الجمعة، 28 يونيو 2024

الإمام الكاظم عليه السلام سيرة ومسيرة

 الإمام الكاظم عليه السلام سيرة ومسيرة

 

محاور الكلمة :

1-    المعلومات الشخصية للإمام.

2-    الظروف المحيطة حوله ولماذا يسجن أكثر من مرة حتى الاستشهاد.

3-    جواهر من الإمام الكاظم عليه السلام.

 

 

1- المعلومات الشخصية للإمام

هو الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب

سابع أئمة أهل البيت عليه السلام ولد في المدينة المنورة  . كنيته : أبو الحسن الثاني

الميلاد : ٢٢ ذو الحجة سنة ١٢٧ وقيل ٧ صفر .  مدة إمامته : ٣٥ سنة

استشهاده : ٢٥ رجب سنة ١٨٣ ه .  تصدى لمنصب الإمامة سنة ١٤٨ ه.

 

٢-الظروف المحيطة حوله ولماذا يسجن أكثر من مرة حتى الاستشهاد

 

أ‌- استقرار الدولة العباسية ونتائج هذا الاستقرار

 

بعد أن انتصرت الدولة العباسية على الدولة الأموية استتب الأمر بشكل تدريجي من أبي العباس السفاح ثم موسى العباسي ووصلت إلى قمة استقرارها في عهد هارون العباسي وقلت الثروات المسلحة في ربوع البلاد فكانت عاصمة الدولة العباسية بغداد وظهر نتيجة هذا الاستقرار بأن خزينة الدولة اقتصادياً ارتفعت بشكل ملحوظ .

 

ب‌-              الازدهار الاقتصادي في الدولة :

 

انتشرت الهندسة العمرانية وذلك ببناء القصور والحانات والمساجد وغيرها من التمدن والرخاء الاقتصادي ولكن بالمقابل انتشرت الدعارة من بيع الغلمان وبيع الخمور بمختلف أنواعها وانتشر الفقر والحاجة والظلم والاستبداد والفساد الإداري في مؤسسات الدولة  فبدأت تختفي كثير من القيم الإسلامية فباتت قيم الإسلام في خطر هنا وعلى حجة الله في أرضه التدخل خصوصاً إذا لم يوجد من يتصدى لهذا التكليف الثقيل ومن أولى بتحمل هذه المسؤولية إلا المعصوم عليه السلام فتصدى الإمام موسى الكاظم عليه السلام لهذا التكليف فبدأ يعمل على رفع المستوى الديني والقيمي في مجتمعه وكذلك بجمع الحقوق الشرعية والزكوات والصدقات لسد الفساد التي أحدثته الدولة العباسية فبدأ نشاطه  عليه السلام بقضاء حوائج الناس الدينية والدنيوية فكان يطعم الطعام ويكسي العريان ويقضي ديون المثقل ويكشف كرب المهموم ويغني الفقير ويجيب على المسائل فبدأت الناس تهوي قلوبها تجاه هذا الإمام المعصوم لشوقها للقيم الأخلاقية والدينية لأن الإنسان بطبيعته ميال للعدل والفضيلة والمطالبة بالتساوي في الحقوق . كذلك وسع الإمام الكاظم عليه السلام من نشاط تكليفه في تربية العلماء ويوسع صلاحياتهم في قضاء حوائج الناس الدينية والدنيوية فأصبح للإمام وكلاء كثر بسبب توسع الرقعة الإسلامية كي يعتمد الناس عليهم في صلاح دينهم وأمر معاشهم  فبدأت هذه الحركات تثير حفيظة الحسدة ومن يبغض أهل البيت عليهم السلام من أمثال قاضي القضاة يحيى بن أكثم الذي كان يعمل في البلاط العباسي كقاضي . وهنا بدأ فصل جديد في حياة الإمام في هذه الدولة.

