمين لفظاً ومعنى ففي حديث النبي الأعظم (ص) أنه

 قال : ( من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه. اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله...) (رواه أحمد بن حنبل، والترمذي، والنسائي، والحاكم)

مصادره من السنة منها : 

مسند أحمد ، رقم الحديث ۹۱۵ .و مسند الترمذي ، كتاب المناقب ـ رقم الحديث ۳۶۴۶ .

حبشي بن جنادة السلولي المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 9/109. الراوي : البراء بن عازب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 94 | خلاصة حكم المحدث : صحيح . 

فكلمة "مولى" تحمل جملة من المعاني منها : السيد، القائد، الأولى بالتصرف، وليس فقط المحبة.

الدلالة من هذا الحديث : أن النبي الأعظم محمداً صلى الله عليه وآله أعلن القيادة الدينية والسياسية لمولانا أمير المؤمنين علي (ع) بعده.


🔶 ثالثًا: إكمال الدين وإتمام النعمة 

 بعد أن أمر النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله بمبايعة سيد الموحدين علي عليه السلام نزل 

قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} [المائدة: 3]

هذه الآية نزلت بعد إعلان الغدير، بحسب عدد كبير من الروايات بشهادة المحدثين من الفريقين السنة والشيعة .

دلالة: ولاية علي (ع) تمثل ختام الدين، وكمال المنظومة الإلهية.


🔶 رابعًا: (إمامة بعد نبوّة) النبي (ص)

 الولاية هي الامتداد الطبيعي للنبوة 

أوضح أن علياً (ع) هو الامتداد الطبيعي لوظيفة الهداية بعده، لكنه ليس نبياً.

دلالة: فصل بين النبوة والإمامة، فالأولى انتهت، والثانية مستمرة.والدليل على ذلك 

عن سلمان المحمدي (ر) قال: قلت لرسول الله: يا رسول الله إنه لم يكن نبي إلا وله وصي فمن وصيك؟ 

قال : (وصيي وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي مؤدي ديني ومنجز عداتي علي بن أبي طالب).(2) 


🔶 خامسًا: إعلان علني أمام عشرات الآلاف كان الحاضرون أكثر من 120,000 حاج.

النبي أمرهم بالشهادة وقال: "ألست أولى بكم من أنفسكم؟" قالوا: بلى. قال: ( فمن كنت مولاه، فهذا علي مولاه...)(3) 

دلالة: الحدث لم يكن عابراً أو خاصاً بل إجماعاً شعبياً علنياً، لإغلاق باب الخلاف.


🔶 سادسًا: البيعة والمبايعة 

 أمر النبي الناس أن يبايعوا عليًا، ففعلوا، ومنهم عمر بن الخطاب الذي قال: "بخٍ بخٍ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة" 

وقال حسان بن ثابت 

يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا 

وقال: فمن مولاكم ووليكم؟ * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا 

إلهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا 

فقال له: قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا 

فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أتباع صدق مواليا 

هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا 

فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ( لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك)(4). 

دلالة: كان هناك طقس رسمي للبيعة بعد التبليغ، يؤكد معنى "المولى" كخليفة وولي.


🔶 سابعاً : تنمية البُعد الروحي والأخلاقي تتجلى في قيادة الإمام علي (ع) 

هو تجسيد للمبادئ التي يريدها الإسلام في القيادة مثل الزهد ، العدالة ، الشجاعة ، العلم ، الحلم .

دلالة: الغدير ليس مجرد تعيين زعيم، بل إعلان عن نموذج مثالي للحكم.


🔶 ثامناً : مواقف أهل البيت (ع) اللاحقة

 تؤكد قضية الغدير الإمام علي (ع) نفسه استشهد به في "الشورى" و"صفين".

السيدة الزهراء (ع) ذكرت الغدير في خطبتها.حينما قالت : 

(..أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم من الضيق بالسعة ، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، ف‍ [إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد] ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ..)(5)  

الأئمة من بعده كانوا يرجعون للغدير كمرجع شرعي وعقدي.


🔶 تاسعاً : بقاء الخط الرسالي المستمر حتى يومنا هذا 

واقعة الغدير لا تزال تُحيا سنويًا من قِبل الشيعة وتُعدّ "عيد الولاية".

دلالة: ارتباط وجداني وروحي دائم بأصل الولاية والقيادة.


✍️ : زاهر حسين العبد الله

https://t.me/zaher000

المصادر

(1)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣١ - الصفحة ٦٥٥.

(2)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٨ - الصفحة ١.

(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٧ - الصفحة ٢٤٣.

(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢١ - الصفحة ٣٨٨.

(5) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٩ - الصفحة ٢٢٩. 

