🔹 حوارية (١٥٩) لماذا خُصّت السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) بهذه العظمة ؟

 


🔹 حوارية (١٥٩) لماذا خُصّت السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) بهذه العظمة ؟

 

 السائل:
لماذا خُصّت السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) بهذه العظمة دون سائر النساء من بنات الرسالة؟

🌿 الجواب بسمه تعالي :

يا بُنيّ، السيدة زينب عليها السلام لم تكن امرأةً عادية وُلدت في بيت النبوّة، بل كانت مشروعًا إلهيًّا متكاملًا أُعدّ بعناية لتكون الشاهدة الحيّة على ملحمة كربلاء.لقد جمعت صفات الكمال من أنوار أربعة معصومين: من جدّها رسول الله النور والهداية، ومن أبيها أمير المؤمنين العلم والفصاحة، ومن أمّها الزهراء الطهر والحياء، ومن أخويها الحسن والحسين الصبر والجهاد.

منذ ولادتها...
ضمّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صدره وبكى وهو ينظر بعين النبوّة إلى ما سيجري عليها، وهناك قال فيما روي عنه لعليٍّ وفاطمة:

(من بكى على مصاب هذه البنت، كان كمن بكى على مصاب الحسين).
فنشأت في حضن النبوّة، وتشرّبت من نور الوحي والإيمان.

ورعاية أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام):
أحاطها بعلمه الواسع وحكمته، فكانت تلازمه في مجالس العلم، وتنهل من بيانه، حتى قال عنها الرواة: كانت تتكلم بلسان أبيها، أي أنها بلغت من الفصاحة والبيان ما يذكّر الناس بعليٍّ نفسه.

وأمّها الزهراء (عليها السلام):
غرسَت فيها روح الطهر والعبادة، وعلمتها أن تكون الحصن المصون للدين، فكانت زينب الزاهدة العابدة التي لا تنقطع عن نافلة الليل، حتى في طريق الأسر.

ومع أخيها الإمام الحسن (عليه السلام):
تعلّمت منه الحِلم والرفق والرحمة، فكان لها المعلم الأخويّ الذي ورّثها رزانة الفكر وسعة الصدر. كانت ترى في الحسن حكمةَ النبوّة، وتراه الأب الثاني بعد عليٍّ والزهراء، ولذلك كانت خدمتها له حبًّا وطاعةً، وحضورها عند وفاته مشهدًا من الوفاء النادر.

ومع أخيها الإمام الحسين (عليه السلام):
كان بينهما حبٌّ يفوق الوصف؛ حبٌّ رساليٌّ مقدّس. كانت ترى فيه إمامها لا مجرد أخيها، وتعيش معه همّ الإصلاح، فتهيّأت لتحمل راية النصرة بعده.وعندما استشهد الحسين، قامت زينب بالدور الذي أراده الله منها: أن تحفظ الثورة من أن تُختزل في دموع، وأن ترفعها إلى منبر الوعي والبلاغ.

ثمرة هذه التربية: شهادات المعصومين والأعداء معًا:
بلغت السيدة زينب من الكمال ما جعل الإمام زين العابدين (عليه السلام) يقول لها بعد خطبتها في الكوفة:

(عمة، أنتِ بحمد الله عالمة غير معلّمة، فهِمة غير مفهّمة).
شهادةٌ تختصر عمق علمها وفهمها وإلهامها الربّاني.

العوالم ، السيدة الزهراء ( س ) ، ج ٢،ص٩٥٥. 

 

بل حتى من حضر خطبتها وهو عن حذيم بن شريك أُبهروا بعظمتها، ففي مجلس يزيد قال أحدهم مدهوشًا:

(ما رأيتُ خَفرةً (أي امرأة عفيفة وقورة) أنطق منها، كأنها تُفرغ عن لسان أمير المؤمنين

 

وهكذا يا بُنيّ،
تفرّدت زينب بالعظمة لأنها نُسجت من خيوط النبوّة، وصُقلت في مدرسة المعصومين، وامتحن الله قلبها للإيمان فوجدها أهلاً لحمل سرّ الرسالة بعد كربلاء.
هي ليست ابنة بيتٍ طاهر فحسب، بل هي المدرسة التي حفظت الدين بدمعها وكلمتها وشجاعتها وصبرها.

✍️ إعداد: زاهر حسين العبد الله

 

للمزيد في قناة التلغرام 

https://t.me/zaher000


أو المدونة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🔲 حوارية (١٣٢) هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل مرجع التقليد؟

🔲الشيخ جواد الدندن( شمعة العلم والتقى)

أبرز دلالات تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام يوم غدير خم