🔲 حوارية (١٢٨) لماذا تفرضون الوصاية علينا؟
☝️السائل:
سلام عليكم بوسجاد كلما تنصح أحداً أو تنبه أحداً أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر مباشرة يفهمك غلط ويقول لماذا تمارسون علينا الوصاية أو تفرضون الوصاية علينا خلكم في حالكم؟
ما هي أسباب ذلك وكيف نعالج هذا المفهوم الخاطئ؟
✋الجواب بسمه تعالى :
أولاً : نحتاج أن نعرف معنى الوصاية ثم نحلل الجواب ونحاول نعالج المفهوم
الوصاية في اللغة
الوِصَايَةُ :الولايةُ على القاصر
الوِصَايَةُ : نظام قانونيّ لحماية القُصَّر، وهم مَنْ لم يبلغوا سِنّ الرُّشْد
وعليه كلمة وصاية تعني القائم برعاية القاصر أو الذي لا يحسن التصرف في أموره أو بعض الأمور
ولكن للأسف الشديد كل من لا يحب النصيحة أو التنبيه أو التوجيه أو التحذير يتهمون من يمارس ذلك في المجتمع بالوصاية ويحمّلون فعله فوق ما يحتمل من المعاني بحيث إذا نُصح أو حُذر يشعر أنك تمارس السلطة عليه أو تتهمه بالجهل وعدم حسن التصرف وهذا وهم كبير انتشر في المجتمع ضد طلاب العلم الصالحين أو المثقفين المنصفين أو المتصدين في المبرات الخيرية في المجتمع وغيرهم
💡ملاحظة
لا ننكر أن لكل قاعدة شواذ هناك من يمارس هذه الوصاية بمعنى التسلط على رقاب الناس وقراراتهم وخياراتهم ويستخدمها بطريقة خاطئة
وهناك من يمارس الوصاية دون قصد أصلاً بل لا يعلم أنه يمارس ذلك التسلط بل يعتقد أن مايقوم به أمر ضروري لحفظ العمل الذي يقوم به . وهناك من يمارس الأسلوب الخاطئ في النصيحة والتوجيه ولا يراعي الفروق الفردية والعادات والتقاليد الحاكمة في ذلك المجتمع ،
ولكن لو تأملنا بعين القلب والعقل من يقوم بعملية التحذير أو التنبيه أو النصيحة فهو نابع عن حب صادق صافٍ لمن خاطبه وهذه فطرة سليمة يمارسها المجتمع فيما بينهم إذا رأى أحدهم أخاه أو جاره أو ابن حارته أو مجتمعه. يريد أحد من الناس خداعه أو الكذب عليه فيرى أنه واجب عليه أن يمسكه جانباً أو يرسل له رسالة خاصة حباً له ينصحه من باب المسؤولية التي يشعرها تجاهه ولذا جاء الإسلام ليعزز هذه الحالة الإنسانية في الإنسان ويضعها في أطرها المناسب لها.
وهنا سنقف على بعض الآيات والروايات التي تحث على القيام بهذه المسؤولية تجاه إخوانه في نصيحتهم وتحذيرهم أو أمرهم بالمعروف والخير أو نهيهم عن المنكر.
السائل:
أتمنى أن تذكر لنا شواهد من القرآن الكريم والعترة الطاهرة على ما ذكرتم.
الجواب:
نبدأ بقوله تعالى
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّـهَ ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦)} التحريم.
مفاد هذه الآية الكريمة أن الإنسان مسؤول أن يقي نفسه وأهله ومن تحيط به عنايته ومجتمعه الذي يحبهم من أن يقعوا في المحرمات أو الشبهات وذلك بتطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطها المقررة في الرسائل العملية عند المراجع حفظهم الله تعالى.
الذين ثبت علمهم وشهرتهم وورعهم في الأوساط العلمية
وقد ذكر في قوله تعالى في استحباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث
قال { وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(١٠٤)}آل عمران .