تعليقات

  1. السلام ممتاز

    ردحذف
    الردود
    1. ش الحسن المزاوي
      السلام عليكم ورحمة الله
      تحية طيبة للشيخ الفاضل

      اسمحوا لأخاكم الصغير ان يمد بملاحظته البسيطة - المبنية على نظره القاصر -وهي لو اننا نظرنا إلى الموضوع من زاويته الدعوية والجدلية لا من الزاوية البيانية فقط

      فإن مقالكم المثري – مع ما فيه من محورية الفكرة، وجودة الترتيب، ووضوح اللغة، وهدوء النبرة – إلا أنه يُمكن تعزيزه بشكل كبير فيما لو احتوى على ما يفيد في الحوار مع اهل الخلاف ، وذلك عبر إدراج مصادر معتبرة من كتب غير الامامية في المواضع التي تشكّل محل إنكار أو تأويل عندهم.

      ففي مثل هذه المقالات التي تتناول حدثًا كبيرًا كواقعة الغدير، وهو ليس فقط واقعة تأريخية بل هو أحد أركان الإمامة ومرتكزات التشيّع العقدي، يصبح من المهم – بل من اللازم في بعض الأحيان – أن يُسند المقال إلى مرويات الطرف الآخر التي تُقرّ بثبوت هذه الواقعة وتعضد ما قالت به الامامية ، وتتناول أقوال الخلفاء أو الصحابة بشأنها، وماورد عن اعلام اهل الخلاف.

      مثلاً:
      • حديث الغدير وارد بتواتر معتبر عند أهل السنة، وقد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم في مستدركه، والنسائي في سننه، وغيرهم، وهذا ما يجعل الحجة أبلغ عند ذكره من كتبهم لا من كتبنا فقط. فحين يُقال للقارئ: “راجع مسند أحمد: الجزء الرابع، حديث بريدة أو زيد بن أرقم” فإن الصدمة المعرفية تكون أقوى، ويزول توهم الانحياز المذهبي.
      • قول عمر بن الخطاب لعلي (ع): “بخٍ بخٍ لك يا علي…” هو من أشهر ما رُوي يوم الغدير، وقد رواه النسائي والحاكم والطبراني، فلو أُدرجت الإشارة إلى ذلك في الحاشية، لأغنت المقال كثيرًا في بُعده الحواري.
      • الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم…} أيضًا قد نُقل عن جماعة من علماء أهل السنة أنها نزلت يوم الغدير مما يجعل استثمار هذه النصوص من كتبهم قوةً في البناء.

      فالملاحظة إذن ليست على المحتوى من حيث الفكرة أو التسلسل، بل على غياب “الصوت الآخر” ضمن “شهاداته المؤيدة”، والتي لو أُدخلت في المقال لاكتسب بعدًا جدليًا راقيًا، وجعلت القارئ المنصف، ولو كان من غير الشيعة، أكثر استعدادًا للتفاعل العقلي مع المقال لا ردّه جملةً لانحساره في المصادر الشيعية وحدها.

      كما أن الاستشهاد بما ورد في كتب أهل الخلاف لا يُعد تراجعًا عن مواقفنا العقدية والفوائد المستقاة من الواقعة ولا ضعفًا في حجيتنا، بل هو في حقيقته قوة لنا وحجّة عليهم. فنحن حين نذكر أقوال علمائهم، أو نُحيل إلى رواياتهم المعتبرة التي تُعضّد ما تقول به نحن الشيعة، فإننا بذلك ننقل الحُجّة من ساحة الخطاب الداخلي إلى ساحة النقاش المشترك، حيث لا يكون الاعتماد على نصوصنا فحسب، بل على نصوصهم التي التزموها، واعتبروها مرجعًا في الدين والتاريخ، وهذا ما يجعل الحُجّة ألزم، والدليل أبلغ، والبيان أعمق، لأن الخصم حينها يُنازَع من داخل منظومته، ويُطالَب بالتعامل مع نصوصه لا مع نصوص غيره، وهو أسلوب قرآني عُرف في قوله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاقرؤوها إن كنتم صادقين}، أي إلزام القوم من مصادرهم أنفسهم. فمن الحكمة أن نقوّي خطابنا العقدي بإدراج هذه النصوص المعتبرة في كتب الفريق الآخر، لا لمجرد الاستشهاد، بل لتكون شهادة الخصم على نفسه، وهي أبلغ الشهادات أثرًا

      وبالتالي، فإن هذه الملاحظة لا تأتي من باب النقد السلبي، بل هي دعوة لتعميق المقال في بعده الحواري والتوثيقي، وجعله أكثر نضجًا وتأثيرًا في ساحة مليئة بالاختلاف، لكنها لا تخلو من باحثين عن الحقيقة، يثير عقولهم متى ما وجدوا الدعوى موثّقةً من منابعهم ذاتهم .

      كما لا يخفى على فضيلتكم ان الملاحظة مبنية على كون المقال منشور للناس خاصة وعامة، اي انني في ملاحظتي بعيد عن نية الكاتب الفاضل، فلربما للكاتب نية كانت سبب في غياب ما لاحظته .