 

ج-نتائج حركة الإمام الكاظم عليه السلام الإصلاحية والقيمية 

 

بدأت حركة ملاحقة الإمام الكاظم عليه السلام وأنصاره والوشاية عليه في البلاط العباسي لما أخذه من موقعية خاصة في قلوب عامة الناس فأنه سيسحب البساط من المنتفعين تحت ستار الدين من هؤلاء النفر القاضي يحيى بن أكثم والذي يطمع أن يصل إلى أعلى المناصب في الدولة العباسية ولا سبيل له في الجانب العلمي لتفوق الإمام الكاظم عليه السلام بكل المقايسس البشرية ولذا يلجأ الحاسد والمبغض لطرق أخرى وهو الوشاية على صاحب الكمال وهو مولانا الإمام الكاظم عليه السلام فعمد على توخي الأخبار عن نشاط الإمام الكاظم مما يحمل في طياته أنه معارض لسياسة الدولة وما يهدد كرسي العرش فيها كي تحرك الحاكم في إبعاد ما يهيمن على سطوتهم وهيمنتهم كذلك من مصلحة الحاكم أن لا يبقي على من ينازعه سلطانه .

فسجلوا على الإمام الكاظم عليه السلام العصيان المدني في التعامل مع الحاكم الظالم كذلك التعامل مع الدولة الحاكمة الظالمة في المواقف المتعددة ولذا لو قلبت أحاديث الإمام الكاظم عليه السلام تجد كثيرا من الأحاديث في التعامل مع السلطان أخذت من الإمام الكاظم عليه السلام

لنذكر مثالاً يوضح ذلك كان من أصحاب الإمام الكاظم رجل يسمى صفوان وكان صاحب جمال كثيرة وكان هارون العباسي يكري جماله في كل سنة إذا أراد التوجه للحج ليضع عليها أمتعته فلما رأى الإمام الكاظم عليه السلام يحرم التعامل مع الحاكم الظالم دعاه تقواه وعلمه أن يسأل عن حاله في استئجار جماله لهارون العباسي.

دور الإمام في المعارضة لسياسة بني العباس ومناظرة بني العباس فهو يدعو لمقاطعة التعامل مع الدولة

كصفوان الجمال فقد جاء في الخبر

عن ابن فضال، عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخلت على أبي الحسن الأول عليه السلام فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أي شيء قال إكراءك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون - قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق، يعني طريق مكة، ولا أتولاه بنفسي، ولكني أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراك عليهم؟ قلت نعم جعلت فداك، قال: فقال لي أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم، قال:

فمن أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم فهو ورد النار، قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، فقال لي: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت: نعم، فقال ولم؟ فقلت: أنا شيخ كبير وإن الغلمان لا يقوون بالأعمال فقال: هيهات هيهات إني لآعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: مالي ولموسى ابن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك.(١)

مثال آخر علي بن يقطين من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام الذي كان يعمل في البلاط العباسي كوزير رغم أنه من خواص الإمام عليه السلام . فقد ورد في الخبر

عن السندي ابن الربيع، عن الحسن ابن عبد الرحيم قال: قال أبو الحسن عليه السلام لعلي بن يقطين: اضمن لي خصلة أضمن لك ثلاثا، فقال علي: جعلت فداك وما الخصلة التي أضمنها لك؟

وما الثلاث اللواتي تضمنهن لي؟ قال: فقال أبو الحسن عليه السلام: الثلاث اللواتي أضمنهن لك أن لا يصيبك حر الحديد أبداً بقتل، ولا فاقة ولا سجن حبس، قال فقال علي:

وما الخصلة التي أضمنها لك؟ قال: فقال: تضمن ألا يأتيك ولي أبداً إلا أكرمته قال: فضمن علي الخصلة وضمن له أبو الحسن الثلاث . (٢)

وقال له في موضع آخر كما في الخبر

محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن يقطين قال:

قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه.