ودلالة الآية القرآنية واضحة في التوصية الخاصة من الله سبحانه بأن توجد ثلة مؤمنة تقوم بدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو تأملنا في الآية بشكل أدق لرأينا أن الأمر هو فرض أخلاقي على جميع المسلين تجاه بعضهم البعض وهذا المعنى تؤكد عليها الروايات الشريفة نذكر من ضمنها
ما رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام ( اسمعوا النصيحة ممن أهداها إليكم، واعقلوها على أنفسكم)
وروي عنه ( أشفق الناس عليك أعونهم لك على صلاح نفسك، وأنصحهم لك في دينك )
وروي عنه (ع) ( طوبى لمن أطاع ناصحا يهديه، وتجنب غاويا يرديه )
وروي عنه (ع) ( من أمرك بإصلاح نفسك فهو أحق من تطيعه )
وروي عنه (ع)( لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا يحبون الناصحين )
وروي عن الباقر عليه السلام (اتبع من يبكيك وهو لك ناصح، ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش)
م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٢٨١ .
فالمتأمل في الروايات بعين القلب والعقل يجدها تنبع حباً وصدقاً ووفاء لمن ينصحك ويعزز الترابط في المجتمع والرقي في أقوالهم وأفعالهم ولكن كما بينا وفق الضوابط الشرعية المقررة في الرسائل العملية للمراجع العظام رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين .
بعد هذ الكم من الآيات والروايات هل سيبقى عند كل منصف حجة على ترديد - لا تمارسون الوصاية علينا- . فعلينا أن ننظر بعين الحب للجميع وحسن الظن خصوصاً إذا كان الناصح يخبرك سراً بينك وبينه لا ينصحك أمام الناس لأن هذا مذموم في الروايات ،فالناصح لك سراً أكثر صدقا وحباً لك كما ورد في الرواية عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ( من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه )
م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٩٩
☝️السائل :
أحسنتم جوابكم واف وطيب ولكن لماذا لا يتقبل البعض النصيحة أو التوجيه؟
الجواب :
يفهم البعض من النصيحة عدة أمور وهي خطأ في غالب الأحيان أو وهم كما ذكرنا بعضها سابقاً.
١-يعتقد البعض حين تنصحه أنك لست أهلاً للنصيحة فكيف تنصح. نقول له حتى لو كان كذلك يكفي أن تشكره على نصيحته أو ترمي بنصيحته البحر في النهاية القرار لك وليس له .
٢-يعتقد البعض أن من له حق النصيحة طالب العلم الذي يحبه فقط وغيره لا . نقول له ماذكرناه من آيات وروايات تنفي هذه الاعتقاد الخاطئ بل الكل مطالب بالنصيحة وهذا حق أخلاقي وقيمي يمارسه الأحبة فيما بينهم .
٣-يعتقد البعض إذا نصحته أنك تقر بجهله وأنه لا يفهم . نقول له مشتبه كون أن أحذرك أو أنبهك على أمر هذا لا يعني أنك في كل أمورك جاهل فإن الكمال لله وحده سبحانه وكلنا نكمل بعضنا من خلال النصيحة .
٤-يعتقد البعض لولا أنه رآني ناقصاً لما نصحني. نقول له مشتبه فالخطأ وارد من كل أحد دون المعصومين عليهم السلام فالكل معرض للنقص في جانب من الجوانب وهذا أمر طبيعي جداً .
٥-يعتقد البعض أن كل من يتصدى للنصح والتوجيه أساليبهم جافة وتقال في غير محلها. مشتبه ليس الكل كذلك بل الكثير من الناس يستعملون الأسلوب الأمثل. هذا لا ينفي وجود حالات شاذة لا تلتزم الأسلوب الأمثل .
٦-يعتقد البعض إذا نصحته أنه أفضل منك وهذا وهم . نقول له هذا اشتباه كما بينا سابقاً فهذا الإنسان يعبر عن حبه لك بنصيحتك وليس لأنه أفضل منك وهذه وساوس شيطانية كي تبتعد عن العمل بالنصيحة فلا تصغي له .
☝️السائل :
شكر الله سيعك ورحم الله والديك هذا يكفيني
✋الجواب :
الشكر لله وغفر الله لك ولوالديك والحمد لله رب العالمين .
✍️زاهر حسين العبدالله