الإمام الحسين (عليه السلام): روح ومنهج

 


الإمام الحسين (عليه السلام): روح ومنهج

 

مقدمة:

يُمثل الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) روحًا نابضة بالحق، ومنهجًا خالدًا في الكرامة والحرية والتضحية. فليس هو فقط شخصية تاريخية عابرة، بل هو مشروع إصلاحي شامل، ومثالٌ أعلى لكل من أراد الوقوف بوجه الظلم والانحراف.

قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)} الرعد. 

عَنْ أَبِی‌عَبْدِ‌اللَّـهِ (علیه السلام)ُ عَنْ آبَائِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) أَنَّهُ قَالَ لِأَمِیرِالْمُؤْمِنِینَ (علیه السلام) بَشِّرْ شِیعَتَکَ وَ مُحِبِّیکَ بِخِصَالٍ عَشْرٍ أَوَّلُهَا طِیبُ مَوْلِدِهِمْ وَ ثَانِیهَا حُسْنُ إِیمَانِهِمْ وَ ثَالِثُهَا حُبُّ اللَّـهِ لَهُمْ وَ الرَّابِعَةُ الْفُسْحَةُ فِی قُبُورِهِمْ وَ الْخَامِسَةُ نُورُهُمْ یَسْعَی بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ السَّادِسَةُ نَزْعُ الْفَقْرِ مِنْ بَیْنِ أَعْیُنِهِمْ وَ غِنَی قُلُوبِهِمْ وَ السَّابِعَةُ الْمَقْتُ مِنَ اللَّـهِ لِأَعْدَائِهِمْ وَ الثَّامِنَةُ الْأَمْنُ مِنَ الْبَرَصِ وَ الْجُذَامِ وَ التَّاسِعَةُ انْحِطَاطُ الذُّنُوبِ وَ السَّیِّئَاتِ عَنْهُمْ وَ الْعَاشِرَةُ هُمْ مَعِی فِی الْجَنَّةِ وَ أَنَا مَعَهُمْ {فَ} طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ.‌[ (١) 

 

فالإمام الحسين عليه السلام جسد الإيمان والعمل الصالح فمن تبعه كسي الإيمان والعمل الصالح وسنقف معكم لبيان ذلك في هذه المحاور 

1- الامام الحسين روحٌ تحيا في كل زمان. 

2-الامام الحسين منهجٌ في الثورة والإصلاح. 

3- ثمار روح ومنهج الإمام الحسين (ع).

4- الامام الحسين (ع) ليس ذكرى... بل حياة. 

 

١- الحسين روحٌ تحيا في كل زمان. 

 

روح الإمام الحسين (عليه السلام) لا تنفصل عن جوهر الإسلام الأصيل، بل تتجلّى فيها أرقى المعاني الإنسانية والقيم فتشكلت بعدة صور منها:

 

أ‌-      روح الإباء: حينما قال الإمام الحسين عليه السلام "هيهات منّا الذلّة"، أعلن بشكل جلي أن الإنسان الحر العابد لله وحده والمؤمن بنبيه الكريم صلى الله عليه واله وسلم لا يُساوم على كرامته.

 

ب‌-  روح المحبة: تجلت في تعامله الرحيم والرؤوف مع أهل بيته وأصحابه حينما قال لهم: هذا لليل قد غشيكم فتخذوه جملا.. فأن القوم لا يطلبون غيري فأنتم في حل من بيعتي..، وفي بكائه على أعدائه وحسرته على خيارهم الظالم الذين باعوا اخرتهم بدنيا غيرهم.

 

   ج- روح الإيمان المطلق: حين خرج الإمام الحسين عليه السلام وأعلن بيان خروجه صريح أمام كل الناس بقلب صافي وصادق " وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي على ..." (٢) 

فلم يخرج روحي فداه طمعًا في ملك أو جاه أو سلطة من حطام الدنيا. 

 

 

٢- الامام الحسين منهجٌ في الثورة والإصلاح. 

 

منهج الامام الحسين (عليه السلام) لا يُختزل في معركة كربلاء، بل هو مدرسة متكاملة للتغيير السلمي والعقائدي والفكري والقيمي متمثل فيما يلي:

 

أ. الوضوح في الهدف: حينما قال "إنما خرجتُ لطلب الإصلاح"، وهو إعلان مشروع لا غموض فيه.