      وانتم اهل العلم والمعرفة 🤍

      حذف
    2. نعم أحسنتم الإشارة بذكر مصارد المخالفين
      التفاتة جيدة وأسلوب مهذب
      رغم ان القوم يعرفون ويمكرون سبحان الله وكأنه قد طبع على قلوبهم
      بوركتم وبوركتم جهود كاتب المقال جعله الله في ميزان حسناتكم

      حذف
    3. حديث الغدير هو حديث نبوي يصل لدرجة التواتر عند السنة والشيعة، مروي عن الرسول محمد في يوم 18 من ذي الحجة سنة 10 هـ وهذا إكمال الدين وعين البصيرة سلام الله عليك يا أمير المؤمنين علي

      حذف
  2. باقر الجاسم
    ان مقام علي عليه السلام وفضله ع جميع من التحق بالاسلام لايمكن ان يقاس كمثله مثل الثريا ع الثرا
    فكان حديث الدار له المنزله العظيمه له من قبل النبي صلى الله عليه واله
    حينما قال من يناصرني ع الدعوه ويكون وزيري وخليفتي
    لم يقم احد ولن يجيببه سواه عليه السلام
    كررها النبي ثلاثا ولم يجيبه الا عليا
    هناك من يرا الحقيقه ويدرك ان هناك افضل منه علما وفضلا وايمانا لكنه يصر في عناده
    ويستمر ويصر بذلك
    حينما نقيس بين الاشياء لانقيسه مثلا بالعمر وانما بالعلم
    وعلم علي عليه السلام من علم رسول الله صلى الله عليه واله
    خدير خم نقطة في بحر من فضل علي
    وان اعلنها رسول الله علنا
    ولااهميته اصر الوحي ع ذلك
    في الايه
    وان لم تبلغ فما بلغت رسالته
    فيا ترى هل من يدرك ذلك ببصيرته وليس ببصره؟وعلاقة

    ردحذف
  3. ش حسين بو خمسين
    مقال جميل جدا
    وجزء كبير من خطبتي بكرة تتطابق مع بعض ما ورد في مقالك

    ردحذف
  4. ملا نعيم المؤمن
    احسنتم و مذخورة لكم عند الميزان و تطاير الكتب


    فقط بعض الإضافات

    قول النبي (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) تفسر ما بعدها ( فمن كنت مولاه فعلي مولاه و معناها واضح لغويا و اصطلاحًا ولا يجادل في معناها إلا معاند
    أحسنتم واجدتم
    كذلك سبق قوله تعالى (اليوم أكملت دينكم و أتممت عليكم نعمتي) قوله (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و اخشوني) و هذا يدل على الأثر المترتب على تنصيب الإمام في حفظ و صيانة الدين من التحريف كما حدث للشرائع السابقة

    ردحذف
  5. ش سمير المسلمي
    جميل جدا موفقين لكل خير

    ردحذف
  6. ش محمد الشداخ
    أوجزت فأبلغت ، لكن بقي ملاحظة بسيطة : ان هذا الارتباط ليس وجداني بل هو ارتباط عقدي لانه يمثل أرتباط بتعاليم السماء مباشرة لا يتخللها أي شائبة او أنحراف
    عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بني الاسلام على خمسة أشياء:
    على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، قال زرارة:
    فقلت: وأي شئ من ذلك أفضل؟
    فقال: الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن.

    ردحذف
  7. ش مرتضى البركات
    *أهلا وسهلا بالحبيب الغالي....قرأت كلامك بأكمله فوجدته مختصرا عميقا مفيدا... سلمت يداك وزاد الله ثوابك وزادك الله توفيقا وتسديدا بحق محمد وآله... ولكن حبذا (والرأي لكم) أن تستشهد على كل دلالة من كلام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله من خلال ما جاء في خطبته الشريفة فإنه سيضفي جمالاً لجميل وجمال كلامك*

    ردحذف
  8. استاذ علي العضب
    قرأت المقال شيق ممتع يحتوي على أدلة ومضامين ذات عمق ودلالات وشخصيات واحتجاجات
    ماشاء الله وفقكم الله قراءتكم للدلالات ممتازةمختصرة ومفيدة تسر القارئ وتزيد من ثقافته وتنمي المعلومات عن حادثة الغدير
    لكن توثيق المصادر تحتاج إلى أدلة من كتب المخالفين موثقة
    سدد الله خطاكم
    أبا سجاد في خدمة العترةالطاهرة

    ردحذف
  9. الله يعطيك العافية استاذ

    ردحذف
  10. الباقر الهزاع
    جزاكم الله خيرًا على هذا الطرح العلمي.
    الغدير هو أساس الولاية والشرعية في الإسلام، وأهل البيت (ع) أكدوا عليه ، و أيضاً خطبة *السيدة الزهراء (ع)* تظهر الواقع والتحديات بعد الغدير بوضوح.

    دام قلمكم منبرًا للوعي، ودامت أحاديث الولاية في قلوبكم حيّة.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🔲 حوارية (١٣٢) هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل مرجع التقليد؟

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)