وروي عن الصادق عليه السلام ما يشبه ذلك حينما قال ( كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان )(٣)

من أدوار الإمام تربية علماء متخفين يتظاهرون بأعمال عادية وبعضهم ضحى بمركزه الاجتماعي كعالم من العلماء وادعى لنفسه الجنون كي يهرب من أن يخدم مصالح الحاكم

 بهلول بن عمرو هو وهب بن عمرو انتهى وقد يظن أن الصواب الصوفي والصيرفي تصحيف .  وأن بهلولا كان من أصحاب الإمام جعفر الصادق (ع) وأنه كان يستعمل التقية، وأن الرشيد كان يسعى في قتل الإمام الكاظم (ع) ويحتال في ذلك، فأرسل إلى حملة الفتوى يستفتيهم في إباحة دمه متهما إياه بإرادة الخروج عليه ومنهم البهلول. فخاف من هذا واستشار الكاظم (ع) فأمره بإظهار الجنون ليسلم فإن صح هذا فيكون معاصراً للصادق والكاظم (ع) ولسنا نعلم مبلغ تاريخ كزيده من الاعتبار

فعلى هذا النقل . (٤) كذلك نقل ذلك التستري المتوفي ١٠١٩ هجري في كتابه مجالس المؤمنين

فكان من أدوار بهلول قضاءه حوائج شيعة أهل البيت عليهم السلام وحل مشاكلهم وتفريج همومهم وإنقاذهم من يد السلطان متخفي بستار الجنون . ورغم ذلك كما قيل عنه أنه كان لا يأخذ أي هدايا أو منح من الرشيد، فقد كان يكتفي بدوره فقط، في أن يكون قريباً منه.

وكان(رضي الله عنه) في قمّة الكمال والمعرفة والعقل، وللتخلّص من شرور خلفاء العبّاسيين كان يتصرّف تصرّف المجانين، ويُظهر الهذيان والسفاهة، وذلك بأمر من الإمام الكاظم(عليه السلام)؛ لحفظ نفسه ودينه، والتمكّن من التصرّف على إزهاق الباطل وإظهار الحقّ عن طريق البلاهة والسفاهة، فاشتهر بالمجنون خلافاً للواقع والحقيقة؛ لعلوّ مقامه وفضله وجلالة قدره. (٥)

ومن أدوار الإمام الكاظم عليه السلام مواجهة المنحرفين مثل الزيدية والإسماعيلية والفطحية والملاحدة

كذلك له مناظرات مع بني العباس على أحقيته وقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

حوار الإمام الكاظم مع هارون في شأن الناس حينما قدم المدينة المنورة حيث استقبله بحفاوة وأجلسه مجلسه وقال ما حاجتك يابن العم

فقال : إن الله عز وجل قد فرض على الولاة عهده: أن ينعشوا فقراء هذه الأمة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني، وأنت أولى من يفعل ذلك.

فقال: أفعل يا أبا الحسن. ثم قام فقام الرشيد لقيامه، وقبل بين عينيه ،..

وفي موضع آخر من الحوار مع هارون

قال: زدني يا موسى!

قلت: المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك.

فقال: لا بأس به.

فقلت: إن النبي لم يورث من لم يهاجر، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر.

فقال: ما حجتك فيه.

قلت: قول الله تبارك وتعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) وأن عمي العباس لم يهاجر....إلى أن وصل الحوار

 

حوار بين عبد الله المأمون مع أبيه هارون بعد ذهاب الإمام الكاظم عليه السلام

ثم انصرفنا وكنت أجرأ ولد أبي عليه، فلما خلا المجلس قلت:

يا أمير المؤمنين ومن هذا الرجل الذي أعظمته وأجللته، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟

قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده.

فقلت: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟

فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني أنه لأحق بمقام رسول الله مني ومن الخلق جميعا، ووالله لو نازعتني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، لأن الملك عقيم. (٦)

خلال هذه المدة سجن الإمام ثلاث مرات في سجن هارون العباسي حتى استشهد في سجن السندي بن شاهك وكان ناصبياً حقوداً.