 

ب. الاستعداد الكامل للتضحية بكل ما يملك: حيث قدّم أعزّ ما يملك – مهجته وأولاده أخوته وأهل بيته وأصحابه – في سبيل إحياء الدين ونصرة الحق والثبات على المبادئ الإسلامية.

 

ج. الاعتماد على الوعي الشعبي: حينما كتب إلى أهل الكوفة مستنهضًا ضمائرهم، صفاء فطرتهم مُعتمدًا على وعي الأمة التي شربت روح الإيمان بالله سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ولم يعتمد على السلاح فقط.

 

د. رفض الظلم بكل أشكاله حتى لو جاء بثوب الدين أو باسم الخلافة: حينما قالها لولي المدينة: إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله.. (٣) 

ه. عمق الارتباط بالله سبحانه: فلم تكن كربلاء حدثًا دنيويًا، بل عبادة عظمى وامتثالًا لله تعالى وتسلم مطلق بقضائه وقدره فجسدها بقوله (هون ما نزل بي أنه بعين الله).

 

٣- ثمار روح ومنهج الإمام الحسين (ع).

 

لكل شيء ثمن وثمن روح القداسة عنفوان الإباء وأبي الأحرار سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام عدة أمور منها: 

إحياء الضمير الإنساني في كل العصور. وصناعة أجيال ترفض الانقياد الأعمى. وإرساء قواعد الثورة الواعية المؤمنة. بقاء الامام الحسين عليه السلام مشعلًا لا ينطفئ في ضمير الأحرار.

 

٤-الامام الحسين (ع) ليس ذكرى... بل حياة. 

 

فنهضة الإمام الحسين عليه السلام لم تقف عند حدود تلك المعركة الأليمة التي زهقت فيها أشرف الناس لم يوجد نظير فقد ذابوا في إمامهم الامام الحسين عليه السلام فنالوا شرف الشهادة بين يديه وامتدت هذه الروح الأبية إلى يومنا الحاضر حتى أصبح شعار تردده الأجيال عبر مر العصور 

"كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء". فالإمام الحسين (ع) ليس للبكاء والندب فقط لما في ذلك من أجر عظيم، بل أصبح مناراً للاتباع والتأسي والسير على خطاه والتعلم من منهجه عليه السلام. وكل من أراد أن يعيش حرًّا، فليتعلم من الحسين كيف يكون الوعي، وكيف يُصان الدين.

فالسلام على الحسين وعلى على ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين بلغنا الله في الدنيا زيارتهم وفي الأخرة شفاعتهم.. أمين رب العالمين. 

 

بقلم: زاهر حسين العبد الله 

https://t.me/zaher000

المصادر: 

(1)       بحار الأنوار- ج٢٧، ص١٦٢.

(2)       بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٢٩.

(3)       بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٢٥. 

تعليقات

  1. مرهون
    احسنت، استاذنا العزيز. 🏴
    الحديث بهذه الصيغه المباركة توقظ فئة شبابا والأجيال القادمة، فكل حوارية هي مصباح نيرا لي ولأمثالي يستضيئون بفكر متوقد دامه الله لنا بعطائه الوافر، ونمائه الزاخر، حري بي أنا اقرأه مرة وعشرات المرات ولا أمل من قراءته، لانه يعطينا الصحوة والوعي وليس فقط تاريخا ونعيا مما يفوت علينا مضامين ساميه ومفاهيم عاليه.
    امثال هذه الحوارات القيمة، بات أن نشأرب منها المزيد حتى تكون مادة مألوفه وشرابها صائغ وهذه احد التطلعات التفكرية في الحوار وكل حوارية بإذن الله تعالى.
    نسئل الله تعالى أن يجعلك في درعه الحصينه التي يجعله فيها من يريد ويحفظكم ويديم عليكم هذه النعم وكل نعمه بحق محمدوآل محمد الطيبين الطاهرين 🤲 🕯️

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🔲 حوارية (١٣٢) هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل مرجع التقليد؟

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)

العلاقة الناعمة بين الجنسين بين العقل والشرع