 

٣-جواهر من الإمام الكاظم عليه السلام

أ-في التوحيد

عن محمد بن أبي عمير،

 قال:دخلت على سيدي موسى بن جعفر عليهما السلام، فقلت له: يا ابن رسول الله علمني التوحيد فقال: يا أبا أحمد لا تتجاوز في التوحيد ما ذكره الله تعالى ذكره في كتابه فتهلك، واعلم أن الله تعالى واحد، أحد، صمد، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا شريكا، وإنه الحي الذي لا يموت، والقادر الذي لا يعجز، والقاهر الذي لا يغلب، والحليم الذي لا يعجل، والدائم الذي لا يبيد، والباقي الذي لا يفنى، والثابت الذي لا يزول، والغني الذي لا يفتقر، والعزيز الذي لا يذل، والعالم الذي لا يجهل، والعدل الذي لا يجور، والجواد الذي لا يبخل، و إنه لا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، ولا تحيط به الأقطار، ولا يحويه مكان، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير قال تعالى {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} وهو الأول الذي لا شيء قبله، والآخر الذي لا شيء بعده، وهو القديم وما سواه مخلوق محدث...(٧) .

 

ب-في العلم و التعلم و التفقه

روي عن الإمام الكاظم عليه السلام [ تفقهوا في دين الله، فإن الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا.(٨)

وري عنه : رحم الله عبدا تفقه، عرف الناس ولا يعرفونه.

وري عنه : لكل شيء دليل ودليل العقل التفكر.(٩)

 

ج-مكارم الأخلاق

روي عنه عليه السلام : من صدق لسانه زكى عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره.(١٠)

وروي عنه : ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنا استزاد الله، وإن عمل سيئاً استغفر الله وتاب إليه.(١١)

 

بقلم : زاهر حسين العبد الله .

 

المصادر

(١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٢ - الصفحة ٣٧٦.

(٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٢ - الصفحة ٣٥٠ .

(٣) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٧ - الصفحة ١٩٢.

(٤) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج ٣ - الصفحة ٦١٧.

(٥) أعيان الشيعة ۳ /٦١٧.

(٦) عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج ٢ - الصفحة ٨٥ .

(٧) التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٧٦.

(٨) بحار الانوار ج10 ص247 ح13

(٩) نزهة الناظر ص122 ح2

(١٠) اصول الكافي ج1 ص38

(١١) وسائل الشيعة ج16 ص 95 ح21074

 

 

هناك 4 تعليقات:

  1. سيد عبد الله هاشم العلي
    جميل وفقك الله

    ردحذف
  2. ش علي الحجي
    تتميز المحاضرة بأمور :
    1 : جودة المحتوى
    بما يعرف بالإمام الكاظم عليه السلام .
    والأخذ من جواهر كلمه .

    2 : سلاسة الحديث
    وكأنك تتابع مسلسل قصير وجميل .

    3 : الهدوء الجميل
    وهو مناسب .
    فاذا كان في حفل كبير احتاج رفع الباور لشد الانتباه أكثر خاصة للشباب 🌹🌹🌹 .

    موفق ياشيخ بوسجاد

    ردحذف
  3. ش محمد العلوي
    ل جميل جدا في عبارات موجزة أشرت إلى نكات كثيرة ومفيدة
    موفق لكل خير

    ردحذف
  4. صادق الأحمد بورضا

    ولانني لشغوف جدا لكتاباتك حيل
    الموضوع مريح للنفس موفق دائما ببركات اهل البيت لك ان شاء الله صدقة جارية لك ولوالديك

    ردحذف

حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟

  🔲 حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟ ☝️السائل:   سلام عليكم بوسجاد كلما تنصح أحداً أو تنبه أحداً أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر مبا...